التّعلم والتدريب
لا شكّ في أن القدرة على التَّعلم هي واحدة من أهم الصّفات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، فالتّعلم هي دورة حياة الإنسان نفسه، تبدأ بولادته وتنتهي بوفاته، ومن الخطأ أن يقف الإنسان عن التّعلم لحظة تخرجه من الجامعة أو لحظة قبوله في وظيفة، فالتعليم المستمر هو الإصرار على اكتساب المعرفة والكفاءات والمهارات من أجل توسيع مجموعة المهارات الخاصة وتطوير الفرص المستقبلية، ومنع ظهور فجوات في مهارات الموظفين مع سوق العمل، وتطوير الناحية الشخصية والمهنية وذلك لتجنب الركود.
إنّ اكتساب المعارف والمهارات الجديدة ضرورةً للشخص الذي تقف علومه عند حدّ معين ولا يتطور، فسيأتي عليه يوم ولن يستطيع مواكبة التطورات السريعة التي تحدث في عالم الأعمال، لذا انتشر مفهوم تدريب العاملين في الآونة الأخيرة بين الشركات سواء كانت حكوميةً أو خاصةً في سبيل رفع كفاءة أداء عامليها، وقد خُصِّصت برامج محددة يشرحها مدربون معتمدون، الأمر الذي أعطى للبرنامج طابعًا احترافيًّا متميزً، وفي المقال الآتي ذكر آثار التدريب في رفع كفاءة آداء العاملين، بالإضافة إلى تعريف مفهوم التدريب وبيان أنواعه.
أثر التدريب على الآداء الوظيفي
يعد التدريب عملية ذات تأثير فعّال على مردودية الموظفين وإنتاجيتهم، وهو ضروري للمحافظة على قوة عمل ذات كفاءة عالية، ولا شك أن إنتاجية الموظفين أمر حيوي لنجاح العمل، ولكنها تتطلب الكثير من العمل من أصحاب الأعمال والموظفين على حدّ سواء،وفيما يلي ذكر لأثر التدريب على الآداء الوظيفي:
- يُساعد التدريب في تعريف الموظف على الأهداف التي يجب أن يحققها للشركة، ومن المعروف أنّ تحديد الأهداف يعني تحديد الوقت وتنظيمه والوصول إلى إنتاجية معينة في موعد محدد.
- يُساعد التدريب في تعريف الموظفين الجدد بسياسة الشركة وطبيعة عملهم والواجبات المطلوبة منهم، وبالتالي يقلل من فرصة الوقوع في الأخطاء ويزيد نسبة الالتزام بالتعليمات والأنظمة.
- يُساهم التدريب في تقليل الثغرات والفجوات بين المؤسسة والبيئة المحيطة بها، فالمجتمع يتغيّر باستمرار ويتطوّر بسرعة فائقة، مما يُجبر المؤسسات على مواكبته وتطوير قدرة الموارد البشرية لديها لتناسب المتطلبات الجديدة.
- يساعد التدريب على تزويد الموظف أثناء الخدمة بمعلومات أو مهارات معينة عند إدخال تعديلات في أساليب العمل وطرقه أو في الأنظمة والقوانين.
- يُساهم التدريب في إيجاد حلول عقلانية وسريعة للمشكلات المتكررة التي تواجه المؤسسات، كما يقلل من فرصة حدوثها مرة أخرى.
- يُساعد التدريب في تحقيق مستويات عالية من آداء العمل؛ وذلك لأنَّه يُعطي الموظفين فرصة استخدام أساليب علمية متطورة، كما يُشجّع الموظف على الابتكار والإبداع وإيجاد طرق جديدة لرفع الإنتاجية .
- يعطي التدريب الموظف فرصة للاطّلاع على الآلات التكنولوجية الحديثة، فيتعلّم كيفية التعامل معها واستخدامها، مما يُساهم في تحسين الخدمات التي تقدمها المؤسسة وطريقة تقديمها وعرضها لمنتجاتها، مما يعكس صورة إيجابية لدى العملاء.
- يكون التدريب في الغالب مربوطًا بالحوافز والترقيات والمكافآت الماديّة مما يُساهم في زيادة انتماء الموظف لشركته التي تسهِّل له فرص التعلُّم وتساعده في تطوير نفسه، مما يشجع الموظفين على زيادة آدائهم وقدرتهم على العمل لنيل المكافئة والتقدير.
- التدريب عامل تحفيزي يعزز معرفة الموظف تجاه وظيفته؛ فيصبح الموظف بارعًا في وظيفته وقادرًا على إعطاء نتيجة أفضل.
- يلعب دورًا أساسيًا في تحسين الآداء وزيادة الإنتاجية؛ فالتدريب له علاقة مباشرة بآداء الموظفين والآداء الناتج عنه، ويعزز من مشاركتهم ويمكن أن يقلل من فرص تركهم للعمل.
- تدريب الموظفين على المهام المختلفة تجنب فجوات الإنتاجية التي تحدث في حالة اضطرار أحد الموظفين على المغادرة.
- دعم انتماء الموظفين إلى وظائفهم من خلال ربط الآداء الوظيفي مع زيادة الإنتاج.
تعريف التدريب
يمكن تعريف التدريب بأنه نشاط منظم يهدف إلى نقل المعلومات لتحسين آداء الموظفين والعاملين أو متلقي التدريب عامةً وتطويرهم أو مساعدتهم على تحقيق مستوى مطلوب من المعرفة أو المهارات التي تساعد الأفراد على آداء المهمات بشكل أفضل، فبيئة التّدريب تتخذ الجانب العملي المباشر التي تجعل العامل ممارسًا للمهارة باحترافية، وعادةً ما تُعقد برامج التدريب تلك في المؤسسات المهنية أو المعاهد المتخصصة وربما أماكن العمل نفسها، وتحرص المؤسسات على إخضاع عامليها لمثل هذه البرامج؛ لأنّها تهدف إلى رفع كفاءة العمالة المسؤولة مباشرةً عن تحسين أعمال المؤسسة نفسها ومنتجاتها أو ما تقدِّمه للعملاء، لذا تنفق أموالًا طائلة على هذه العملية المهمة لثقتها بأنَّ مردودها سيجعل الشركة ترتقي على منافسيها بما تقدِّمه.
خصائص التدريب
توجد خصائص مهمة للتدريب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لضمان أفضل النتائج، وهي:
- السماح بالعمل سويًا وحلّ المشكلات، ومشاركة مصادر مختلفة من المعلومات والخبرات.
- السماح بتنظيم المعلومات مع مراعاة الفروق الفردية بين الموظفين.
- السماح للموظفين بالتعاون مع الآخرين لتحسين خبرتهم في التعلم.
- يجب أن تتضمن برامج التدريب تخصصات ومجالات مختلفة من مجالات المعرفة.
أنواع التدريب
تتعدد أنواع التدريب التي يمكن للمتدرب أن يخضع لها، فيما يأتي إجمالها:
- التدريب المباشر: التدريب بقيادة مدرب أو ما يسمى المباشر، وهو النوع التقليدي المتعارف عليه والذي يحدث في الفصل الدراسي، إذ يوجد مدرس يقدم المادة، وتوجد العديد من العيوب لهذه الطريقة، فهي تحتاج وقتًا وتكلفةً لتنفيذها.
- التعلم الإلكتروني: يعتمد التعليم الإلكتروني على مقاطع الفيديو والدورات التدريبية والاختبارات عبر الإنترنت، وتعد أسهل أنواع تدريب الموظفين، ويمكن تدريب عدد كبير من الموظفين باستخدام هذه الطريقة.
- التدريب العملي: ويكون ذلك بمباشرة الموظف في الوظيفة وتدريبه بمساعدة موظف آخر ليركز على الاحتياجات الفردية التي يحتاجها ويطوّر من مهاراته.
- التدريب أو التوجيه: يقع التوجيه أو التدريب في المنتصف بين التعليم المباشر والتدريب العملي، ويتشاركان بخصائص مشابهة للتدريب العملي، إلا أنه يوجد تركيز على العلاقة بين الموظف والمهني ذي الخبرة، كما توجد فرصة أكبر للموظف لطرح أي أسئلة.
- المحاكاة: وذلك باستخدام جهاز كمبيوتر أو جهاز الواقع الافتراضي، أي جهاز يشبه الحقيقي، وتستخدم هذه الطريقة بالتدريب في القطاعات ذات المخاطر العالية مثل؛ تدريب الأطباء والطيارين، فلا يوجد مجال للمخاطرة.
- المحاضرة: يمكن تدريب عدد كبير باستخدام أسلوب المحاضرة.
- مناقشات المجموعة والأنشطة: يمكن أن تُجرى هذه العملية عن طريق طرح النقاش عبر الإنترنت بين أعضاء المجموعة، يراجعها المشرف على المجموعة لاحقًا، وتتبع هذه الطريقة نهجًا تعاونيًّا تجاه المشكلات المعقدة.
- لعب الأدوار: يطلب تمثيل العديد من الأدوار من الموظفين، ويلعب كلّ موظف دورًا مختلفًا، وتغطي تلك الأدوار العديد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقة بين الموظف وصاحب العمل، إلا أن هذا النوع من التدريب يحتاج إلى وقت طويل.
- دراسات الحالة: يمكن لطريقة دراسة الحالة أن توفر طريقة سريعة للموظفين لمعرفة المزيد عن القضايا الحقيقية التي يمكن مواجهتها في مكان العمل.
أهم كتب التدريب
من الكتب المهمة في مجال التدريب والتي يجب الاطّلاع عليها:
- كتاب 22 سرًا إداريًا لتحقيق الكثير بالقليل: لـ (جون زينجر) ويقول فيه عن أهمية التدريب: إن الحاجة ماسّة للتدريب فعلًا، فالمنافسة العالمية والقوة العاملة دائمة التغيير، والأشكال الإدارية الجديدة والتكنولوجيا الحديثة كلها أمور قد فرضت متطلبات وأعباء ضخمة على أفرادنا، وإذا كان على قوة عاملة صغيرة في شركة قلّصت حجمها أن تؤدي وحدها كلّ الأعمال فلا بد من أن نرفع من مستوى مهاراتها.
- كتاب التدريب والتطوير: تعزيز مهارات الاتصال والقيادة: يقترح هذا الكتاب أن كلّ جانب من جوانب تطوير البرنامج التدريبي ينبغي أن يستند إلى احتياجات المتدربين، كما يوفر هذا الكتاب للقراء أمثلة على استبيانات تقييم الاحتياجات، وخطط التدريب وتحليل المهام.
- كتاب المتعلم البالغ: يتحدث هذا الكتاب عن المبادئ الأساسية للتدريب بالإضافة إلى مقالات مهمة من خبراء رئيسيين آخرين حول العالم للحصول على رؤية شاملة حول موضوع التدريب.
- كتاب التعلم والتطوير: بقلم تريشيا إيمرسون وماري ستيوارت، تهدف الأفكار الموجودة في هذا الكتاب إلى المساعدة عندما تشعر بالإحباط وتريد التوقف؛ فيخبرك هذا الكتاب عن الأفكار والمفاهيم البسيطة للمساعدة في توضيح هذه الاحتياجات وإلقاء الضوء على جهود التعلم والتطوير.
- تدريب وتطوير الموظفين: للكاتب ريمون نوي، ويوفرهذا الكتاب للقراء خلفية قوية في أساسيات التدريب والتطوير مثل تقييم الاحتياجات ونقل التدريب وتصميم بيئة التعلم والأساليب والتقييم.
- نقل التعلم إلى السلوك باستخدام المستويات الأربعة لتحسين الآداء: بقلم دونالد ل كيركباتريك وجيمس دي كيركباتريك، يبحث أولاً لماذا لا تجعل المفاهيم العملية موضع التنفيذ، ثم يقدم الحلول التي يمكن أن تجرى في العالم الواقعي، ويقدم الكاتب خمس متطلبات مسبقة تساعد المنظمة على تحقيق النجاح التدريبي النهائي.
- المساهمة في التطور التكنولوجي.
الصعوبات التي تواجه الموظفين في العمل
يواجه الموظف العديد من المشاكل في مكان العمل منها:
- ضغط العمل الكبير على الموظف وعدم قدرته على تحمل هذا الضغط.
- عدم الاتفاق مع زميل العمل، خاصة إذا خاض منافسة غير شريفة أثناء العمل.
- العمل لا يحصل على التقدير، يعني أن يبذل الموظف جهدًا كبيرًا في العمل، ولكنه لا يحصل على الثناء والتقدير من المدير، ودور المدير مهم في نجاح الموظفين وتحسين آدائهم في العمل، وعدم تقدير عمل الموظفين قد يشعرهم بالملل والتكاسل.