أثر تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في تجاوز التعثر اللغوي – المغرب نموذجا
تقديم
إن البحث الذي اخترنا الاشتغال عليه ارتأينا أن يكون موضوعه هو دور المعلوميات والوسائط الجديدة في تجاوز التعثر اللغوي الذي يعترض المتعلم في تحصيل اللغات عامة واللغة العربية خاصة.
وتأتي هذه المداخلة في هذا السياق علما أن أكبر ثورة عرفتها الإنسانية اليوم هي الثورة الرقمية التي عملت على انتقال الإنسان من التواصل بالكلمة إلى التواصل بالصورة، مما جعل البعض ينعت هذا العصر بعصر الصورة.
وهذا المفهوم يعني أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر تطغى عليه الصورة بشتى أصنافها وأنواعها، مما يجعل الاستغناء عن هذه الوسائط الجديدة أمرا متعذرا إن لم نقل مستحيلا.
هذا التطور في أشكال التواصل جعل الوسائط الجديدة جزءا من حياة الإنسان عامة والمتعلم خاصة، فهذه الوسائل لها الأثر القوي و الحضور الفاعل في حياة المتعلم اليومية فيما يمارسه من أنشطة صفية أو خارج صفية، مما يفرض استثمارها والاستفادة من نتائجها وآثارها واستغلالها في حصص تقديم المعارف والموارد التعليمية، أو في حصص التقويم والمعالجة، أو في حصص الأنشطة المتعلقة بدعم التعثرات التي تصاحب عملية التعلم.
باعتبار أن الدعم هو نشاط يمكن المتعلمين من تجاوز الصعوبات الذاتية والموضوعية، و يساعدهم على تصحيح الأخطاء التي تعترض طريقهم وسبيلهم في تحصيل المعارف أو في اكتساب الموارد التي لها صلة مباشرة وقرابة بالأنشطة اللغوية التي يتلقونها في الفصل الدراسي.
ومما يعزز استخدام هذه الوسائط والتقنيات الجديدة ويوسع من مجال حضورها واستخدامها في ميدان التربية والتعليم، كون هذه الوسائط تعد من أبرز تجليات المستجدات التربوية التي تعرفها المنظومة التعليمية في المغرب في السنين الأخيرة.
وعليه فإن هذا الإشكال التربوي والبيداغوجي المركب هو ما نسعى إلى بيانه وإظهاره والاشتغال عليه في هذه المشاركة التي اخترنا لها عنوان:- أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تجاوز التعثر اللغوي.
– تكنولوجيا المعلومات و الاتصال السياق والمسار والأوصاف
إن من أبز التحولات التي شهدتها الفترة المعاصرة هو ظهور إعلام جديد بمواصفات غير معهودة ولا مألوفة في حياة الانسان وهو إعلام الوقائع البديلة الذي دشن عصرا جديدا في حياة الانسان.
وهذا الإعلام الجديد ارتبط بالاشتغال على العلوم التقنية و توظيفها من أجل الإسهام في خدمة البشرية وحل مشاكلها اليومية من أجل المساهمة في تقدمها ونموها …..
ومن أبرز هذه التقنيات الجديدة التي اقتحمت حياة الإنسان في جميع الجوانب والمستويات، وأصبحت جزءا من حياته وأعماله، الاشتغال بالرقميات والوسائط الجديدة ، واستثمارها في جميع المجالات الحيوية المرتبطة بحياة الإنسان.
ومما يميز هذه الوسائط هو سهولتها في الاستخدام و يسرها في الاستعمال، واستجاباتها لحاجيات ومتطلبات المتعلم في التعلم وفي التحصيل، و مراعاتها للمستوى النفسي والعمري والوجداني للمتعلم، واستحضارها لقدرات وإمكانيات المتعلم الذاتية والموضوعية.
وقد تبنت الحكومة المغربية ابتداء من سنة 2005 الاستراتيجية الوطنية لتعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال في قطاع التربية والتعليم، مع المساهمة نحو الاندماج الافضل والسهل لهذه التقنية في المدرسة المغربية بشكل تدريجي لهدف تحسين التحصيل الدراسي والرفع من جودة التعليمات.
ومن تجليات هذا التبني والاختيار البدء في توفير وإعداد المضامين التعليمية وإعادة النظر في البرامج حتى تكون محولة في الموارد الرقمية الموازية للبرامج التعليمية المعمول بها في المدارس العامة او الخاصة، على أساس تحقق التوافق والانسجام بين هذه الموارد الرقمية وبين المناهج التعليمية المدرسية المعمول بها في جميع الاسلاك التعليمية، مع السعي نحو العمل على نشر ثقافة الإعلاميات في الوسط المدرسي وبين العاملين والمشتغلين بها في قطاع التربية والتعليم.
– تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في الوسط المدرسي
لقد تسللت هذه التقنيات الجديدة إلى الفضاء المدرسي بشكل كبير، باعتبار أن هذه التقنيات والوسائط الجديدة أصبحت تمنح للمتعلم مجموعة من المؤهلات، وتقدم له مجموعة من الإمكانيات، وتوسع من قدراته في التعلم وفي اكتساب المعرفة، وفي تحصيله للغات، وفي نماء كفايته التواصلية والتعبيرية، مما ييسر له إنجاز ما يطلب منه من أعمال وواجبات في حصص الأنشطة الصفية ، أو في الأعمال الخارجية خاصة الأعمال المنزلية.
وبالتالي فإن إدماج تكنولوجيا المعلوميات في الوسط المدرسي شكل خيارا استراتيجيا في المدرسة المغربية، لأن التحكم في هذه الوسائط يعني تأهيل الناشئة لمسايرة التحولات الجديدة التي يشهدها علم المعرفة اليوم في مختلف المجالات.
إن هذه الخصائص والمميزات والمواصفات الحاضرة في هذه الوسائط ، قد مكن هذه الوسائط من أن تنتشر بشكل واسع في الوسط المدرسي، وأهلها من أن تكون من أبرز تجليات المستجدات التي يعرفها قطاع التربية و التعليم في مختلف دول العالم بما في ذلك المغرب الذي راهن على الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصال، واختارها في وقت مبكر لتكون من إحدى الدعامات الأساسية في العملية التعليمية التعلمية في قطاع التربية والتعليم، رغم الإكراهات والصعوبات والمعيقات والعراقيل التي رافقت هذا الاختيار و هذا التبني من حيث التنزيل والأجرأة والتطبيق.
والذي يسر من فاعلية دمج تكنلوجيا المعلومات و الاتصال في قطاع التربية والتعليم أن الأبحاث الميدانية و الدراسات التدخلية المنجزة حديثا كشفت بالملموس أن التدريس بهذه الوسائط يساهم في تحقيق المتعة الصفية للمتعلم ويجعله أكثر فاعلية وجاذبية ومشاركة وإثارة في بناء وإعداد الدرس.
كما ان هذه التقنية ترفع من دافعية المتعلم نحو التعلم وتكسبه كثيرا من المهارات والمعارف التي من أبرزها تحقيق مهارة التعلم الذاتي و البحث المستمر على ما تحقق من مستجدات في العالم الرقمي.
كما أن إمكانيات هذه الوسائط في تحقيق أهداف التعلم بمختلف شعبها وفصولها معرفية كانت أم سلوكية أم مهارية، يفوق بكثير إمكانيات الطرق المعهودة و المألوفة في مجال التدريس.
فالمتعة الصفية والتنشيط والإثارة وحضور دافعية التعلم بشكل جلي عند المتعلم من أبرز مواصفات هذه الوسائط في العملية التعليمية التعلمية. و مما يعزز استخدام هذه الوسائط والتقنيات الجديدة ويوسع من مجال حضورها واستخدامها في ميدان التربية والتعليم ،هو أن هذه الوسائط تعد من ابرز المستجدات التربوية التي تعرفها المنظومة التعليمية في المغرب في السنين الأخيرة.
ولعل من الاعتبارات المشجعة والسياقات المحفزة في هذا الاستثمار هو أن الانتشار المتزايد في الأوساط الداعية إلى اعتماد التقنيات والوسائط الجديدة والعمل على استثمارها وإدخالها في التعليم عامة وتعليم اللغة العربية خاصة .
من خلال الانطلاق من العمل المبدئي على استثمار نتائج البحث الرقمي، وربطه بمجال تعليم اللغات عامة واللغة العربية الفصيحة خاصة عبر استثمار معارف المتعلم الأولية، و تمثلاته السابقة عن المعارف الأولية التي تلقاها من وسطه القريب.
ومن السياقات الداعية الى استثمار التقنيات الجديدة هو ان السياق التعليمي يعرف طلبا متزايدا على هذه الوسائط في الوسط المدرسي، واستجابة للمذكرات الوزارية الداعية الى إعمال هذه التقنيات والوسائط الجديدة في مختلف المواد الدراسية وفي مختلف الأسلاك التعليمية
من هنا جاء حضور هذه الوسائط والموارد الرقمية في الوسط المدرسي بين جميع المتدخلين في العملية التعليمية خاصة في محور بناء التعليمات أو في محور تجاوز الصعوبات والتعثرات اللغوية التي تعترض سبيل المتعلم في انشطته الصفية، لا سيما أن جميع المؤشرات والبحوث والسياقات تؤكد أن المتعلم المغربي يعاني من صعوبات كبيرة ومن تعثرات شديدة في محور تعلم اللغات عامة واللغة العربية خاصة.
– تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في الوسط المدرسي: الإنتاج والإعداد
ان اقتحام هذه الوسائط للوسط المدرسي، ينتج عنه إعداد المضامين الرقمية سواء في التخطيط للأنشطة الصفية المدرسية أو الإعداد للأنشطة الخارجية التي تنمي مهارة التعلم الذاتي عند المتعلم في جميع الأقطاب المعرفية التي يتلقاها المتعلم في الفصل الدراسي، بجعل هذه الأنشطة ممارسة يومية للمتعلم تتم مباشرة في الحواسيب أو على السبورات الإلكترونية التفاعلية أو على الشاشات الحاملة للموارد الرقمية.
لان هذه التقنيات تتميز في كثير من الأحيان بالسهولة والسرعة والتنوع في الاختيارات، بما قد تضمنه وتتحمله من فرص للتواصل والتتبع خاصة خارج أوقات الدراسة الرسمية. مما يستدعي من المعلم والمدرس البحث عن مختلف السبل لاستكمال التدريب والتكوين في مجال استخدام تقنيات الإعلام في بناء التعليمات .
ومن أبرز ما حملته مشاريع الإصلاح دعوتها وإلحاحها على ضرورة إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العملية التعليمية التعلمية، فالرؤية الاستراتيجية من حيث هي خطاب في الإصلاح التربوي خصصت مشروعا خاصا حمل اسم تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم من خلال العمل على تكوين مختصين في البرمجيات التربوية والإعلاميات البيداغوجية والعمل على إنتاج المضامين والموارد التعليمية الرقمية، لتكون في متناول العاملين والمتدخلين في قطاع التربية والتعليم.
-البرامج الرقمية في المدرسة المغربية
موازاة مع التحولات التي يشهدها العالم في ميدان الرقميات، اختارت المدرسة المغربية الانخراط في الثورة الرقمية التي يعرفها العالم اليوم من خلال ما سمي ببرنامج جيني ” genie ” الذي يهدف إلى تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم بخلق قاعات متعددة الوسائط مجهزة ومرتبطة بشبكة الإنترنت وتوزيع الحقائب متعددة الاختصاصات على أطر التربية والتعليم في جميع المدارس التعليمية وبجميع أسلاكها.
ومن أبرز أهداف هذا البرنامج:
-تحسين التعلمات بواسطة استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسائل ديداكتيكية معينة من قبل المدرس.
-امتلاك التلميذات والتلاميذ للتكنولوجيا لإدماجهم في المجتمع الرقمي ومجتمع المعرفة.
– جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محركا للتنمية البشرية بحضورها في الفضاءات المدرسية.
– جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مصدرا للإنتاجية وقيمة مضافة لباقي القطاعات الاقتصادية وللإدارة العمومية.
– جعل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إحدى دعامات الاقتصاد والتنمية من خلال حضوره في قطاع التربية والتعليم .
– تكوين كل الفاعلين التربويين والإداريين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
– اقتناء المضامين الرقمية الملائمة للمناهج والمقررات الدراسية الوطنية.
– تطوير الاستعمالات من خلال سياسة المصاحبة وتثمين الممارسات الجيدة.
– تجهيز المؤسسات التعليمية لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الوسط التربوي للفاعلين التربويين والتلاميذ.
– وضع استراتيجية قيادة برنامج GENIE.
– إعداد دلائل كاشفة للكيفية التي يتم بها استثمار هذه التقنيات في الوسط المدرسي.
كما حضر برنامج genieفي قلب البرنامج الاستعجالي الذي يعد نفسا جديدا في الاصلاح التربوي بالمغرب، وذلك تحت اسم مشروع e1p10
ومن ثم يعتبر برنامجgenie تجسيدا للاستراتيجية الوطنية من أجل تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي، بحيث كان يطمح هذا البرنامج إلى المساهمة في تحسين جودة التعلمات والرفع من أدائها، وذلك من خلال تعميم الأداة المعلوماتية بمختلف استعمالاتها داخل المدرسة المغربي.
في هذا السياق بالذات أصدرت الوزارة عددا من الدلائل الكاشفة لهذا المشروع والمجلية لمساطره الاجرائية والميسرة لتنزيله وإعماله في الوسط المدرسي: ومن أبرز هذه الدلائل الدليل البيداغوجي العام لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم.
– تكنولوجيات المعلومات والاتصال: الشروط والمقتضيات التربوية والبيداغوجية.
سعيا للتحقيق الأمثل لتوظيف هذه الوسائط ولتعميم الفائدة من هذه التكنولوجيات في الاستخدام والاستعمال، وحتى يتحقق التوازي مع المستجدات التي يعرفها قطاع التربية والتعليم في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصال، ومن أجل التعريف وإطلاع هيئة التدريس وجميع الأطر العاملة بالتعليم على هذا المحور المتعلق بدور الوسائط الجديدة في تقديم الموارد التعليمية وفي حصص التقويم الدعم، فإن التوجيهات التربوية عملت على التحسيس بضرورة استحضار هذه الوسائط في العملية التعلمية التعليمية، وذلك من خلال توفير المعطيات الرسمية والتوجيهات التربوية والدلائل التربوية الراشدة والمساعدة على الاستعمال الحسن والاستخدام الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في التربية والتعليم، منطلقها في هذا الاختيار هو ضرورة الاستجابة للتحديات التي يعرفها مجتمع المعرفة والاتصال ومواكبة أهم المستجدات والتحولات التي يعرفها العالم الرقمي في الحياة عامة وفي الوسط المدرسي خاصة.
ومن أجل الاطلاع على أبرز مستجدات الوسائط الجديدة بما يجب إدخاله وإعماله في قطاع التربية والتعليم، عملت الجهات المسؤولة عن قطاع التربية والتعليم على توجيه الدعوة بشكل مستعجل وصريح إلى العاملين بالقطاع لإدماج التقنيات الجديدة في التعليم سواء في تخطيط وتدبير وإعداد الدرس أو في تقويم معارف المتعلم وعلاج تعثراته في الصعوبات التي تعترضه.
كما مدت المشتغلين بعدد من الموارد الرقمية التي تضم وتحمل مجموعة من الأنشطة والتمارين والتطبيقات وفي جميع أقطاب التعلمات وفي جميع المستويات خاصة أقسام التعليم الابتدائي. هذه الأعمال جاءت استجابة للتحديات التي يطرحها مجتمع المعلومات والمعرفة ولأجل تحقيق للجودة في ميدان التربية والتعليم.
-درس اللغة العربية في التعليم الابتدائي
يحظى درس اللغة العربية بموقع خاص في المنهاج التعليمي المغربي من حيث الحصيص الزمني المخصص لهذا الدرس، ومن حيث المكونات المحمولة فيه، و من حيث الأهداف والمجالات المركبة له.
ذلك أن الخيار التربوي والبيداغوجي الذي سار عليه المغرب وراهن عليه في جميع الإصلاحات التربوية هو تعزيز مكانة اللغة العربية وتقويتها في المنهاج التعليمي، باعتبار أن اللغة العربية هي إحدى مكونات النسيج الحضاري والثقافي، ومن أبرز مرتكزات الهوية الوطنية والدينية للمغرب، مما أهلها لأن تكون لغة مستمرة للأجيال القادمة، وهو الاختيار الذي جعل النظام التعليمي المغربي يحرص على توريثها للأجيال القادمة ويعمل على صيانتها وتقويتها لتقوم بمهامها التربوية و وظائفها التعليمية.
ومن أبرز التوجهات والخيارات في درس اللغة العربية في المدرسة المغربية الرهان على توظيف اللغة العربية الفصيحة في التواصل المدرسي اليومي، وهو ما سُمي بمبدأ التوظيف اللغوي، فقد اعتمد المنهاج الدراسي في تدريس اللغة العربية على مبدأ الوحدات ومبدأ التكامل الداخلي بين مكونات مادة اللغة العربية بتفعيل التواصل اللغوي في الأنشطة المركبة لمكونات مادة اللغة العربية..
ومن المبادئ الأساسية في هذا السياق اعتماد مبدأ الإضمار في تمرير الظواهر الأسلوبية والتركيبية بما في ذلك قواعد اللغة العربية، كما تم الاعتماد أكثر على مبدأ الكيف ومبدأ التدرج والاستمرارية. وقد تم تنويع الوضعيات التعليمية خلال إرساء الموارد وإدماجها في الأنشطة الصفية أوفي تقويمها ودعمها في أنشطة التقويم والدعم، وهو ما سمي بمبدأ التنويع البيداغوجي والديداكتيكي، بتبني المقاربة بالكفايات.
كما تم التركيز على المتعلم باعتباره محورا وفاعلا أساسيا في النسق التعليمي التعلمي، من خلال مساهمته المتوازنة والبناءة في بناء تعلماته ومعارفه وإنماء قدراته ومهاراته….
ومن الرهانات في المنهاج الجديد لدرس اللغة العربية المراهنة على مدرس اللغة العربية بإلزام هذا المدرس بأن يجدد نظرته للغة بمواكبته وإطلاعه على أهم التحولات والدراسات الكبرى التي عرفها درس اللغة العربية مسايرة للتطور التي تعرفه اللغويات المعاصرة باعتبار اللغة نسقا تاما ومنسجما وليست كمكونات لغوية مجزأة ومستقلة.
حقق درس اللغة العربية نقلة نوعية مع برنامج ‘مجال اللغات’ الذي يقدم تصورا موحدا للتعلم والتدريس وفق منطق التكامل بين مهارات الاستماع والتواصل الشفهي والقراءة والإنتاج الكتابي، والذي شرع في تنزيله ابتداء من سنة 2016.
-اللغة العربية في مشاريع الإصلاح
تبعا لهذا الاعتبار التربوي، وهذا البعد البيداغوجي، فقد عملت مشاريع الإصلاح على إعطاء درس اللغة العربية ما يستحق من العناية و على منحه المزيد من الاهتمام والرعاية من خلال :
-تجديد تعليم اللغة العربية بالاستفادة من الطرائق والمناهج المعتمدة والجديدة في التدريس والتعليم.
-استثمار المقاربات اللسانية والبيداغوجية الجديدة في تعليم اللغة العربية مع الانفتاح على البرامج الجديدة في تعليم اللغات.
-اعتماد الكتاب المدرسي المتعدد بدل الكتاب المدرسي الواحد مع ايلائه ما يستحق من أهمية وعناية على المستوى التربوي والبيداغوجي و الديداكتيكي.
-استثمار التكنولوجيات والرقميات والوسائط الجديدة في تدريس اللغة العربية وتعليمها في جميع الأسلاك التعليمية.
-الاعتماد على الوحدات والمجالات في عملية التدريس بحيث تم توزيع برامج اللغة العربية إلى وحدات ومجالات لصيقة ببيئة المتعلم وبالمجال الذي يعيش فيه.
-إدراج اللسانيات التعليمية والبيداغوجية في عدة التكوين الخاصة بتأهيل أساتذة التعليم الابتدائي.
استثمار الدراسات الحديثة في مجالات تعليمية اللغات والانفتاح على الحقول المعرفية التي تشتغل على موضوع تعليمية اللغات.
-الاعتماد على المقاربة التواصلية في تعليم اللغات قصد جعل المتعلم قادرا على التواصل بهذه اللغة مع إكسابه ومنحه القدرة التواصلية التي يحتاج إليها تبعا للسياق التعليمي الذي يتواجد فيه.
-الاعتماد على وضعيات تعليمية مساعدة على التعلم الذاتي، ومحفزة على بناء المعرفة اعتمادا على قدرات وخبرات المتعلم.
-منح المتعلم القدرة على التعلم الذاتي من خلال استثمار قدراته الذاتية في حل الوضعيات التعليمية أو في اكتساب المعارف ذات الصلة بالأنشطة اللغوية.
– تقوية وتجويد هذا الدرس من خلال الانفتاح على أهم المقاربات الجديدة لسانية كانت أم ديداكتيكية في تعليم اللغات.
-اعتماد المقاربة التواصلية في تعليم اللغة العربية والأخذ بمبدأ الاستضمار طريقا وسبيلا في تمرير القواعد اللغوية في درس اللغة العربية للمتعلمين.
– إعادة النظر في برامج إعداد وتأهيل وتكوين العنصر البشري الذي يتولى التدريس والتعليم بجعل التأهيل يتصدر الأولوية في إصلاح منظومة التربية والتعليم.
كل هذه الإصلاحات التي مست اللغات عامة واللغة العربية خاصة، كان رهانها الأول وسبيلها الأوحد هو جعل المتعلم قادرا على التواصل باللغة العربية، و حاملا لأهم الكفايات التي لها صلة مباشرة بالمجالات اللغوية خاصة ما اتصل بالمجالات الشفهية والكتابية والتعبيرية والتواصلية.
كما عرف إصلاح اللغة العربية وتعليمها في المدرسة المغربية نقلة نوعية في السنين الأخيرة من خلال الشروع في تنزيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية، هذا الإصلاح الذي جعل من أهدافه الأساسية ومن رهاناته الكبرى النهوض بتدريس اللغات عامة و باللغة العربية خاصة في المدرسة المغربية بدءا من الأقسام الأولية . فلقد نصت الرؤية الاستراتيجية أن ” من أجل النهوض بالبحوث و في تحقيق الاندماج، فإن الرؤية الاستراتيجية تجعل من اللغة العربية رافعة قائمة بذاتها مع استحضار ارتباطها العضوي بالنموذج البيداغوجي المعمول به….”.
– التعثر في درس اللغة العربية
لكن رغم ما بذل من جهود في سبيل النهوض باللغة العربية في المدرسة المغربية بجميع مستوياتها ومسالكها، فان السياق الذي تجري فيه هذه التعلمات في المغرب يعرف تراجعا حادا في الحصيلة اللغوية لمتعلم اللغات عامة واللغة العربية خاصة، وهذا ما تكشف عنه المؤشرات والتقارير الوطنية والدولية، وتعلن عنه البحوث التدخلية والدراسات الميدانية التي اتجهت نحو مقاربة تعثر المتعلم في تعلمه للغة العربية .
وهذا الإخفاق والتعثر الشديد في تحصيل اللغة العربية كشف عنه البرنامج الوطني لتقويم التحصيل الدراسي من سنة 2008 إلى 2015، إذ دل هذا التقرير في صفحاته ومقدمته وفصوله أن المتعلم المغربي يعاني من القصور الشديد في إنتاج النصوص المكتوبة، وهو ما يعني صراحة أن هذا المتعلم غير متحكم في الكفايات الأساس لمادة اللغة العربية بجميع مجالاتها، فقدراته وإمكانياته ومؤهلاته اللغوية تعتريها صعوبة شديدة، تتجسد هذه في الأنشطة الصفية التي ينتجها هذا المتعلم خاصة ما تعلق بالأنشطة التي لها صلة مباشرة بإنتاج النصوص الكتابية.
ومن آثار هذه الصعوبات في درس اللغة العربية في المدارس الأولية والابتدائية كما دل على ذلك التقرير، غياب الرغبة والحافزية عند المتعلم في الإقبال على درس اللغة العربية، ونفوره الشديد من قواعدها التي لم تراع فيها الإجراءات البيداغوجية التي تستلزمها العملية التعليمية في الانتقال من المعرفة العالمة إلى المعرفة القابلة للتعلم التي تناسب إمكانيات وحاجيات المتعلم….
ومن البحوث التدخلية الكاشفة لتعثر المتعلم المغربي فيما يعانيه من ضعف كبير وتعثر شديد في قدراته ومهاراته ومكتسباته اللغوية البحث الجماعي الذي أنجزه مجموعة من الطلبة وحمل اسم -المنجز اللغوي للمتعلم المغربي .
إذ كشف هذا البحث التدخلي في قسمه الميداني التطبيقي أن التعثر اللغوي حاضر عند اغلب المتعلمين في الأقسام الأولية والابتدائية بل أصبحنا اليوم أمام متعلم بدون لغة لا يجيد ولا يحسن استخدام واستعمال اللغة العربية سواء في التواصل أو في الكتابة أو في التعبير.
– أثر تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في تجاوز
التعثر اللغوي
وعليه نقول فبحكم الصعوبات التي أخذ يعرفها درس اللغة العربية في المدارس الأولية والابتدائية، لما يواجهه هذا الدرس من مجموعة المشكلات البيداغوجية و الصعوبات الديداكتيكية في نقل المفاهيم والمعطيات إلى المتعلم، من خلال تحويل المعرفة من معرفة عالمة إلى معرفة قابلة للتعلم تراعى فيها امكانيات المتعلم ومستواه العمري، فإن الضرورة تلزم استثمار هذه التقنيات والعمل على إدخالها لتكون سندا وعونا لجميع الأطراف المشتغلة والمتدخلة مباشرة في العملية التعليمية لغاية تربوية وديداكتيكية وهو علاج التعثرات اللغوية التي يعيشها المتعلم .
بحكم هذا الاعتبار العلمي وهو أن هذه الوسائط لها من الأثر الايجابي ومن المفعول القوي على عملية التعلم خاصة ما تعلق بتدريس اللغات عامة واللغة العربية خاصة…
فلقد أكدت اللغة العربية جدارتها وقيمتها من حيث المعالجة الحاسوبية فهي لغة ميسرة للبرمجة الحاسوبية لأنها قريبة إلى لغة الرياضيات حسب بحوث الباحث والمهندس نبيل علي. وهو ما يعني بشكل صريح العمل على إدخال هذه الوسائط الجديدة ، حتى تصبح جزءا من العملية التعليمية ،واحد ابرز أنساقها وأهم مكوناتها، باعتبارها من أهم الوسائل الفعالة والمعينة على التربية والتعليم.
ووقوفا عند التحولات التي طرأت في العالم اليوم، والتي مست المجال التواصلي خاصة، فقد مارست هذه التكنولوجيا الرقمية والوسائط الجديدة دورها في وقوع تحول جديد في طرائق التدريس والتعليم، مما بات من اللازم و الضروري اللجوء إلى استثمار الرقميات والاستفادة من نتائجها في تدريس اللغة العربية أو في علاج التعثرات المصاحبة لتعليم اللغة العربية و ذلك من خلال الاعتماد على الآليات الآتية:
-اعتماد الوسائط وسائل تعليمية ميسرة للتعلمات في القسم.
-اعتماد موارد رقمية محفزة على التعلم الذاتي عند المتعلم، لما تيسره للمتعلم من معارف وأنشطة داعمة لتعلماته.
-تخصيص موارد رقمية خاصة للتعثر اللغوي عند المتعلم في جميع المستويات.
-تحفيز هيئة التدريس على إنجاز الموارد الرقمية.
-تخصيص تكوين مستمر لهيئة التدريس بجميع تخصصاتها ومسالكها.
-التشجيع المادي والمعنوي للعاملين على دمج استعمال الموارد الرقمية في التعلمات.
-جعل الموارد الرقمية آليات مساعدة على تحصيل اللغات وفي متناول مدرسي اللغات …
-تخصيص لجنة علمية مختصة للمصادقة على الموارد الرقمية المستعملة في التدريس.
-خاتمة
ان هذه الأوصاف والخصائص التي تتوفر عليها هذه الوسائط الجديدة، جعلتها تعرف تطورا كبيرا واستخداما واسعا في الفترة المعاصرة وعلى نطاق واسع، فهي من أبرز المستجدات التي يعرفها قطاع التربية و التعليم، لأنها تقوم بدور كبير في تنمية ثقافة الطفل وتربيته، ومنحه العدد الكافي من المهارات اللغوية التي يحتاج إليها في مراحل وأطوار تعلمه، نظرا لسهولتها في الاستخدام و يسرها في الاستعمال، وبالأخص على مستوى إيصال التعلمات والمعارف إلى المتعلم بطريقة أيسر، مما أهلها للانتشار الواسع والاستخدام الكبير في الوسط المدرسي والتعليمي في الآونة الاخيرة.
وهو ما عملنا على اكتشافه في هذا العرض بحيث أبرزنا القيمة البيداغوجية والديداكتيكية للإعلاميات ودورها في إنجاح درس اللغة العربية خاصة ما تعلق بدعم التعثرات والتخفيف من الصعوبات التي يقع فيها المتعلم في هذا الدرس، علما أن مواطن وتجليات تعثر المتعلم في درس اللغة العربية عديدة، ولا يتم التغلب عليها أو التخفيف من آثارها وحدتها إلا بالاستعانة بالرقميات والوسائط الجديدة، و الأخذ بعين الاعتبار ما قدمته من خدمات خاصة ما تعلق بالموارد الرقمية المتصلة بمجال تدريس وتعليم اللغات .
وعليه نقول إن هذه الوسائط لها من الإمكانيات الهائلة في المستوى التربوي والبيداغوجي لأن تساهم بفاعلية في حل المشاكل التربوية والبيداغوجية التي يعيشها المتعلم في درس اللغة العربية خاصة ظاهرة التعثر اللغوي.
وش اسوي