ما هو التحليل المالي؟
يعد التّحليل المالي أداة محاسبيّة تستخدم لتقييم المعاملات الماليّة للمشاريع، والميزانيّات، لتحديد مدة نفع هذه المعاملات أو المشاريع من حيث مردودها المادّي للمنشأة، للخروج بتوصيات عن مدى جودة هذه المشاريع وما إن كانت تعود بالرّبح أو الخسارة على المنشأة، وكذلكَ تحديد وضع المنشأة المالي ضمن الاتّجاهات الاقتصاديّة السّائدة في السّوق، ووضع السّياسات الماليّة المنتهجة فيه، فالتحليل المالي داخل المنشأة يساعد المديرين على اتخاذ قرارات العمل المستقبلية أو مراجعة نجاحاتهم السابقة، أما خارج المنشأة فهو يساعد المستثمرين على اختيار أفضل الفرص الاستثمارية الممكنة، وفي هذا المقال سنقدم لك الدليل الشامل حول كل ما يتعلق بالتحليل المالي.
ما هي أهداف التحليل المالي؟
التّحليل المالي عبارة عن تقرير يحتوي على معلومات ماليّة تساعد إدارة المنشأة على اتّخاذ القرارات الماليّة للمنشأة، ويجب أن يجيب هذا التّقرير على بعض الأسئلة التي تقيّم مدى فاعليّته في تحقيق الأهداف المرجوّة من إعداده، ونستطيع ذكرها بالنّقاط التّالية:
- تقييم جميع الأصول الماليّة المنقولة وغير المنقولة للمنشأة، مثل الأسهم، والعقارات، والعلامة التجاريّة، باستخدام أدوات التّحليل المالي مثل قائمة التدفّق النّقدي، وقائمة صافي القيمة الحاليّة، لإعطاء معلومات دقيقة لإدارة المنشأة، لتحديد عمليّاتها الماليّة من بيع أو شراء.
- يهدف تقرير التّحليل المالي إلى تعظيم ثروة المساهمين، من خلال دفع العوائد لمساهمتهم في مشاريع المنشأة الماليّة، أي تعظيم القيمة السّوقيّة لأسهم الشّركة في حال أرادت الشّركة بيعها، أو إعادة قيمتها للمساهمين على شكل أرباح.
- تقييم وضع المنشأة المالي الحالي والسّابق، إذ يُستخدم الأداء السّابق كمؤشر للأداء المستقبلي، واتّخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة للحكم على أداء الإدارة الماليّة للمنشأة، وتحسينها، وهذه النّقطة في التّحليل المالي تهم المستثمرين بالمنشأة لتحديد الأرباح من استثماراتهم، وكذلك تحديد الالتزامات الماليّة على المنشأة، ومدى قدرتها على سدادها.
- تقديم تنبّؤات عن صافي الدّخل المتوقّع للمنشأة في المستقبل من مشاريعها، وتقييم إمكانيّة التوسّع أو الانكماش في نشاطاتها في ظل تقييم المخاطر المتوقّعة.
- يُعطي تقرير التّحليل المالي مدى استقرار وضع المنشأة المالي الحالي والمستقبلي، وما إن كانت قادرة على الاستمرار في السّوق، أو إمكانيّة إعلان إفلاسها في ظل السّياسات الماليّة الحاليّة، مما يعطيها الفرصة لتعديل الوضع، وإحداث تغييرات في سياسات التشغيل، أو إعادة هيكلة وضعها المالي، أو حتّى إشهار إفلاسها وتصفيتها للمنشأة.
- تعد المعلومات الواردة في تقرير التّحليل المالي أداة تعتمد عليها إدارة المنشأة في اتّخاذ القرارات الائتمانيّة من مدى قدرتها على أخذ قروض، وقدرتها على سدادها، من خلال تحديد مخاطر الائتمان، وفي المقابل يساعد الجهة المانحة للقرض على تحديد قيمة القرض، وشروطه في حال الموافقة عليه، مثل قيمة الفائدة، وتاريخ استحقاق السّداد.
أهمية التحليل المالي
تتداخل أهداف التّحليل المالي للمنشأة مع أهميّته لها، وتبرز أهمية التحليل المالي للشركات فيما يلي:
- التّحليل المالي يوفّر معلومات عن وضع المنشأة المالي، وهي معلومات يعتبرها المساهمون مهمّة لاتّخاذ القرار بسحب استثماراتهم من المنشأة، أو زيادتها.
- ترتكز عليه إدارة المنشأة في اتّخاذ القرارات الماليّة المهمّة، ووضع الخطط والسّياسات المستقبليّة للمنشأة في ظل وضعها المالي.
- تعتمد إدارة المنشأة على تقرير التحليل المالي لتحديد مدى تحقيق أهداف المنشأة الماضية، وتقييم أداء مشاريعها، وإمكانيّة تحسينها، أو الثّبات عليها.
- يهتم الدّائنون بالتّحليل المالي لأنّه يساعدهم على اتّخاذ القرارات المتعلّقة بمنح القروض الائتمانيّة للمنشأة، وما إذا كان عليهم تحديد سعر فائدة مرتفع في ظل الوضع المالي للمنشأة.
- يعد التّحليل المالي أداة جذب لمستثمرين جدد، فعندما تُعرض عليهم بيانات التّحليل المالي، مع وجود فائض في رأس المال، فهذا يعني أنّ المنشأة ناجحة في استثماراتها، وقادرة على تحقيق أرباح، مما يشجّعهم على الاستثمار في مشاريعها.
أنواع التحليل المالي
يتفرع التحليل المالي إلى عدة أنواع، وفيما يأتي قائمة بأنواع التحليل المالي:
- التّحليل المالي الأفقي: الذي يتضمّن مقارنة لأوضاع المنشأة المالية على فترات مختلفة، لمعرفة ما إن كان هناك صعودًا وهبوطًا فيما بينها.
- التّحليل المالي الرأسي: وهو النّسبة المئويّة بين مصروفات المنشأة المأخوذة من تقرير قائمة الدّخل، مع صافي مبيعاتها.
- التّحليل المالي قصير المدى: وهو بمثابة تغذية راجعة تفصيليّة لرأس مال المنشأة العامل، ويتضمّن معلومات عدة مثل؛ معدّلات دوران حسابات القبض، وقيمة الحسابات الدّائنة، ومقدار وقيمة المخزون، وتهتم الإدارة الماليّة بمتوسّط معدّل الدّوران طويل الأجل، وإذا وجدت فروقات كبيرة أعادت النّظر في سياستها الماليّة المتّبعة لتبحث عن السّبب وراء هذه الفروقات.
- مقارنة الشّركات المنافسة: يتضمّن معلومات لمقارنة الوضع المالي للمنشأة، بالوضع المالي لمنشآت منافسة لها في سوق العمل، من خلال مقارنة النّسب الماليّة للمنشأة مع النّسب الماليّة للمنشأة المنافسة الواردة في تحليلها المالي، إذ تُجبر الشّركات على نشر تقاريرها الماليّة ليتسنّى للمساهمين الاطّلاع عليها، وبهذا تستطيع المنشأة عقد المقارنة، وهو ما يفيدها في تحديد نقاط القوّة لديها لتعزيزها، ومعرفة نقاط ضعفها للتغلّب عليها وتحسينها، ولا يقتصر هذا التّقرير على المقارنة مع منشأة منافسة واحدة، بل على جميع المنافسين الأقوى للمنشأة.
- مقارنة نتائج الصّناعة: وهو لا يختلف كثيرًا عن سابقه، إلاّ أنّ المقارنة هنا تُعقد بين نتائج مشروع ما للمنشأة مع نتائج قطاع الصّناعة أو التّجارة بالكامل في سوق العمل.
- تحليل التّقييم: ويتضمّن تقييم التدفّقات النقديّة المخصومة، ومقارنة الأسعار التي باعت عندها المنشأة منتجاتها مقارنةً مع المنشآت المنافسة الأخرى، وتجميع قيم الأصول الفرديّة، وتجميع تقييمات الشّركات المنافسة في نفس المجال.
أهم أدوات التحليل المالي
فيما يلي سنقدم لك شرحًا موجزًا للأدوات والتقنيّات المستخدمة في التّحليل المالي:
- بيانات المقارنة: وهي أداة ماليّة تحليليّة تهدف لمقارنة العناصر الماليّة المختلفة، على فترات زمنيّة مختلفة، مثل حسابات الرّبح والخسارة، والميزانيّة العموميّة، وحساب الدّخل.
- بيان الدّخل المقارن: يحتوي على ثلاث قيم ماليّة مهمّة وهي؛ إجمالي الرّبح، والرّبح التّشغيلي، وصافي الأرباح.
- الميزانيّة العموميّة المقارنة: وهي أداة للمقارنة بين البيانات الماليّة للميزانيّة العموميّة على فترتين مختلفتين، وتشتمل على الأصول المتداولة والثّابتة، والمطلوبات والخصومات المتداولة، ونظيرتها طويلة الأجل، وصافي قيمة المساهمين الذي يتكوّن من رأس المال المتكوّن من الأسهم، ورأس المال التّفضيلي، والاحتياطات، والفائض من رأس المال.
- بيانات الحجم المشترك: وهو عبارة عن عرض رأسي أو عمودي للنّسبة الماليّة للبيانات الماليّة ذات الحجم المشترك.
- تحليل الاتجاه الهرمي: ويحتوي على تحليل النّسب المئويّة لفترات مختلفة من السّنة، ومقارنتها مع بعضها البعض.
- متوسّط التّحليل: ويتم فيه مقارنة النّسب المئويّة للمخاطر التجاريّة مع النّسب المئويّة لمعدّل الصّناعة ككل.
- التغيّرات في رأس المال العامل: ويحتوي على مقارنة التغيّرات في صافي رأس المال العامل على فترات مختلفة، من خلال احتساب الفرق بين مجموع الخصوم المتداولة، ومجموع الأصول المتداولة.
- بيان تحليل التدفّق المالي: وهو بيان مالي يتضمّن معلومات عن كيفيّة توفير الأموال ومصادرها، ومصارف استخدامها، ومقارنتها على فترات مختلفة.
- بيان تحليل التّدفّق النّقدي: ويختص بمقارنة حركة الأرصدة المصرفيّة، والنّقد المتداول للمنشأة، والتطرّق لنوعيه التدفّق النّقدي الفعلي، ونظيره الافتراضي.
- تحليل النّسبة: ويقارن بين العناصر الماليّة الفرديّة المتناظرة، أو مجموعة عناصر ماليّة متناظرة في كل من الميزانيّة العموميّة، أو حساب الرّبح والخسارة.
- تحليل الرّبح مقابل التّكلفة: وفيه تكون المقارنة بين القيمة الماليّة للمبيعات وتكلفتها، وقيمة العوائد عليها، وقيمة تكلفة المبيعات تتضمّن التّكلفة الثّابتة والمتغيّرة التي ترتبط بعلاقة مباشرة مع حجم وقيمة المبيعات.
العناصر التي يقوم عليها التحليل المالي
قائمة التّحليل المالي تتكوّن من عدّة عناصر تُكوِّن في مجموعها تقريرًا ماليًا تحليليًا متكاملًا لا تصح نتائجه إلاّ بتوافرها، وهي:
- الإيرادات: وهو العنصر الرّئيسي لتدفّق النّقد للمنشأة، ويعبّر عن إجمالي الرّبح، وتحدد كمية ونوعية الإيرادات نجاح المنشأة على المدى الطويل.
- الأرباح: وهي القيمة النّاتجة عن الإيرادت مطروح منها تكلفة البضاعة المباعة ومقسومة على الإيرادات، فإذا لم تتمكن من تحقيق الأرباح باستمرار فقد لا يستمر عملك على المدى الطويل.
- الكفاءة التشغيليّة: وتتكوّن بدورها من عنصرين؛ الأول هو معدل دوران الذّمم المدينة بين صافي مبيعات الائتمان إلى متوسّط حسابات القبض، والعنصر الثّاني هو معدّل دوران المخزون بين تكلفة البضاعة المباعة إلى متوسّط المخزون.
- كفاءة رأس المال والامتلاء المالي: ويتكوّن من عنصرين لاحتسابه؛ الأول هو العائد على حقوق الملكيّة، والثاني هو الالتزامات على حقوق الملكيّة.
- السّيولة: وهو مؤشّر لمدى قدرة المنشأة على توفير النّقود لتغطية مصاريفها، ويتكوّن من عنصرين؛ الأوّل هو النّسبة الحاليّة التي تُقاس بالفرق ما بين الأصول المتداولة والخصوم المتداولة، والعنصر الثّاني هو تسديد الفوائد الذي يُقاس بالمعدّل ما بين الأرباح قبل الفوائد والضّرائب إلى مصروفات الفوائد.
نتائج التحليل المالي
كما أسلفنا يتضمّن التّحليل المالي العديد من القيم الرقميّة لعناصره التي تترجم إلى أموال من منظور الإدارة الماليّة للمنشأة، وما تركّز عليه الإدارة والمستثمرين لمعرفة الوضع المالي للمنشأة البنود التّالية:
- نسبة الدفّق النّقدي: فكلّما زادت قيمتها يكون ذلك مؤشّرًا إيجابيًا على وضع المنشأة المالي.
- نسبة هامش الرّبح: فكلما زادت هذه النّسبة يعني زيادة أرباح المنشأة.
- نسبة الالتزامات إلى حقوق الملكيّة: إذا كانت هذه النّسبة مرتفعة يعني أنّ الدّيون أعلى من حقوق ملكيّة الأصول، وهو مؤشّر على زيادة التزامات المنشأة وما قد تسبّب من مشاكل ماليّة على المدى البعيد، كما أن انخفاض هذه النّسبة مؤشّر على وضع مالي جيّد.
- قيمة سيولة المنشأة: فكلّما ارتفعت السيولة، كان ذلك أفضل لاستقرار وضع المنشأة المالي ونموّها.