التصميم التعليمي للفصول الافتراضية
يتسم التعليم من خلال الفصول الافتراضية بطبيعة خاصة تختلف بشكل كبير عن التعليم التقليدي، وأيضا عن التعليم الإلكتروني، فالبيئة الافتراضية بيئة غير حقيقية تتوافر فيها مجموعة من الأدوات التفاعلية التي تعمل على محاكاة البيئة الحقيقية، و تتميز بكونها قادرة على زيادة نشاط المتعلم، وأكثر جاذبية للمتعلم، ودافعية للإنجاز والعمل المشترك.
فالفصول الافتراضية عبارة عن نظام إلكتروني يتيح الاجتماع والتواصل إلكترونيا بطريقة غير فيزيائية لمجموعة من الأفراد على اختلاف أماكن تواجدهم جغرافيا، بهدف دراسة موضوع وتبادل ومشاركة الأفكار والملفات والتطبيقات الحاسوبية، كما يجري عادة داخل الصف التقليدي، ويتم ذلك من خلال توفير أدوات تفاعلية داخل بيئة الفصول الافتراضية كما ذكرها (الموسى والمبارك، 2005، ص256):
· التخاطب المباشر (بالصوت فقط أو بالصوت والصورة).
· التخاطب الكتابي Text Chat.
· السبورة الإلكترونية E-Board ،White Board.
· مشاركة البرامج والتطبيقات Application Sharing.
· إرسال وتبادل الملفات File Transfer.
· الاستطلاعات والاستفتاءات Polling Tools.
· الأسئلة والاختبارات الموضوعية Quiz Manager.
· الخروج المؤقت Step away from the Session
· تكوين مجموعات النقاش بين الطلاب Groups.
· خاصية السماح للطباعة Print Options.
· تسجيل أحداث الفصل (الصوتية والكتابية) Recording.
وتتمثل أهمية التصميم التعليمي في كونه العامل الحاسم في فاعلية أو عدم فاعلية العملية التعليمية، حيث يُعد التصميم التعليمي من أهم الركائز التي يرتكز عليها التعليم الالكتروني، لما يتطلبه من اختيار مسبق للمحتوى العلمي المقدم وأيضا للتحديد المسبق للأدوات والمواد والطرق والوسائل والأساليب المستخدمة في العملية التعليمية ككل.
ويذكر (الحيلة، 2003، ص26) أن علم التصميم التعليمي يعد من العلوم التعليمية التي حاولت الربط بين الجانب النظري من ناحية والجانب التطبيقي من ناحية أخرى، فالجانب النظري يتعلق بنظريات علم النفس العام والخاص وما يتعلق بنظريات التعلم، بينما يتعلق الجانب التطبيقي بمجالين رئيسين، أولاً: وصف البرامج التعليمية والاستراتيجيات المناسبة للتعليم، وكيفية استخدامها في غرفة الصف، ثانياً: تحديد الأداة التعليمية أو الوسيلة التكنولوجية المناسبة للتعليم.
ونجد أن هناك العديد من المحاولات من قبل مصممي التعليم لتصميم نماذج تعليمية فعالة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، تحت مسمى التعليم عبر الإنترنت، كما لجأ بعض المصممين إلى استخدام بعض نماذج التصميم التعليمي التقليدي مع تطويرها بما يتناسب مع بيئة التعلم الإلكترونية الجديدة، ومحاولة الأخذ في الاعتبار خصائص تلك البيئة التي تميزها عن بيئة التعليم التقليدي، ومن أهم النماذج التعليمية الفعالة عبر الإنترنت، نموذج روفيني (Ruffini, 2000) لتصميم موقع تعليمي عبر الإنترنت، ونموذج ريان وآخرون (Ryan; et al., 2000) لتصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج جوليف وآخرون (Jolliff; et al., 2001) لتصميم مواد التعلم عبر الإنترنت، نموذج الغريب زاهر (2009) لتصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج إبراهيم الوكيل الفار (2006) لتصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج مصطفى جودت (2003) لتصميم نظم تقديم المقررات عبر الإنترنت، ونموذج حسن الباتع عبد العاطي (2007) تصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج عبد الله بن عبد العزيز الموسى وأحمد بن عبد العزيز المبارك (2005) لتصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج محمد محمد الهادي (2005) لتصميم مقرر عبر الإنترنت، ونموذج الجزار المطور (Elgazzar, 2013) لمقابلة مستحدثات التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد.
ومع تعدد هذه النماذج إلا أن معظمها لم تتطرق للبيئة المستخدمة، أو لنظام التعلم أو لأساليب التفاعل المتاحة عبر بعض الأدوات، فلا يكاد يخلو نموذج من تلك النماذج وإن اختلفت مسمياتها من المراحل التالية: التحليل، والتصميم، والتطوير، والتجريب، والتقويم، غير أن تلك النماذج تختلف في المهام الخاصة بكل مرحلة وذلك وفقاً للهدف الذي يسعى لتحقيقه النموذج.
كما انفردت بعض النماذج بتحديد بعض خصائص بيئة الإنترنت التعليمية، كنماذج كل من (Ruffini, 2000)، زاهر (2009)، الفار (2006)، جودت (2003)، حيث تضمنت تلك النماذج في بعض مراحلها بعض المهام التي تشير بشكل مباشر إلى كيفية مراعاة مبادئ التصميم عبر الإنترنت، وكيفية اختيار برامج التأليف المناسبة للويب، وكيفية تصميم التفاعل، وكذلك الإشارة إلى عرض ونشر المقرر. في حين تضمن نموذج كيلر التحفيزي Keller’s ABCS Model (John M. Keller, 2008) أربع خطوات للتعزيز والحفاظ على دافعية التعلم وهي: الانتباه Attention، الملاءمة Relevance، الثقة Confidence، الرضا Satisfaction.
كما ركزت نماذج عديدة على التعليم عبر الجوال ومن أهمها:
-نموذج شيه للتعلم الجوال Shih’s Mobile Learning Model (Shih and Mills, 2007).
– نموذج اعتماد التعلم الجوال Model for m-Learning Adoption (Andrea Barker et al., 2005).
– نموذج ديلون وماكلين DeLone and McLean’s Model (Chen, C.-M., & Hsu, S.-H., 2008).
– النموذج التربوي المطور للتدريس الجوال (AEFIRIP) Pedagogical Model Developed for Mobile Tutoring (Pasi Silander, Anni RytkÖnen, 2007).
– نموذج محمد إبراهيم الدسوقي (2012، ص116) للتعليم المنتشر.
إلا أن بيئة التعلم في الفصول الافتراضية تختلف اختلافاً كبيراً عن جميع البيئات التعليمية الأخرى على شبكة الإنترنت، لما تتميز به من عنصر التزامن، فهي تشبه إلى حد كبير بيئة الفصل التقليدي، إلا أنها تختلف أيضا في طبيعتها الإلكترونية، لذلك فإن أفضل الممارسات العملية للفصول الافتراضية لابد وأن تتضمن تنظيماً جيداً للمحتوى ووضع خطة محددة لعمليات التفاعل التزامنية، لتسمح للطلاب بحرية التحرك والمشاركة في التطبيقات، والحرص على تعاون الفصل وكذلك المشاركة في الرأي والقرارات والاهتمام بالدافعية، كما يجب أن تتضمن تلك الممارسات اقتراحات حول الأسلوب الأمثل لمعلم الفصل الافتراضي والذي يجب اتباعه في تدريس المحتوى، مما يتطلب توفير نموذج يناسب بيئة التعلم عبر الفصول الافتراضية، ويستهدف توصيف المراحل والإجراءات التي يجب إتباعها عند تصميم مقرر ما عبر الفصول الافتراضية، ويتكون هذا النموذج من خمس مراحل رئيسة هي: التحليل، والتصميم، والتطوير، والتطبيق، والتقويم، وتشتمل كل مرحلة على خطوات فرعية كما هو موضح في الشكل.
نموذج (يحيى، 2012) لتصميم المقررات عبر الفصول الافتراضية
وفيما يلي وصف تفصيلي للإجراءات في كل مرحلة من مراحل النموذج:
أولاً- مرحلة التحليل
وتتضمن تلك المرحلة عدداً من الخطوات والتي يجب على المعلم القيام بها وهي:
– تحديد أهداف المقرر: ويتم فيها تحديد الأهداف العامة للمقرر في عبارات عامة، تُعبر بصورة عريضة عما يريد المعلم أن يحققه من خلال تدريسه لهذا المقرر.
– تحليل خصائص الطلاب: حيث يجب تحديد قدرات الطلاب وسلوكهم المدخلي ومهاراتهم، فيجب اختيار الطلاب ممن تتوافر لديهم كفايات محددة تمكنهم من الدراسة عبر الفصول الافتراضية، كتوافر بعض مهارات استخدام الحاسب والإنترنت والبريد الإلكتروني. كما يجب أن تتوافر لدى الطلاب الدافعية للتعلم عبر الإنترنت.
– تحليل خصائص المادة الدراسية: ويتم في هذه الخطوة تحديد محتوى المادة وموضوعاتها، والمهام والأنشطة التي يجب على الطلاب إنجازها عند دراستهم للمقرر، ومن تلك المهام والأنشطة: استخدام محركات البحث، وزيارة بعض المواقع، والمشاركة في حلقات النقاش وإدارتها، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني واستقبالها، وحل أسئلة التقويم الذاتي والتكليفات في نهاية كل وحدة.
– تحليل خصائص البيئة التعليمية ومتطلباتها: حيث يتم تحديد المتطلبات المادية Hardware، والمتطلبات غير المادية Software، كذلك ضرورة امتلاك كل طالب جهاز حاسب مع توافر اتصال بالإنترنت، كما يجب تحديد عدد الطلاب المشاركين في كل جلسة وأن يتناسب عدد الطلاب مع سرعة الإنترنت المتوفرة، كما يجب دراسة خصائص نظام الفصول الافتراضية المستخدم وإمكانياته المختلفة، ومتطلبات تشغيله من أجهزة وبرامج مساعدة تستخدم على أجهزة المعلم أو أجهزة الطلاب.
ثانياً- مرحلة التصميم
وتنقسم هذه المرحلة إلى قسمين رئيسين، وفيما يلي وصف تفصيلي لكل قسم:
القسم الأول
يشمل الخطوات التالية:
– صياغة الأهداف السلوكية: بناءً على الأهداف العامة للمقرر التي تم تحديدها في مرحلة التحليل، يتم صياغة الأهداف التعليمية للمقرر في عبارات سلوكية، بحيث تصف سلوك المتعلم نتيجة التعلم بشكل دقيق ويكون هذا السلوك قابلاً للملاحظة والقياس.
– تصميم أدوات القياس والتقويم: طبقاً لخصائص الطلاب، ومهاراتهم وقدراتهم المختلفة، وبناءً على الأهداف التي تم صياغتها في الخطوة السابقة، يتم تصميم الواجبات والتكليفات والاختبارات الخاصة بمحتوى الوحدة، وتحديد عدد الأسئلة وشكلها ونوعيتها، وطريقة ترتيبها.
– تنظيم عناصر وموضوعات المحتوى: حيث يتم تحديد عناصر المحتوى ومفردات كل عنصر، كما يجب تنظيم كل وحدة من وحدات المقرر، وتقسيمها إلى عدد من الدروس بحيث يسهل معها تعلم الطالب، ويجب أن يشتمل كل درس على: رقم الوحدة وعنوانها، ورقم الدرس وعنوانه، والهدف العام للدرس، والأهداف التعليمية للدرس، والتمهيد لموضوع الدرس، ومهام الدرس ومحتواه، وأنشطة الدرس، والتقويم الذاتي، والواجبات والتكليفات.
– المواد والأدوات والأنشطة التعليمية: وتتضمن تصميم المواد التعليمية الإلكترونية التي سيتم عرضها داخل الفصل أو سيتم إرسالها للطالب أثناء تنفيذ الفصل، كذلك تحديد الأدوات التي سيتم استخدامها داخل الفصل الافتراضي، ومدى تداخل هذه الأدوات وتفاعلها مع بعضها، كذلك يتم تحديد الأنشطة المطلوب من الطالب القيام بها، مع تصميم التعليمات المرتبطة بهذه الأنشطة والأدوات، والتي تساعد على استخدامها بشكل صحيح.
القسم الثاني
وهو الخاص ببناء الاستراتيجية العامة لعملية التعلم، أي تصميم خطة تنفيذ الفصل الافتراضي (السيناريو)، وهو عبارة عن تصور مطبوع لكافة الأحداث التي تتم داخل الفصل، وتحديد الأدوات ووضع تصور للمحتوى الذي سيتم عرضه، ويتضمن خطوتين هما:
– التهيئة والإعداد: والتي يتم فيها تحديد زمن كل نشاط أو إجراء، وتقديم البنية العامة لمحتوى الدرس، والعمل على إثارة الدافعية لدى الطلاب، واستدعاء المتطلبات السابقة، وعرض أهداف كل درس وتوضيحها.
– التعليم والتعلم: ويتم فيها تحديد إجراءات التدريس وأساليب العرض، وكذلك إجراءات التدريب على المحتوى، بالإضافة لتشخيص الأخطاء المتوقع حدوثها وتحديد أساليب علاجها، أيضا تحديد الأنشطة العلاجية والإثرائية، وأخيراً التلخيص لجميع الأنشطة والإجراءات.
ثالثاً- مرحلة التطوير
في هذه المرحلة ووفقاً لما تم تحديده في مرحلة التصميم، يتم إعداد وإنتاج النموذج الأولي للفصل بما يتضمنه من مختلف المواد التعليمية التي سيتم عرضها أو استدعاؤها من على شبكة الإنترنت، كذلك يتم إنتاج أدوات التقييم، وصياغة التعليمات المرافقة للمواد التعليمية ولأدوات التقييم. على أن يتم كل ذلك في ضوء متطلبات تشغيل وإمكانيات نظام الفصول الافتراضية الذي سيتم العمل من خلاله، مع مراعاة القيود الفنية وسعة خطوط الاتصال.
رابعاً- مرحلة التطبيق
وتتضمن تلك المرحلة عدداً من الخطوات التي يجب على المعلم القيام بها بنفس تتابعها وهي:
– التأكد من قابلية التطبيق: حيث يقوم المعلم بتجربة تحميل المواد على نظام الفصل، والتأكد من توافق المواد التعليمية الإلكترونية التي تم إعدادها أو الحصول عليها من شبكة الإنترنت، مع نظام الفصل المستخدم، واكتشاف المشكلات الفنية، وأخطاء التصميم.
– التطبيق الفردي للمعلم: وفي هذه المرحلة يقوم المعلم بتجربة تشغيل الفصل بدون وجود طلاب بغرض تحديد أي مشكلات يمكن أن تواجه المعلم أثناء التنفيذ الفعلي للفصل، وتحديد الأخطاء الإملائية، وكذلك تحديد زمن تحميل كل مكون من مكونات المحتوى، وفحص الارتباطات Links بالمواقع الخارجية المرتبطة بمحتوى المقرر قبل أن تتاح للطلاب.
– التطبيق مع المجموعات الصغيرة: حيث يقوم المعلم بتجربة تشغيل الفصل فعلياً مع مجموعة صغيرة من الطلاب، والتأكد من إمكانية استخدام أدوات الفصل التفاعلية، مع تكليف الطلاب بالأنشطة المحددة، لتحديد مدى إمكانية تطبيقها في الفصل مع المجموعات الكبيرة، بالإضافة لملاحظة سلوك الطلاب خلال دراستهم للمقرر ومحاولة تسجيل انفعالاتهم ومدى تجاوبهم.
– التطبيق الميداني: و يتم التطبيق على مجموعة الطلاب كاملة بعد تصحيح أخطاء التصميم السابقة وحل جميع المشكلات الفنية التي تم التعرض لها أثناء خطوات التطبيق السابقة.
– تسجيل الفصل: وهي خطوة اختيارية للمعلم، ولكنها مهمة ويفضل تنفيذها خاصة عند التدريب على مهارات معينة داخل الفصل، حتى يتمكن الطلاب من مشاهدة تسجيل كامل لمحتوى جلسات الفصل عدة مرات حسب حاجة كل طالب والفروق الفردية بين الطلاب.
خامساً- مرحلة التقويم
الهدف من التقويم هو التأكد من صلاحية المقرر للاستخدام، سواء كان ذلك من الناحية الفنية أو من الناحية التربوية، والتعرف على فاعليته وكفاءته في التعليم، وإجراء التعديلات المطلوبة، وتتم هذه المرحلة بشكل متوازٍ مع كافة المراحل الأربعة السابقة، حيث يعتبر ناتج تقويم كل مرحلة، أساسا لبناء المراحل التالية لها.
وش اسوي