مفهوم التنمية الإدارية
يدور مفهوم التّنمية الإدارية حول تطوير الكفاءات والقدرات الإداريّة بهدف تبنّي وتطبيق التّغييرات الهيكلية والسّلوكيّة في مضمون العمليّات الإدرايّة التي تتضمّن البرامج، والإجراءات، وطرق العمل البيروقراطيّة، وأساليب التّوظيف المستخدمة لتحديد نوع وعدد الموظّفين المطلوبين، والهياكل التّنظيميّة، والهدف وراء ذلك كله هو تحقيق الأهداف الإداريّة المنشودة؛ إذ تزيد التّنمية الإداريّة من فعاليّة الوسائل والأساليب المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف وتطوير العلاقة بين الإدارة والعملاء.
طرق تحقيق التنمية الإدارية
كما أسلفنا فإنّ التنمية الإداريّة تسعى لإحداث تغييرات كميّة ونوعيّة مستمرّة لتطوير القدرات الإداريّة، وتستخدم لتحقيق ذلكَ العديد من الوسائل والطّرق، من أهمّها ما يأتي:
طرق التّنمية الإداريّة داخل بيئة العمل
وهي الطّرق والتّقنيات التي من شأنها تقليل الوقت المهدور في إنجاز المهام وتوفير التّكاليف، ويمكن استخدامها داخل مكان العمل، وتتضمّن الآتي:
- التّدريب: يُعد تدريب الكادر الوظيفي بشقّيه الموظّفين ومرؤوسيهم من أهم الطّرق المتّبعة لتحقيق التّنمية الإداريّة، ففي ورشات أو دورات التّدريب يرشد المدرّب الموظّفين لأسهل وأقصر الطّرق لإنجاز المهام وبأقل تكلفة وأقصر وقت، ويساعد في إثراء التّدريب التّواصل المفتوح بين الطّرفين، ويمكن تحفيز المتدرّبين على إتقان مهارات التّدريب من خلال بعض المكافآت والتّكريم، وبوسعك معرفة المزيد عن أثر التدريب على الأداء الوظيفي.
- التّناوب الوظيفي: وتعني انتقال الموظّف من وظيفة إلى أخرى بنفس نطاق المهام والتخصّص الوظيفي؛ إذ تزيد هذه الطّريقة من اكتساب الخبرات والمعرفة بكيفيّة إنجاز المهام المتعلّقة باختصاصه الوظيفي وبكفاءة عالية؛ فالتنّاوب الوظيفي حركة أفقيّة ضمن نفس المستوى الوظيفي، ولا تعني التّرقية، فهذه الأخيرة حركة عموديّة.
- البديل المؤهّل الجاهز: هذه الطّريقة تعتمد على اختيار موظّف من قبل المشرف لتدريبه تمامًا كما هذا الأخير، ليحل هذا البديل محل المشرف إذا اضطرّته ظروفه للتغيّب عن عمله لفترات طويلة، وترك منصبه شاغرًا، مثل التّقاعد، أو إجازات المرض الطّويلة، أو التّرقية، أو حتّى وفاته، وفي هذه الحالة يكون البديل مؤهّل وجاهز، ما يختصر الكثير من الوقت في إيجاد البديل وتدريبه، ويُسمح للبديل بأن يرافق المشرف في اجتماعاته كممثّل له، ويحق له أن يناقشه، ويستفسر منه، ويشاركه في اتّخاذ القرارات.
- الإدارة المتعدّدة: تهدف هذه الطّريقة إلى إنشاء مجلس إدارة يتكوّن من المدراء التّنفيذيّين المبتدئين لتعلّيمهم مهارات مجلس الإدارة الرّئيسي، ويقوم أعضاء هذا المجلس على تحليل المشكلات وتقديم توصيات بخصوصها ورفعها في تقرير لمجلس الإدارة الرّئيسي.
- التعلّم بالمطالعة: تعتمد هذه الطّريقة على اكتساب الخبرة اللّازمة في مواجهة التغيّرات المستمرّة في بيئة الأعمال اعتمادًا على قراء الكتب والمجلّات المتخصّصة في مجال إدارة الأعمال، للحصول على أفكار مبتكرة ومواكبة التطوّر الإداري.
- لجان التّدريب: وفيها تُنشئ لجان من مدراء تنفيذيين متدرّبين ليحضروا اجتماعات اللّجان المختلفة، ويُسمح لهم بالدّخول في نقاشات والخروج بتوصيات كوسيلة لتنمية مهاراتهم في حل المشكلات وتطوير مهارات الاتّصال خاصّتهم.
- مهام فريق العمل: وبموجبها يُعطى مجموعة من الموظّفين مشاريع عمل لإنجازها ضمن تخصّصهم الوظيفي، فيقوم هؤلاء بدراسة المشروع والمشاكل المحتمل مواجهتها، ويقترحون التّوصيات لحلّها.
طرق التّنمية الإدارية خارج بيئة العمل
وتتضمّن الطّرق والوسائل المستخدمة خارج نطاق مقر العمل المكاني، وتتضمّن ما يأتي:
- دراسة الحالات: وفيها يُعطى المتدرّبين حالات إداريّة تنطوي على مشاكل تواجه العمل، وتتطلّب اقتراحات وتوصيات لحلّها، ويوجّه المتدرّبين لمسارات معيّنة لتحديد دراساتهم فيها، بهدف إيجاد مسارات عمل بديلة، وتقييم البدائل، واقتراح أفضلها.
- المؤتمرات: وهي عبارة عن جلسات تُعقد لمجموعة من المتدرّبين يتراوح عددهم ما بين 15 إلى 20 متدرّب، لمناقشة موضوع ما في نطاق عملهم، ويُسمح لهم بتقديم أفكارهم، وتوصياتهم، وتهدف هذه الطّريقة إلى تطوير المعرفة والفهم لدى المتدرّبين، وتطوير تصوّراتهم للمشاكل، وطرق حلّها.
- محاكاة الأدوار الوظيفيّة: وهي طريقة تُحاكي التّمثيل على خشبة المسرح؛ إذ يوضع المتدرّب في موقف مخطّط له مسبقًا، ولكنّه غير حقيقي، بل مفتعل من الإدارة لرؤية كيفيّة تعامله مع المشاكل التي قد يصادفها؛ مثل أن يُطلب منه التصرّف في حالات طرد الموظّفين، أو استقبال الشّكاوى، أو إنزال العقوبات بالموظّفين، وكذلكَ تقديم عروض تقديمية للعملاء.
- المحاضرات: وهي من أسهل الطّرق وأقلّها تكلفة من حيث المصاريف وإهدار الوقت، وهي عبارة عن حوار يقوم بين المرشد والمتدرّبين، ويُستخدم خلاله العروض التوضيحيّة السمعيّة، والبصريّة، لإدارة النّقاش والحوار فيما بينهم، لجذب انتباههم وتسهيل استيعاب المعلومات.
- النقاشات الجمعية: وفيها يُناقش موضوع، أو مشكلةٍ ما من قبل مجموعة من الموظّفين، ويُعطي كل منهم رأيه فيها، الأمر الذي يزيد من قدرتهم على التّعبير عن أفكارهم بطريقة واضحة ومفهومة ويُحسن من معرفتهم في مجال عملهم.
- صندوق المشكلات: وفيها توضع قصاصات من الأوراق التي تحتوي كل منها على مشكلة معيّنة في سلّة أو صندوق، ويُطلب من الموظّفين سحب ورقة عشوائيًّا، ودراسة المشكلة التي تتضمّنها الورقة، وتقديم توصياتهم بشأنها.
- الألعاب الإدارية: وفيها يُنشئ فريقان من الموظّفين الذين يتنافسون فيما بينهم على إنجاز المهام وكأنهم شركتين منفصلتين عن بعضهما البعض، ويُمكن لهذه الألعاب أن تكون تفاعليّة -أي يُسمح للفرقين بالتفاعل أو التواصل مع بعضهما البعض- وقد تكون ألعاب لاتفاعليّة، وفيها يعمل كل من الفريقين بشكل مستقل عن الآخر.
- دورات سلوكيّة: وفيها يتدرّب الموظّفون على زيادة وعيهم الحسّي للأنماط السّلوكيّة لأنفسهم وللآخرين، وعادةً ما يُفضل أن يكون المدرب المنظم لهذه الدورات ذا معرفة واسعة بعلم النفس.
ما أهمية التنمية الإدارية؟
تكمن أهميّة التنمية الإداريّة في النّقاط التّالية:
- تحسّن أداء المدراء داخل المنشأة على كافّة الأصعدة، وتعزّز مهاراتهم الإداريّة، مما يزيد من كفاءتهم وقدراتهم في إنجاز المهام.
- تحل معضلة إيجاد المدراء المدرّبين وقت الحاجة؛ فعمليّة تدريب المدراء البدلاء تتيح للمنشآت توفّر البديل في الوقت المناسب وعند وجود الشّاغر، مما يُساهم في تجنّب هدر الوقت في عمليّة تدريب البديل الجديد.
- تزيد من كفاءة الموظّفين عند التّعامل مع التّغيّرات السّريعة في الوسائل التّكنولوجيّة المستخدمة من قبل المنشآت لإنجاز المهام بكفاءة وأقصر وقت ممكن.
- تزيد من قدرة الموظّفين على مواجهة الأنظمة المعقّدة في المنشآت التي تضطرّ هذه الأخيرة لاعتمادها لمواجهة المنافسة الشّرسة في سوق العمل بهدف زيادة إنتاجيّتها.
- تضمن نجاح المنشأة ونموّها، لأنّها تساعد المدراء والمختصّين في تحديد البيئة الاقتصاديّة الحاليّة والمستقبليّة.
- يسهّل إنجاز المهام الاجتماعيّة الخاصة بالمدراء، الأمر الذي يحسّن العلاقة ما بين المنشأة والمجتمع التي تعمل فيه.
- ترفع من معنويّات المدراء والموظّفين؛ فبذل المنشأة للمال والوقت لتدريبهم يُشعرهم أنّهم ذو أهميّة، الأمر الذي ينعكس على زيادة رضاهم الوظيفي وقناعتهم بأنّ المنشأة تقدّرهم كموظّفين وتقدّر المجهود الذي يبذلونه في إنجاز المهام المنوطة بهم.
- تحسّن من مهارة المدراء على صعيد مهارات التّواصل مع موظّفيهم، مما يخلق بيئة عمل إيجابيّة مناسبة لإنجاز المهام، والتغلّب على العقبات التي قد يواجهها الموظّفين، والعمل على حلّها بروح إيجابيّة.