النقود
النقود هي أهم ما استحدثه الإنسان، وقد أثَّرت على حياة الفرد وتطور المجتمعات، وعلى الرغم من أن الإنسان مهتم بها، بل قد يسعى إليها بكل قوته، إلا أنه لا أحد يفهم حقيقتها وطبيعتها إلا القليل من الناس، بل إن بعض السمات الجوهرية للنقود التي تتداخل في مظاهر الحياة الاقتصادية قد تلتبس حتى على بعض المختصين في مجالات الاقتصاد، فالنقود رغم تعاملاتنا اليومية بها لا تزال كيانًا خاصًا مستقلًا يتطور باستمرار على نحو يغفل جمع غفير من الناس فيه عن معرفة سماته الرئيسة المستحدثة، ولعل سبب هذا أن النقود عبارة عن نظام اجتماعي فرض قانونه على التعاملات كاملةً بشكل لا يقبل أن يكون نتيجة تصور أو فكرة معينة، كون النقود ليس اختراعًا، وقد تطور شكل النقود من خلال مرورها بمراحل المختلفة، فكان أول أشكالها مبدأ المقايضة، بمعنى السلعة مقابل السلعة، ثم تطورت السياسات النقدية لتشكل النقود المعدنية المكونة من المعادن النفيسة كالذهب والفضة، وأخيرًا جاءت مرحلة النقود الورقية التي تصدرها البنوك.
النقود هي أداة طبيعية تحظى بالقبول العام، تتمحور حولها الأدوات المالية والاقتصادية في المجتمعات، وهي أداة قياسال سيولة والأمان الإدارة المالية، وهي قابلة للتداول من أجل شراء السلع و الخدمات و سداد الدين.
قيمة النقود
تتحدد قيمة النقود الفعلية حسب قوة الاقتصاد الوطني وحالاته، فالقوى الشرائية للنقود فهي قدرة حامل النقود على شراء ما يشاء من السلع والخدمات المعروضة للبيع في الاقتصاد القومي، وهذا ما يحدده مدى قوة الإنتاج وتزاحم الأفراد للحصول على هذه السلع، وكذلك الأمر فإن قيمة النقود تقل كلما زاد حجم المطروح للتداول منها نتيجة زيادة مزاحمة أصحاب النقود على نفس السلعة، لهذا فإن النقود تحدد القوى الاقتصادية في مجموعها.
الخصائص المرغوبة في النقود
توجد بعض الخصائص يفضلها حامل النقود، والتي لا بد للنقود أن تتصف بها:
- سهولة التأكد منها: يجب أن تكون النقود السلعية قابلةً للفحص والتدقيق للتأكد من نوعيتها، فليس من المنطق استخدام نقود سلعية تحتاج باستمرار إلى التدقيق والفحص.
- أن تكون ذات منفعة: فيفضل أن تكون النقود السلعية سلعةً قابلةً للاستهلاك.
- أن تكون قابلةً للنقل بسهولة: تكمن أهمية هذه السمة عندما تتم التبادلات عبر النطاقات الدولية والإقليمية.
- أن تكون قابلةً للتقسيم: وهذه السمة لتسهيل التبادل، لأنها تجعل من الممكن تقسيم النقود السلعية بطريقة تجعل من الممكن شراء الكمية المطلوبة منها.
سياسات النظريات النقدية
النقود هي مفهوم جزئي مرتبط بمفهوم أشمل وهو المال، والمال هو كل السيولة النقدية بالإضافة إلى الأصول الثابتة كالعقارات والاسم والسندات وغيرها، وقد ظهرت الكثير من النظريات النقدية التي بينت وجوه الاختلاف بين السياسات النقدية والمالية ووجوه التشارك، ومن هذه النظريات:
- سياسة نظرية التحليل المالي الكلاسيكي: تصب هذه السياسة بكل اهتمامها في مجال الحصول على أكبر تأثير وقدرته على التحكم بحجم النقود المعروضة، والمغزى من ذلك أن تحظى بالتأثير على المستوى العام للأسعار، وتُحجم هذه السياسة مسؤولية السلطات النقدية في التأثير على كمية النقود المعروضة.
- سياسة النظرية الكنزية: تهتم هذه النظرية بالسياسات النقدية أكثر من السياسات المالية، نظرًا لفعاليتها في كونها مساعدةً للسياسات المالية، فكانت سياستها إدخال مستحدث في سعر الفائدة ما يؤثر على الطلب الكلي واستقرار الاسعار، واللجوء إلى تقييد عرض النقود لإحداث التأثير العكسي في حالات التضخم .
- سياسة نظرية كمية النقود: ترى هذه النظرية أن العلاقة بين تغير كمية النقود وتغير الأسعار هي علاقة طردية، وأن كمية النقود مضروبة بسرعة دورانها في السوق تساوي قيمة الناتج القومي النقدي، وعليه فإذا تغيّر المستوى العام للأسعار يمكن علاجه من خلال التحكم بعرض النقود ثم علاج المشاكل الاقتصادية المختلفة.
- سياسة نظرية السيولة النقدية: تركز هذه النظرية على أثر الأصول النقدية على عرض النقود وعلى النشاط الاقتصادي، باعتبار أن النقود هي أكثر الأصول سيولةً.
العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية
إن حركات العملية النقدية والمالية هي أدوات فعالة للرقابة الاقتصادية للدولة، فيجب الربط المنسق بينهما لئلا يتعارضا فيما بينهما في العمليات، الأمر الذي يُضعف من فعاليتهما، أما وجوه التنسيق بينهما فهي على النحو الآتي:
- السياسات المالية ذات نظاق أوسع وأكبر، بينما السياسات النقدية محصورة في القطاعين المالي والمصرفي.
- السياسات المالية بطيئة ومتجمدة، بينما وسائل السياسات النقدية سريعة ومرنة.
- معالجة السياسات المالية للانكماش المالي، بينما تعالج السياسات النقدية حالات التضخم المالي.
وظائف النقود
من أهم وظائف النقود ما يأتي:
- وسيط التبادل: هي القوة الشرائية التي تتصف بالعمومية، إذ يستخدم أفراد المجتمع هذه النقود لشراء الخدمات والسلع المُنتجة من قبل الآخرين.
- وحدة الحساب: أي بمعنى أنها تستخدم لقياس القيم في المعاملات الاقتصادية، ففي وجود النقود يصبح من الممكن التعبير عن قيم جميع السلع الموجودة في الاقتصاد عن طريق الأسعار.
- معيار للدفع الآجل: وهذه الوظيفة تعني باختصار إمكانية أن يتم التعبير عن الديون بالنقود، فهذا الأمر يبعث على الراحة لأن النقود تشكل قوةً شرائيةً عامةً.
- مستودع للقيمة: إن النقود تصلح للاستخدام في الدفع بشكل غير مرتبط بأي لحظة معينة في الوقت بل وعبر امتداد الزمن كذلك، وهذه السمة مفيدة لأن الناس قد يرغبون بتأجيل إنفاق النقود على سلعة ما إلى أوقات أخرى لاحقة.