تجارب جامعات المملكة العربية السعودية في التعلم المتنقل
تجارب جامعات المملكة العربية السعودية في التعلم المتنقل
يمر العالم الآن بتقدم علمي وتطور تكنولوجي سريع، نتجت عنه العديد من النماذج والتطبيقات الحديثة، ومنها التعلم المتنقل أو ما يعرف بالتعلم الجوال، و هو نموذج يساعد المتعلم على عدم التقيد بالقيود المكانية والزمانية والمادية (عطية، 2014)، وهو “شكل من أشـكال الـتعلم عـن بعـد، يـتم مـن خلاله اسـتخدام الأجهزة اللاسلكية الصغيرة والمحمولة يدويا مثـل الهواتف النقالة Phones Mobile، والمساعدات الرقمية الشخصية PADs، والهواتف الذكية Phones Smart ، والحاسبات الشخصية الصغيرة Tablet PCs لتحقيق المرونة والتفاعل في التدريس والتعليم في أي وقت وفي أي مكـان” (الدهشـان، 2015)، كما تطورت الأجهزة النقالة تطورا كبيرا وانتشر استخدامها بصورة غير مسبوقة في تاريخ الأجهزة التكنولوجية (أحمد،2018).
إن الإقبال الهائل على اقتناء الهاتف المحمول وارتباط الجيل الجديد به، والاستخدام الدائم لتطبيقاته يُحتم الاستفادة منه في جميع المجالات المختلفة، ومن أهمها المجال التعليمي، حيث يوفر التعلم النقال تطبيقات تعليمية تفاعلية مفيدة للطلاب في مختلف مراحل التعليم، وتعد أكثر فاعلية من الأنظمة الأخرى، نظرا لانتشار الأجهزة النقالة وكثرة استخدامها من قبل الطلاب (المباريدي،2020)، وتتنافس العديد من الشركات على دمج المزيد والعديد من التقنيات والخدمات في الأجهزة النقالة.
ويعتبر التعلم النقال من أهم نظم التعليم عن بعد، فهو عبارة عن نقطة تتقابل عندها تقنيات الأجهزة المحمولة مع نظم التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد لتوفير الخبرات التعليمية دون التقيد بزمان أو مكان (مصطفى،2019) كما “أن الاتجاه نحو تنمية مهارات التعلم المتنقل أصبح ضرورة ملحة للنهوض بالطالب والعملية التعليمية” (سلمان،2016).
يعد التعلم بواسطة الهاتف النقال مصدرا من مصادر التعلم الحديثة في منظومة التعلم الإلكتروني، وتسعى العديد من جامعات المملكة العربية السعودية إلى إدخال تكنولوجيا التعلم الجوال في الميدان التربوي للوصول إلى الجودة العالية في التعليم، وإثراء وتعزيز التعلم لدى أعضاء هيئة التدريس والطالب على حد سواء.
كما أسهم استخدام الهاتف النقال في إتقان الجانب النظري والمهارات العملية أيضا، وتوفير الكثير من الوقت وخفض التكلفة، وعدم التقيد ببروتوكولات وأجهزة خاصة للعرض مما يسهل على الطالب الاطلاع والمتابعة، إضافة إلى مميزات أخرى مثل السهولة في التعامل معه واستخدامه، و إمكانية الاطلاع والمتابعة في أي مكان وزمان (الغامدي، 2013).
جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن (الرياض):
- من خلال دراسة العييد (2019) والتي قامت فيه الباحثة بدراسة استخدام منصة إدمودو التعليمية في التعلم المتنقل لطالبات جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وتصوراتهن نحوها، تم توظيف أحد أهم تطبيقات التعلم الإلكتروني التي استطاعت أن تثبت أهميتها ومميزاتها وتنتشر بسرعة كبيرة وهي منصة إدمودو التعليمية Edmodo عبر الأجهزة المتنقلة، والتي تصنف ضمن فئة مواقع الشبكات الاجتماعية وتعتبر منصة تعلم تفاعلية آمنة، وفضلا عن ذلك فهي تناسب الاستخدام العملي مع الأجهزة الجوالة والهواتف الذكية (العنيزي، 2017). و تم استخدامها للتعرف على تصورات الطالبات حول تأثير توظيف منصة إدمودو التعليمية على عملية التعلم والوصول لمصادر المعلومات، وكان من أبرز نتائجها فاعلية منصة إدمودو الواضح على تعزيز ودعم العملية التعليمية وتقديم وسائل أكثر تطوراَ، مما انعكس أثره على المعلم والمتعلم على حد سواء (العييد، 2019)، لأنه يجعل التعليم أسهل وفعال، ووسيلة مناسبة ورائعة للتعبير، ويعزز العمل التشاركي ويدفع بعجلة التنمية المهنية وزيادة الأداء (العنيزي، 2017).
جامعة الملك سعود (الرياض):
- لاحظ (عطية،2013) من خلال عمله في جامعة الملك سعود أن طلاب اللغة العربية يستخدمون الهواتف الذكية والكمبيوترات المحمولة بكثرة، فبعضهم يتبادل الملفات الدراسية الإلكترونية عبر هذه الأجهزة وبعضهم يتواصل مع أساتذته وزملائه عن طريق رسائل SMS و MMS وبعضهم يرسل بعض التكاليف الإلكترونية، وغيرها من الممارسات التعليمية.
- وأيضا في كلية التربية تم استخدام تطبيقات الجوال مثل الرسائل القصيرة SMS كأحد أنواع التعلم المتنقل، ومن النتائج التي توصلوا إليها توعية أعضاء هيئة التدريس بمميزات التعليم الجوال وأهمية مواكبة استخدام الطلبة لتطبيقات التعليم الجوال من أجل تطوير العملية التعليمية، والتي تساعد على تزويد الطلبة بالتغذية الراجعة الفورية (غنام، 2016).
- ودراسة (fahad ، 2009) التعرف على اتجاهات وتصورات طالبات جامعة الملك سعود نحو فاعلية التعلم المحمول في تحسين استكمال برنامج البكالوريوس في الفنون والطب، وقد أسفرت النتائج أن التعلم المحمول يمكن أن يكون معززا للبرنامج بهدف تحسين التواصل وإثراء خبرات التعلم المفتوح وعن بعد.
جامعة الملك عبدالعزيز (جدة):
- تجربة جامعة الملك عبدالعزيز لتوظيف الهاتف النقال في برنامج “التعليم عن بعد” والاستفادة من تطبيقاته لخدمة البرامج التعليمية، وذلك بالتعاون مع شركة زين السعودية للاتصالات، باعتباره شكلا جديدا من أشكال نظم التعليم الإلكتروني، الذي يعبر عن تلاشي عاملي الزمان والمكان (القرني، 2012).
- توظيف الهاتف النقال في تطوير محتوى تعليمي تفاعلي في خطوة تعد طفرة نوعية في قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية عملت (وحدة التدريب والتنمية البشرية، 2012) في جامعة الملك عبدالعزيز على تطوير محتوى تعليمي تفاعلي وعرضه على جهاز الهاتف النقال ويشمل (الملخصات والشروحات وأسئلة التقييم الذاتي والصوتيات والمرئيات) كما يضمن معرفة الجدول الدراسي، ومواعيد الأحداث الجامعية، وأخبار الجامعة، وقد تم تصميم هذا النظام اعتمادا على مبادئ التعلم الذاتي استنادا على الألعاب التعليمية، التي تقدم مواقف للطالب تثير اهتمامه، وبذلك يعمل على بقاء الأثر وخلق جيل جديد قادر على البحث واستنباط المعلومات والإبداع.
جامعة طيبة (المدينة المنورة):
- أكدت الباحثة (بخش،2015) من جامعة طيبة في مركز اللغة التابع لعمادة الخدمات التعليمية، أن التعليم النقال يُعدّ ترجمة حقيقية وعملية لفلسفة التعليم عن بُعد، التي تقوم على توسيع قاعدة الفرص التعليمية أمام الأفراد، وأن استخدام الأجهزة المحمولة في عمليات التعليم والتدريب يسمح للطلاب بمتابعة التمارين التدريبية والتعليم الذاتي والإرشاد المهني في العمل من خلال الجوال، وأضافت: يمكن تلخيص أبرز التقنيات التي تستخدم في مجال التعلم النقال في أربع تقنيات هي: الحاسب المحمول وأجهزة المساعدات الرقمية الشخصية وأجهزة الهاتف المحمول والرسائل القصيرة وأجهزة الأيباد.
جامعة الباحة (الباحة) :
- تم توظيف التعلم المتنقل من خلال خدمة الرسائل النصية SMS، والاستفادة من خدمات الجوال الأخرى كالواب ومنصات البرامج لطلاب كلية التربية في مقرر تصميم البرمجيات التعليمية وإنتاجها، وكان الهدف من خدمة الرسائل النصية القصيرة هو تنمية التحصيل الدراسي عند الطلاب في المستويات المعرفية الثلاثة لـ بلوم التذكر والفهم والتطبيق وكذلك المهارات العملية، و قد تم تقسيم الطلاب إلى مجموعتين مجموعة تم تدريسها باستخدام التعلم النقال والمجموعة الأخرى بالطريقة التقليدية. وقد كشفت نتائج الدراسة أن التعلم المتنقل كان له أثر كبير في زيادة وتنمية المهارات العملية المتعلقة بتصميم وإنتاج البرمجيات التعليمية. وفي ضوء نتائج الدراسة تم التوصية بتبني تطبيقات التعلم المتنقل في التعليم وتوظيفها بشكل يخدم العملية التعليمية وبناء أنظمة تعلم قائمة على بيئة الجوال، وإقامة الدورات التدريبية لأعضاء هيئة التدريس لتصميم وتطوير هذه الأنظمة، وإجراء المزيد من البحوث والدراسات حول التعلم المتنقل. (الغامدي، 2013).
جامعة تبوك (تبوك):
- في جامعه تبوك تم توظيف التعلم النقال من خلال برنامج قائم على صفحات الويب في ضوء نموذج مارزانو لأبعاد التعلم في تنمية بعض مهارات التفكير الابتكاري والتحصيل لدى طالبات قسم الرياضيات ( جودة، 2016) و تم استقصاء فاعلية برنامج قائم على صفحات الويب (المناقشات الإلكترونية وتبادل الملفات) في ضوء نموذج مارزانو لأبعاد التعلم، ونظرا لأهمية نموذج مارزانو و هو نموذج تدريسي يتضمن عدة خطوات إجرائية متتابعة، تركز على التفاعل بين خمسة أنماط للتفكير متمثلة في اكتساب الاتجاهات والإدراكات الإيجابية من التعلم، واكتساب المعرفة الجديدة وتكاملها واتساقها مع المعرفة القائمة فعلا، وتعميق المعرفة وتدقيقها للوصول إلى نهايات ونتائج جديدة، واستخدام المعرفة استخداما ذا معنى، وتنمية مهارات التفكير وعادات العقل التي تحدث خلل التعلم وتساهم في نجاحه ( 2002, Brandt & Pikerring, Marzano 1992, Marzano )، ومن نتائج تطبيقه خلق نوع من العمل الجماعي داخل مجموعات، حيث يتم تقسيم الطالبات إلى مجموعات صغيرة أثناء التطبيق العملي على البرنامج بمعمل الحاسوب، ما أدى إلى زيادة مشاركة الطالبات واكتساب روح الجماعة والعمل كفريق واحد من أجل المناقشة وتبادل الأفكار والملفات والعمل على إنجاز المهمة في الوقت المحدد لها. فالتقنية بشتى أنواعها تعمل على جذب الانتباه وحب الاستطلاع لدى الطالبات وهذا ما حققه بالفعل البرنامج.
جامعة الملك خالد (أبها):
دراسة عبدالعزيز (2016) والتي هدفت إلى التعرف على مدى توظيف أعضاء هيئة التدريس في قسم الرياضيات لتقنيات التعلم الإلكتروني، والمعوقات التي تحول دون الاستخدام الأمثل لتلك التقنيات، ومن أهم توصيات الدراسة العمل على دمج التقنيات الإلكترونية في برنامج إعداد معلمات الرياضيات ضمن الخطط الدراسية، وإعادة صياغة المقررات الدراسية بحيث تتضمن توظيف تلك التقنيات كوسيلة تعليمية في التدريس الجامعي، أو تكليف الطالبات بتنفيذ الأعمال من خلالها.
جامعة الملك فيصل (المنطقة الشرقية، الأحساء):
من خلال دراسة السلك (2014) والذي قام من خلال دراسته على تصميم نموذج يقدم قاعدة بيانات لنظام التعلم المتنقل يشمل على (خدمات التسجيل والقبول- المقررات الدراسية – المحتوى التعليمي الرقمي بصيغ مختلفة للطلاب من محاضرات وعروض تقديمية ومصادر تعليمية كالصوت، النصوص، الصور، ومقاطع فيديو وغيرها – أدوات متنوعة لإنشاء أنشطة تعلم متنوعة تناسب أهداف المقررات الدراسية – التغذية الراجعة) بحيث تتوافق مع العناصر والأدوات الأساسية المتوافرة والأكثر شيوعا في نظم التعلم المتنقل العالمية والعربية، وفق احتياجات أعضاء هيئة التدريس والطلاب في جامعة الملك فيصل في ضوء نتائج هذه الدراسة يوصي الباحثون بتصميم نظام التعلم المتنقل يعتمد على النموذج الذي تم تصميمه، الاهتمام بتدريب الطلاب على استخدام النظام وكيفية الاستفادة منه.
كما شرعت بعض المؤسسات الخاصة العاملة في مجال الاستشارات التعليمية مثل مؤسسة منارات للاستشارات التعليمية، ومؤسسة أبجد للاستشارات التعليمية في تقديم خدمة التعليم المتنقل التي يتم من خلالها إرسال وتحميل ملفات الدروس والمواد التعليمية والامتحانات على الجوال لطالبي هذه الخدمة (الغامدي، 2013).
إن نجاح أي تكنولوجيا جديدة وخاصة التعلم النقال في العملية التعليمية يعتمد إلى حد كبير على اتجاهات المتعلمين نحو هذه التكنولوجيا، إذ تؤثر اتجاهات المتعلمين على مدى إقبالهم عليها، ومن ثم فإن الاتجاهات تؤثر بشكل أساسي على كفاءة عمل أي نظام تكنولوجي جديد، وقد تكون من الأسباب الرئيسية الدافعة إلى تأييد أو مقاومة التجديد في العملية التعليمية (الحلفاوي، 2009).
في النهاية، للتعلم المتنقل دور هام في تحقيق الاتصال التعليمي الفعال وإثرائه في ظل الثروة التكنولوجية الهائلة. ومستقبلا، مع التطورات التعليمية وتنوع التطبيقات والبرامج وشبكات التواصل الاجتماعي سوف تزداد أهميته وفعاليته وسيتم تطبيقه وتوظيفه في أغلب عمليات التعلم والتعليم بحيث يصبح جزءا لا يتجزأ من التعليم التقليدي.
وش اسوي