تحديات الذكاء الاصطناعي و توظيفاته في التعليم
نعيشُ الآن في بيئةٍ تتَّسم بسُرعة التَّطوُّر والتَّغيُّر في مَجالَي البرمجيَّات والحواسب الإلكترونيَّة (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 89). ومن أهمِّ مظاهر التَّطوُّرات ما نُشاهده في مجال الذَّكاء الاصطناعي، ولم يعُد الاقتصار خاصًّا بالتَّطوُّر على مجال التقنية فحسب؛ بل في عديدٍ من المجالات المختلفة؛ الاقتصادية منها، والأمنية، والاجتماعية، فقد تفوَّق الذَّكاء الاصطناعي، وحلَّ محلَّ موظَّفي المُنظَّمات؛ وذلك بسبب قُدرته على تقليد السلوكيَّات الإنسانيَّة؛ فهو يسعى إلى حلِّ كثير من المشكلات بناءً على كمِّية المعلومات التي جُمِعت عن المُجتمع، كما استُعمِل الذكاء الاصطناعي في مجال التَّجسُّس بدلًا من تسهيل حياة الأفراد المدنية. ويشمل الذَّكاء الاصطناعي مجالين، وهما: كثرة استخدامه في مُعالجة المعلومات، وزيادة درجة فهم المعلومات (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 89). وعلى الرغم من ذلك فقد كانت هناك آراء كثيرة تدور حول: هل الروبوت يُعتبر كائنًا مناسبًا، وله منافع في الحياة أم له أضرار؟ وعلى الرغم من ذلك لا نستطيع إحصاء تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي في حاضرنا المُعاصر؛ فعلى سبيل المثال هناك أسلحة ذاتية التشغيل، وتستطيع أن تُحدِّد الهدف وتتمكَّن من مهاجمته (شادي عبد الوهاب وآخرون، 2018، ص 2).
ومن مُميِّزات الذكاء الاصطناعي أنه مُصمَّم لزيادة ورفع مستوى العاملين، دون أخذ أماكنهم بالكُلِّية؛ لأنهم لا تُوجد لديهم الحواس الطبيعية الإنسانية، كما أنه نظام يعتمد على خبرة الإنسان ومدى معرفته، كما يستطيع الذَّكاء الاصطناعي التَّعلُّم من كثرة التجارب، وتطوير ذاته مثل البشر، وتوجد لديه قُدرة على استخدام الحلول المنطقية لحل كثير من المشاكل، وقادر على الصيانة في المنظمة إذا احتاج الأمر. ويُعتبر تقليد السلوك الإنساني من خلال البرامج الحاسوبية أمرا ليس باليسير. ومن المُتوقَّع لهذا التَّطوُّر في الذَّكاء الصناعي قُدرته على إحداث ثورة حقيقية في العالم. ويجب ألا تغيب عن الأذهان التَّحدِّيات التقنية والأخلاقية، وبصفة خاصة الأمور التي تتعلَّق بالأمن، والبنية التحتية، والجوانب التشريعية، إذا ما تم استغلال هذه التقنيات في قطاعات معينة؛ كقطاعات الأمن، والشرطة، حيث يعتمد ضباط الشرطة على تقنيات الذَّكاء الاصطناعي في معرفة الأشخاص عبر بصمة العين، والوجه، وبتحليل أدوات الجريمة، والتَّعرُّف على نماذج الجريمة بشكل سريع، وما الذي يستخدمه المجرمون في المستقبل؛ استنادًا إلى تجارب سابقة، وعوامل زمنية من أيام وساعة التوقيت، كما كان للذَّكاء الاصطناعي السبق في تحليل ووقف مؤامرات النَّشل من خلال التَّعرُّف على نماذج سُلوكية مُعيَّنة للمُجرمين، كما يُستخدم الذَّكاء الاصطناعي في المساعدة على الإمساك بالهاربين من المُجتمع (حسن أحمد المومني، 2019، ص 17).
وبصفةٍ عامَّةٍ، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي لا يُحسِنُ استخدامها إلا الأذكياء، والذين يتَّسمون بقُدرات مُعيَّنة، وبالتالي تكون الأدوات غالية الثمن، ومُكلِّفةً، ففي دبي تُوجد أنماط وأشكال متعددة من الذَّكاء الاصطناعي، وتتنوَّع عمليَّات المُراقبة في المُجتمعات العربيَّة، وكان ذلك بسبب التَّطوُّرات التكنولوجيَّة. ويظل الإنسان ركنًا أساسيًّا في عمليَّات التحليل، ويُساهم الفرد بالبيانات الكُبرى كل وقت، كما يساعد الذَّكاء الاصطناعي من التخفيف من حجم المُساءَلات، والانتقادات التي تُوجِّه قطاع الضباط بالشرطة، وبصفةٍ خاصَّةٍ ما يتعلق بممارسات التمييز، أو الانحياز العُنصري. وتحوَّل الرصد الشرطي النمطي إلى المُراقبة، بالاعتماد على تحليل البيانات المُعقَّدة بواسطة الذَّكاء الاصطناعي؛ فهو بشكل أساسي عمل تنبُّئي، وتتركَّز عمليات المراقبة الأمنية على الأشخاص الأشد خطورة في المُجتمعات، حيث يُعَدُّ وسيلة كفيلة بأن تكون فاعلةً في تخفيض نسب الجرائم من خلال إدخال البيانات في نظام هيكلي واحد، مثل قارئ لوحات السيارات الأوتوماتيكي ALPR، ما يجعل من عمليات المُراقبة والرصد اليومية أكثر سهولةً، عن طريق برامج، مثل PredPol، فهو يُعَدُّ من الأدوات التحليلية لواقع الحال، وعرضها على صانع القرار في إدارات التخطيط والموارد. ويُعطي النظام المحللين الوقت الذي يسمح بالتعمُّق أكثر في التحليلات الإجرامية الأكثر تعقيدًا، وبصفةٍ خاصَّةٍ عندما يتعلَّق الأمر بالجرائم، كما لا يمكن لنظام PredPol أن يحلَّ محلَّ العقل البشري، أو المجرمين، والمُحلِّلين تمامًا؛ ولكن تجب حماية الأفراد من خلال قوانين الخصوصية لعدم استخدام بياناتهم الشخصية في أي أمور غير مشروعة (حسن أحمد المومني، 2019، ص 21).
ومن الأمور التي تُحسب للذكاء الاصطناعي أن يكون له مردود في مجال الصناعات التحويلية؛ حيث يقوم بتعديل عمليات الإنتاج في الوقت المناسب، وكان لها مردود إيجابي عالٍ، مثل شركة سيمنز الألمانية، كما أنه يمكن التنبُّؤ بحجم المبيعات، وإرشادات السوق، وفي مجال الطاقة أيضًا، ولترشيد الاستهلاك، كما حدث في بريطانيا. وقد تمَّت الاستفادة من الذَّكاء الاصطناعي في مجال البنوك والمال من خلال استخدام روبوتات الدردشة لقيامها بمهمة خدمة العملاء. وقد يستطيع الذَّكاء الاصطناعي أن يكون قابلًا للتنبُّؤ، ويتعامل مع كمية كبيرة جدًّا من البيانات، كما يمكنه التنبُّؤ بتطوُّر الأوضاع في الشركات، والمخاطر التي تُهدِّد الصحة، وانتشار الأمراض، وأيضًا في مجال تشغيل المصانع، مما يساعد على التوفير في المواد الخام، كما يساعد في البرامج التسويقية، ووضع أسعار مناسبة لجذب المستهلكين، ودراسة احتياجات المستهلكين؛ لكسب ثقتهم. ومن المنتظر أن تعمل تقنيات الذَّكاء الاصطناعي على تحصيل مكاسب لاقتصادات الصين، وأمريكا الشمالية، مقارنة بغيرهما. كما يرى العلماء على مستوى العالم أن التَّوسُّع في استخدام تقنيات الذَّكاء الاصطناعي، وعلى الأخص التعلم الآلي، والخوارزميات، قد يُشكِّل اضطرابًا للوجود البشري في المستقبل وتطوير قُدراته، من دون أن يتماشى ذلك مع الأهداف الموضوعة لها من قبل البشر (حسن أحمد المومني، 2019، ص 21).
أنواع الذكاء الاصطناعي
يُوجد عديدٌ من التَّقسيمات للذكاء الاصطناعي، فيرى (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018) أن أنواع الذكاء الاصطناعي تنقسم إلى:
- نُظُم الخبرة: وهي برامج حاسوبية، ولها نظام معلومات مُعتَمد، وإن الهدف الأساسي هو مساعدة الإنسان في عمليات التفكير، كما أن نُظُم الخبرة تُستعمل لصُنع القرارات؛ لتُحقِّق أهداف المستخدم (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 92).
- الشبكات العصبيَّة: تُشبه طريقة عمل الدماغ البشري نظام الأعصاب لدى الإنسان، وتُزوِّدنا الحاسبات العادية بمشاريع كثيرة عن طريق إجابات الأسئلة (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 92).
- الخوارزميات الجينية: هي مجموعة من التعليمات لحل مشكلة ما، وتُشبه الخوارزميات العمليات البيولوجية، وهي طُرُق تُساعد في حل المسائل الخاصَّة، وتُستخدم في التطبيقات الرياضية لإنتاج أفضل حلول للمشكلة، واستُخدمت في مختلف العلوم والتقنيات، ويمكن تقييم حلولها بإمكانيات عديدة أسرع من الإنسان (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 92).
- الوكلاء الأذكياء: وهو نظام خبرة مُمَركَز داخل نُظُم مُعتمدة على الحاسب؛ ليجعل الحاسب في مستوى ذكاء أعلى، مثل تحذير المستخدمين عند حدوث أمر ضروري، وهناك تطبيقات مختلفة منها تُعين المستخدم على إنشاء الملفات، مثل برامج البريد الإلكتروني، ومايكروسوفت (إبراهيم محمد حسن عجام، 2018، ص 93).
ويرى (شادي عبد الوهاب وآخرون، 2018) أنه يُمكن أن تُقسَّم أنواع الذَّكاء الصناعي إلى:
- الذَّكاء الاصطناعي الضَّيِّق: أسهل أشكال الذَّكاء الاصطناعي، وتصرُّفه ردُّ فعلٍ على موقف ما، وله أجواء معينة خاصة به للعمل، مثل روبوت ديب بلو، الذي قام بهزيمة بطل الشطرنج العالمي جاري كاسبارو (شادي عبد الوهاب وآخرون، 2018، ص 2).
- الذَّكاء الاصطناعي القوي: لديه القُدرة على أن يتَّخذ قرارات بناءً على جمعه كثيرًا من المعلومات، مثل السيارات ذاتية القيادة (شادي عبد الوهاب وآخرون، 2018، ص 2).
- الذَّكاء الاصطناعي الخارق: نماذج تكون تحت التجربة، وبه نوعان، الأوَّل يسعى في فهم الأفكار البشرية، كما أن لديه القُدرة على التفاعل الاجتماعي بشكل محدود، والثاني: لديه القُدرة على التنبُّؤ بمشاعر الآخرين، وهم جيل عالٍ في الذَّكاء، ويستطيع أن يتصدَّى للهجمات الإلكترونية، ويمكن استخدامه في الحروب، وفي مجال الطب (شادي عبد الوهاب وآخرون، 2018، ص 2).
- وهناك رأيٌ تنبَّأ بكثرة الإنفاق على مجال الذَّكاء الاصطناعي سنة 2030، كما استُخدِم الذَّكاء الاصطناعي في الحروب التي دارت على الأبعاد العالمية، وقد استُخدِمَ في الإرهاب من قِبَل (داعش). وعلى الرغم من ذلك يُمكن إعادة برمجة الذَّكاء الاصطناعي، وجعله يهدف لخدمة المخترق، مما يساعد على حدوث أضرار جسيمة، ويمكن استخدامه في معرفة عديد من المعلومات الاجتماعية والسياسية عن دولة معينة، ويمكنه حاليًا التنبُّؤ بالكوارث الطبيعية. ولا يستطيع الذَّكاء الاصطناعي أن يميز بين الأفراد المدنيين والعسكريين في حرب بعينها، كما يجب على الأنظمة التسليحية أن تكون قادرة على إلغاء الهجوم الإلكتروني الناتج عن الذَّكاء الاصطناعي، وهو أمر في غاية الصعوبة، وأصبح الذَّكاء الاصطناعي تكنولوجيا ناشئة تساعد في التغلب على التحديات العالمية. ويمكن توظيف تعلُّم الآلة لتحديد الأمراض بشكل أوضح، وفي مُنتهى الدقة، ووصف الأدوية والعلاجات بكل عناية، ولكن هناك تحفُّظ من قِبَل الأطبَّاء، على الرغم من أن هناك تقنيات تستطيع التنبُّؤ بالأفراد الذين لديهم استعداد للأمراض الخطيرة، مثل السرطان. وباتِّباع تكنولوجيا الذَّكاء الاصطناعي ستتفاوت الدخول بين الأفراد؛ لأنه سيزداد الطلب على العمالة القادرة على التعامُل بالتكنولوجيا، فيُساهم الروبوت في عمل مهام عديدة منها، مما يُؤدِّي إلى اختفائها بين البشر، مثل (المهندسين المعماريين، والأطبَّاء)، وقد يُؤثِّر ذلك على استقرارهم، وبالتالي تتأثَّر الإنتاجية، وتتفاوت التكنولوجيا بين الدول حسب درجة تقدُّمها واستعدادها لاستقبال تلك التكنولوجيا، وهنا نجد أن هناك عدم وجود مساواة بين الدول (حسن أحمد المومني، 2019، ص 18).
أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
لم يعد الذكاء الاصطناعي زيادة مترفة في مجال التعليم، فقد صار في دول العالم المتقدمة إحدى ركائز التنمية التعليمية، وواحدة من أهم سبل تطوير الموادّ الدراسية، ويعد من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم ما يلي:
- الأنظمة الرقمية الخاصة بالمدارس بمعنى إقامة شبكات بيانات متداخلة، يمكن عن طريقها إقامة شبكات عصبية كبيرة الحجم، تستطيع توقع مواضع الضعف وكيفية علاجها لدى الطلاب جميعًا، كما تسهم في إدارة المعلومات ومعالجة المشكلات أولًا بأول، ومن أهمها (شركة كلاس إيرا).
- الإسهام في عمل خوارزميات في إقامة أدوات تعليمية تعمل على إعادة صياغة المناهج التعليمية وبلورتها بما يتناسب مع اهتمام الطلاب، للوصول إلى أقصر الطرق من أجل توصيل موادّ الدراسة. (هاو، كارين، 2019)
- تطوير القدرات الطلابية على التواصل مع الأنظمة الشبيهة بالبشر، مما يعد أكبر محفز لهم ومُعِدّ ومُجَهِّز للتعامل الفوري مع البشر في جميع المواقف اللغوية والاجتماعية، بما يساعد على تعزيز القدرة على التواصل وزيادة المهارات الاجتماعية. (قمروة، سامي، 2018)
مميزات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم
- تستخدم الترميز غير الرقمي، بمعنى أنه أكثر تعقيدًا من الحواسب العادية التي تعتمد على (واحد وصفر فقط)، مما يعني إمكانية اتخاذه قرارات معقدة، وإمكاناته الهائلة التي يمكن أن يضيفها إلى مجالات الدراسة المختلفة. بالإضافة إلى وجود قدرة لدى برامج الذكاء الصناعي على التوصل لحل المسائل حتى مع عدم اكتمال البيانات، بل إنها تستطيع التعامل مع البيانات المتناقضة والمتضادة أحيانًا.
- إلى جانب توفير الوقت والجهد والإسهام في توفير واقع بديل للطلاب، فإنها تعوِّد الطلاب على المواجهة، ومواكبة التكنولوجيا الحديثة.
- الذكاء الاصطناعي يستطيع الإسهام في عرض الأسئلة على الطلاب بطريقة تكشف نقاط الضعف لكل طفل، والاستعدادات العقلية لكل طالب، بالإضافة إلى متابعة واستكشاف أساليب المتعلمين.
- يساعد الذكاء الاصطناعي الطلاب على حسن اختيار الأسئلة، كما يُعد فضاء كبيرًا وتنفيسًا عنهم، إذ إن التجارب أثبتت أن الطلاب يكونون أكثر قدرة على التحاور بعيدًا عن المدرس. ( ليميكس ستيفانيا، 2018)
النتائج
- حدوث تطوُّر كبير في مجال التقنية والحاسبات، وبصفةٍ خاصَّةٍ في مجال الذكاء الاصطناعي .
- النفقة الباهظة لاستخدام تقنية الذَّكاء الاصطناعي، وتفرُّد دبي كدولة عربية في استعمالها.
- تحتاج هذه التقنية لعاملين مُزوَّدين بمهارة وخبرة.
- اختلاف بعض المهن في التَّوسُّع باستخدام الذكاء الاصطناعي ؛ لأنه سيُؤثِّر عليها بالسَّلب.
التوصيات
- وضع قوانين تحمي خصوصية الأفراد.
- نشر المعرفة والتدريب والتطوير لقبول التَّعامُل مع الذَّكاء الاصطناعي.
- إعداد مُخطَّطات لتطوير الذَّكاء الاصطناعي بكمِّية مُعيَّنة؛ حتى لا يُؤثِّر على أمان ومستقبل البشرية.
- العمل على دمج تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي في مجال التعليم، وبناء استراتيجيات تعليم مُعتمدة على الذَّكاء الاصطناعي.
وش اسوي