تنمية أداء المعلم في ظل التعليم الإلكتروني

تنمية أداء المعلم في ظل التعليم الإلكتروني
يشهد العالم مستحدثات تكنولوجية عديدة ومستمرة تحمل الكثير من الانعكاسات على المنظومة التعليمية بما فيها من مكونات: متعلم ومعلم وإدارة مدرسية. فإذا كان المعلم يمثل أحد أهم أركان المنظومة التعليمية فإنه لا يمكن إحداث أي تطوير أو تغيير في التعليم إلا بإعداد و تطويره بما يواكب التطور الحادث في التعليم، وهذا ما يدعو المهتمين بتطوير المعلم من إدارة مدرسية و مؤسسات تربوية و من المعلمين أنفسهم إلى إعادة النظر في برامج إعداد وتنمية المعلم بتحديثها والعمل على تحسين وتطوير القائم منها بشكل مستمر، و مواكبة التغيرات التي قد تطرأ في تكنولوجيا التعليم. فدور المعلم لم يعد ذلك الدور التقليدي الذي يقتصر على الإلقاء والتلقين، بل تحول إلى أدوار أكثر أهمية، فأصبح هو الميسر والموجه والقائد والمصمم التعليمي القادر على خدمة أغراض التعليم والتعلم، و من هنا جاءت أهمية تنمية و تطوير أداء المعلم الإلكتروني إذا أردنا استخدام التعليم الإلكتروني بنجاح (زهو، 2016).
وتبعاً لِما سبق، وما فرضته ظروف جائحة كورونا (كوفيد-19) من إجراء عملية التعليم عبر بيئات التعلم الافتراضية، فقد استدعى ذلك تعريف وتطوير المعلم لبعض المهارات والقدرات الجديدة المتعلقة بالتعليم الإلكتروني ورفع كفاياته التعليمية والإلكترونية، إذ أنها تمثل الاحتياجات التدريبية المراد تزويد المعلم بها، والتي ستنعكس على ممارساته داخل الصف لتمكنه من استخدام وتوظيف وتقويم مصادر التعليم الإلكتروني وذلك لتحقيق بيئات تعلم جاذبة تؤثر بدرجة عالية على تحصيل المتعلمين.
فكما نعلم هناك مداخل كثيرة لإعداد المعلم وتنمية أدائه نتطرق في هذا المقال لإحداها:
المدخل التعليمي القائم على الكفايات، والذي يعتبر أحد الاتجاهات الأكثر شيوعا وانتشارا في إعداد المعلم وتأهيله مهنياً وتوظيف كفاءته و مهاراته لمساعدة الطلاب على تحقيق أهدافهم (زهو، 2016)، فهو أحد أهم وأبرز الاتجاهات التجريبية في مجال تطور النمو المهني للمعلم لارتباطه مع مفهوم التدريب الموجه نحو العمل (الحسن، 2017). و هناك العديد من الدراسات التي أكدت على ضرورة اكتساب المعلم كفايات تعليمية تقنية لازمة لتطوير أدائه في ظل التعليم الإلكتروني، فنجد تلك التي دعت إلى ضرورة عقد دورات متخصصة في المجال الإلكتروني لإكساب المعلمين مهارات أساسية لتصميم الدروس و الأنشطة الإلكترونية و إقامة دورات تثقيفية للمعلمين في مجال التعليم الإلكتروني (العمري، 2009)، و غيرها التي أشارت إلى ان الكثير من الهيئات العالمية المهتمة بالمعلم مثل:( المجلس القومي لاعتماد برامج إعداد للمعلمين و المنظمة الدولية للتقنيات في التعليم) وضعت و حددت عدة معايير مرتبطة بتكنولوجيا التعليم للمعلمين وأكدت على وجوب معرفتها و توظيفها في العملية التعليمية (زهو، 2016).
وتعرف الكفايات التعليمية على أنها: “أهداف سلوكية إجرائية محددة تحديداً دقيقاً يؤديها المعلم بدرجة عالية من الإتقان و المهارة ناتجة عن معارف و خبرات سابقة لأداء جوانب أدواره المختلفة – التربوية و التعليمية و الإدارية و الاجتماعية و الإنسانية – المطلوبة منه لتحقيق جودة عالية لمخرجات العملية التعليمية” (العنزي، 2007، ص.153).
وعرفت الاحتياجات التدريبية بأنها: ” مجموعة التغييرات و التطورات المطلوب إحداثها في معلومات المعلم، وسلوكه، و مهارته بقصد رفع مستواه حتى يتغلب على المشكلات التي تعترض سير العمل و الإنتاجية لديه”(البيشاوي، 2019، ص. 173).
كما تعرف برامج إعداد المعلم على أنها: “مجموعة الإجراءات و العمليات والنشاطات التي تتبناها مؤسسات إعداد المعلمين، بهدف تأهيل المعلم أكاديمياً ومهنياً وثقافياً، لمزاولة المهنة بما يتوافق مع متطلبات المجتمع” (الرويس، 2018، ص.582).
وفيما يلي نتناول بإيجاز بعض الكفايات اللازمة للمعلم لتنمية أدائه في ظل التعليم الإلكتروني:
- كفايات معرفية خاصة بمجال التعليم الإلكتروني والتي تشمل التعرف على: مكونات منظومة التعليم الإلكتروني وطرائق إدارة التعليم الإلكتروني وطرائق التقويم في التعليم الإلكتروني (زهو، 2016).
- كفايات خاصة بتوظيف تقنية المعلومات في التعليم وتشمل: استخدام البرامج والوسائط المتعددة في التدريس كإعداد شرائح بوربوينت وادراج الصور والفيديو.
- كفايات خاصه لقيام المعلم بدور الباحث وتشتمل على: استخدام الإنترنت وبرامج التصفح ومحركات البحث، إضافة إلى امتلاك روح التجريب والتجديد.
- كفايات جانب تفريد التعليم وتشمل: إرشاد المتعلمين بطرق فردية وجماعية وتحفيز دافعيتهم وإجادة فن التواصل مع المتعلمين.
- كفايات خاصه بإعداد المقررات إلكترونياً وتشمل: التخطيط للمقرر وتنويع أساليب التقويم الإلكترونية وإدارة المقرر عبر الشبكة وتحديد الأنشطة التي تحقق التفاعل الإلكتروني للطلاب.
- كفايات خاصه بجانب ربط المدرسة بالمجتمع حتى في ظل التعليم الإلكتروني، كدمج مشكلات المجتمع بالمقررات الدراسية (الخطيب،2018)، إضافة إلى مشاركة أولياء الأمور في إبداء الرأي لتعزيز مبدأ شركاء النجاح.
ومن أجل تحقيق تنمية أداء المعلم بما يتناسب مع التعليم الإلكتروني، على المعلمين مواصلة عملية تطويرهم من خلال الحلقات البحثية والاجتماعات فذلك يفيد في تبادل المعلومات ووجهات النظر وبيان نقاط القوة والضعف، مما يساهم في إثراء الجوانب المعرفية لديهم بشكل مستمر وعلى أساس إيجابي يؤدي إلى تدارك ما يواجهونه من مشاكل، وبذلك يتحقق مبدأ التقويم الذاتي. وإضافة إلى ما سبق، نذكر أيضاً اشتراك المعلم في المؤتمرات والندوات حيث يساهم ذلك في النمو المهني المستمر والذي يكمُن من خلال ما تعرضه هذه الندوات من موضوعات تعليمية مختلفة (الخطيب،2018).
ويمكن القول بأنه في التعليم الإلكتروني تزداد أهمية المعلم ويختلف دوره، فمن الضروري أن يصبح متقنا للمهارات الإلكترونية الحديثة، راغبا في التزود بكل ما يهم في مجال تخصصه. وعلى المهتمين بتطوير وتنمية المعلم الاخذ بالوظائف المستقبلية للمعلم في التعليم الإلكتروني عند إعداد مجتمعات تنمية المعلم وما يتعلق بها من كفايات تندرج تحت هذه الوظائف.
وش اسوي