سرطان العظام
ما هو سرطان العظام؟
توجد للعظام في أجسامنا عدة وظائف، فإنها تكون إطارًا يدعم ويحمي الأعضاء الداخلية (مثل عظام الجمجمة لحماية الأنسجة اللينة في الدماغ، والقفص الصدري يحمي الرئتين). يتم بواسطة العضلات تحريك العظام، ويعمل النخاع العظمي (نِقْيُ العظم – Bone marrow) على إنتاج خلايا الدم الموجودة في أجسامنا. يطلق على النمو السرطاني الذي ينشأ في نسيج العظام النامية، “سرطان العظام الأولي” (Primary bone cancer)، تظهر مثل هذه الأورام في الغالب في عظام اليدين والقدمين، لكنها يمكن أن تحدث في أي نوع من العظام في الجسم. إن سرطان العظام عند الأطفال نادر، ولكن عند الناشئين والبالغين في طور الشباب، هو الثالث في انتشاره من بعد ابيضاض الدم (Leukemia) والأورام اللمفاوية (Lymphoma).
إن سرطان العظام الأولي، غالبًا ما يسمى بال “سركومة” (Sarcoma). هناك عدة أنواع مختلفة من السركومة، وكل واحدة تميز طبقة عظام مختلفة؛ أما الأكثر شيوعًا فهي السركومة العظمية (Osteosarcoma)، سركومة إيوينغ (Ewing) والسركومة الغضروفية (Chondrosarcoma).
السركومة العظمية (Osteosarcoma) أو يطلق عليها أيضًا “سركومة عظمية المنشأ”، هي ورم خبيث في العظم مصدره في الخلايا المنتجة للعظم، ويتميز بتشكيل مادة تسمى أوستيوئيد (Aostauaid) وهي المرحلة الأولى من تكوين العظام.
إن حوالي 60 % من أورام العظام الأولية، هي من نوع السركومة العظمية. يظهر هذا الورم لدى الناشئين، لا سيما في مناطق النمو السريع، في عظم الكتف والركبة والفخذ. إن فرص الشفاء أفضل في الأورام الموجودة بالأطراف. لقد لوحظ انتشار السركومة العظمية، عند المرضى الذين يعانون من ورم أرومي شبكيّ (Retinoblastoma)، وخصوصًا في أجزاء من الجسم، والتي تعرَّضت للعلاج بالأشعة، في أوساط المرضى الذين تجاوزت أعمارهم الأربعين، والذين يعانون من داءِ بَاجِيتْ (Paget’s disease).
تُعَرَّفُ السركومة العظمية بحسب نوع الخلية المهيمنة (السائد) المسؤولة عن عملية التورم، مثل الخلية “بانية العظم” (Osteoplast) الخلية “بانية الغضروف” (Chondroplast) الخلية الليفية (Fibroplast)، وتلك المتعلقة بالشُّعَيْرات المتوسِّعة (Telangiectatic) (التي تشمل الفراغات الممتلئة بالدم في حالات الورم). هناك حالات متعددة المواضع، التي لا تستجيب للعلاج بأي شكل من الأشكال، وهناك حالات وَرَمِيَّة أفضل، التي لا يسبب فيها الورم أي ضرر لتجويف العظام، وإنما للعظم نفسه، أي القشرة (Cortex).
يبدو المظهر النموذجي للتورم، على شكل أوجاع وتورم موضعي، بدون ظهور الحمى، وقد يبقى المريض على هذا الحال لمدة تزيد عن نصف سنة. تظهر في تصوير الأشعة السينية منطقة، تم فيها انهدام العظام وتكلس الأنسجة اللينة. يظهر في فحص تخطيط العظام نشاط العظام في تلك المنطقة، لقد وُجِدَت عند حوالي 10 % – 20 % من المرضى، نقائل سرطانية (Metastases) في الرئتين، التي تم إظهارها عن طريق المسح المقطعي المحوسب (CT). من الضروري إجراء عملية زرع لخزعة (Biopsy) لتأكيد التشخيص. إن علاج سرطان العظام يشمل العلاج الكيميائي والجراحة.
يُحَسِّنُ إعطاء العلاج الكيميائي قبل الجراحة (Neoadjuvant)، من القدرة على المحافظة على الأطراف دون تعريض المريض للخطر. يعتمد العلاج الكيميائي على ثلاثة أدوية من أصل أربعة أدوية: الميثوتريكسات (Methotrexate – MTX)، أدرياميسين (Adriamycin) والسيسبلاتين (Cisplatin) وإيفوسفوميد (Ifosfomide)، ، يعطى الدواء الرابع في الحالات التي تكون فيها الآثار الجانبية شديدة، أو عدم الاستجابة للعلاجات الأخرى. يعتبر استئصال الورم وإدخال جسم اصطناعي في مكان العظم، أو مع أوعية تزويد الدم الخاص بها، أكثر قبولاً اليوم، من البتر والذي كان منتشرًا في الماضي.
إن نسبة 60 % – 80 % من المرضى، دون وجود النقائل أثناء التشخيص، يشفون من دون وجود أدلة على عودة المرض، طوال خمس سنوات مقبلة؛ ومع ذلك، فإن معدل الشفاء من الورم مع النقائل، هو 20 % فقط. يمكن، لدى المرضى المصابين بالأورام المستقرة، إعطاء علاج موجه عن طريق الأشعة بالإضافة لإعطاء أدوية أخرى مثل جيمسيتابين (Gemcitabine)، إيتوبوسيد (Etoposide) وكاربوبلاتين (Carboplatin).
لقد وصفت سركومة إيوينغ (Ewing) لأول مرة، بواسطة جيمس إيوينغ في عام 1921، كورم عظمي يتميز بخلايا دائرية زرقاء حساسة للإشعة. إن هذا هو نوع الورم الأكثر شيوعًا، بين الأورام الخبيثة في العظام لدى الأطفال والناشئين. يتم في كل عام تشخيص أربع حالات جديدة، لكل مليون طفل دون سن 15. إن المرض في العظم أو الأنسجة اللينة هو أكثر شيوعًا لدى الأولاد منه لدى البنات. ويتم تشخيص معظم الحالات في الأطراف – 53 % . والفخذ – 25 %. وقد تم، في الجسم، تشخيص – 47 %، الحوض – 20 % والعمود الفقري والأضلاع – 13 %.
إن أول أعراض المرض هو الألم الموضعي المتقدم، الذي يوقظ المريض من النوم، بحسب مكان الورم، إذ قد يعرج المريض ويعاني من أوجاع متزايدة أثناء التنفس، أو ألم ينعكس في الطرف. يبرز الانتفاخ في منطقة الورم بشكل خاص في الأطراف.
يصاب المرضى في 3 % من الحالات، بالشلل نتيجة لضغط الورم على النخاع الشوكي. ستظهر لدى 28% من المرضى، حمى شبيهة بالحمى الناجمة عن تلوث العظام، و26% من المرضى يتم تشخيص نقائل عندهم في التشخيص. إن المواقع الأكثر شيوعًا للنقائل هي الرئة والعظام والنخاع العظمي.
يشمل تقييم المريض تصوير منطقة الورم، والبحث عن النقائل والتشخيص التفريقي (Differential diagnosis). يمكن من خلال التصوير اكتشاف داء مدمر في العظم وشرائط متكلسة متوازية مثل قشر البصل. يمكن في المسح المحوسب للعظم، والتصوير بالرنين المغناطيسي، فحص عينة من كتلة النسيج اللينة. كما يتم في مسح العظم، تحديد منطقة المرض والنقائل العظمية. تكون سرعة ترسُّب الكريات الحمراء (ESR) وتركيز إنزيم نازعة هيدروجين اللَّكْتات (Lactatedehydrogenase ) مرتفعة.
يعتمد علاج سرطان العظام الموضعي، على نسبة عالية من الإشعاع (45 – 65 وحدة اشعاع) أو الاستئصال، وهذا يرتبط بالقدرة على اجراء الجراحة وعلى النتائج الوظيفية ومخاطر الأورام الثانوية الناجمة عن الأشعة (5% – 10 % في 20 سنة). يتم العلاج بالأشعة للأورام الموجودة بالحوض والعمود الفقري، وعند وجود بقايا للورم المستأصل. تتم جراحة الأورام في الأطراف، مع الحفاظ على الطرف.
يتضمن العلاج المتعارف عليه حاليًّا، إعطاء العلاج الكيميائي عن طريق الوريد لتقليل الورم قبل الاستئصال و/ أو الأشعة. ويشمل العلاج الكيميائي خمسة أدوية : فينكريستين (Vincristine)، دوكسوروبيسين (Doxorubicin) وسيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide)، بالتناوب مع إيفوسفاميد (Ifosfamide) وإيتوبوسيد (Etoposide).
تعتمد احتمالات الشفاء بالنسبة للأطفال والمراهقين، الذين يعانون من سركومة إيوينغ، على حجم الورم وموقعه، ومرحلة المرض ووجود النقائل. لقد توصلت الدراسات الدولية، إلى أن نسبة البقاء على قيد الحياة، وعدم الشعور بالمرض لمدة خمس سنوات، بالنسبة للمرضى الذين لا توجد لديهم نقائل، تصل إلى 70 %.
إن السركومة الغُضْروفية (Chondrosarcoma) هي الأكثر شيوعًا من بين الأورام الخبيثة في جدار الصدر. تكون نسبة حدوث هذا النوع من السركومة، أكبر لدى الرجال في العقد الثالث أو الرابع من حياتهم؛ وعادةً ما يتركز الورم في القفص الصدري الأمامي، وقد يسبب الألم، ولكنه لا يسبب كسر الضلع. يتم استئصال الورم مع هوامش واسعة بقدر أربعة سنتيمترات من الأنسجة السليمة. فهذه الجراحة الواسعة مع الهوامش، تقلل بشكل ملحوظ، من نسبة احتمال عودة الورم ونسبة ظهور النقائل، لكن نتيجة للجراحة الواسعة، غالبًا ما يتطلب إعادة بناء جدار الصدر أثناء الجراحة.
أعراض سرطان العظام
في بعض الأحيان، لا يعاني الأشخاص المصابون بسرطان العظام من أية أعراض أو قد تظهر لديهم أعراض يكون سببها حالة طبية مختلفة ليست سرطانًا.
ولكن من أعراض سرطان العظام الشائعة:
1- الألم
من أكثر علامات الإصابة بسرطان العظام شيوعًا هي الألم في العظم المصاب.
في البداية يكون الألم غير ثابت، فقد يكون أسوء في الليل وأحيانًا يوقظ المريض من النوم بحسب مكان الورم.
ومن الممكن أن يزداد الألم في حالة استخدام العظام فعلى سبيل المثال، الشعور بألم في الساق عند المشي، وأوجاع متزايدة أثناء التنفس أو ألم ينعكس في الطرف.
ومع تطور السرطان، سيكون الألم موجودًا طوال الوقت ويزداد سوءًا مع النشاط.
2- التورم
قد لا يحدث تورم في منطقة الألم إلا بعد أسابيع وربما يلاحظ المصاب تورم والام بالضغط بالقرب من المنطقة المصابة، ومن الممكن الشعور بكتلة اعتمادًا على مكان الورم.
يمكن أن يسبب السرطان في عظام الرقبة تورمًا في الجزء الخلفي من الحلق وممكن أن يؤدي إلى صعوبة في البلع أو في التنفس.
3- ضعف العظام وتكسرها
يمكن أن تضعف الخلايا السرطانية العظام، وهذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى كسور.
فقد يحدث الكسر في منطقة من العظام سبق وأن كانت مؤلمة لفترة من الزمن، إذ أن الأشخاص الذين يعانون من كسر بجانب ورم في العظام عادًة ما يصفون ألمًا مفاجئًا شديدًا في عظم كان قد أصيب بالتهاب لبضعة أشهر.
4- انخفاض الحركة
في بعض الحالات وإذا كان موقع الورم بالقرب من المفصل، تصبح الحركات الطبيعية صعبة أو مؤلمة، مما يؤثر على حركة المصاب ويجعلها أقل.
أعراض سرطان العظام الأخرى
يمكن أن تظهر أعراض أخرى لسرطان العظام وتشمل:
- فقدان الوزن والتعب.
- أعراض أخرى متعلقة بانتشار السرطان إلى الأعضاء الداخلية، فمثلًا إذا امتد السرطان إلى الرئتين يسبب صعوبة في التنفس.
- الشعور بالتنميل والوخز والضعف في حالات سرطان عظام العمود الفقري، لأن السرطان قد يسبب الضغط على الأعصاب.
- في حالات نادرة قد يكون لدى الأشخاص المصابين بسرطان العظام أعراض، مثل: الحمى، والشعور العام بالتوعك، وفقر الدم.
هذه الأعراض غالبًا ما تكون بسبب حالات أخرى غير السرطان، مثل: الإصابات، والتهاب المفاصل.
ومع ذلك، إذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة دون سبب معروف يجب عليك زيارة الطبيب.