الأزمة الاقتصادية
تعرف الأزمة الاقتصادية على أنها حالة يتدهور فيها اقتصاد بلد ما كثيرًا؛ إذ يعاني من الانكماش المفاجئ الذي ينتج عن أزمة مالية، فيتباطأ الاقتصاد بشكل سلبي ملحوظ وينخفض الناتج المحلي الإجمالي وتجف السيولة وترتفع معدلات البطالة وتهوي أسعار سوق العقارات بشكل حاد، كما ترتفع أسعار المواد المختلفة أو تنخفض بسبب التضخم أو الانكماش، وينعكس ذلك بشكل جليٍ على حياة المجتمع والمواطنين فيه؛ بحيث يتضرر الجميع بنسبٍ متفاوتة مختلفة ويضطر الكثير منهم لبيع ممتلكاته كافة لتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة له ولعائلته، بالإضافة إلى آثارها المُدوية على الاقتصاد العام للدولة وتراجع مدخراتها، ويمكن أن تتخذ الأزمة الاقتصادية شكل كساد عندما تكون مدمرة أو شكل ركود عندما تكون الأزمة أقل حدة، وتحدث الأزمة الاقتصادية في دولة ما وتظل في حدودها أو تكون أزمة إقليمية أو عالمية تنعكس آثارها على اقتصاد عدد كبير من الدول.
ما هو الكساد الاقتصادي؟
يعد الكساد الاقتصادي فترة زمنية غير اعتيادية يتباطأ فيها الاقتصاد وترتفع خلالها معدلات البطالة بشكل كبير، ويصبح استحداث المواطن لعمل جديد أمرًا صعبًا، كما تشهد الاستثمارات نقصًا وعزوفًا من قبل المستثمرين وينخفض الإقبال على السلع الاستهلاكية بشكل ملحوظ، وهو ما يحدث فائضًا في الإنتاج لدى الشركات الكبرى بسبب الإنفاق المنخفض للمستهلكين، فتضطر تلك الشركات إلى خفض إنتاجها وتقليص مصاريفها وتسرّح المزيد من العمال وإنهاء عقود العمل خاصتهم، وتشهد الأسعار خلال فترة الكساد انخفاضًا، أما المؤشرات المتعلقة بمستقبل الاقتصاد فتكون سلبية ومتشائمة، ويكون الكساد الاقتصادي طفرة في مجال المال والأعمال على مستوى المؤسسات المركزية والدول، ومن أشهر الفترات التي شهدت أزمات مماثلة عام 1929م عندما تأثرت الولايات المتحدة الأمريكية بهبوط مفاجئ ونكسة أثرت على كافة المرافق الخدماتية في الدولة.
ماذا تفعل في حالة الكساد الاقتصادي والأزمة الاقتصادية العالمية الحالية؟
يمر العالم بحالة كساد اقتصادي على فترات متفرقة، مما يعني أن عليك التعرف على النقاط التي يجدر بك الإلمام بها، والخطوات التي يجب عليكَ التصرف بموجبها لمواجهة تلك الأزمة، وذلك من خلال:
- تأمين كافة الموارد المالية لديك من حسابات نقدية وشيكات ومدخرات وحسابات سوق المال، فهذه الموارد لا تتأثر بما يحدث في السوق على خلاف الأسهم والصناديق المتداولة في البورصة وغيرها.
- ترشيد النفقات بتقليل الإنفاق على كل ما هو غير ضروري وخفض أكثر ما يمكن من التكاليف والمصاريف التي يمكن تأجيلها أو إلغاؤها.
- البحث عن طرق لكسب نقود إضافية بالحصول على وظيفة ثانية أو بيع الممتلكات التي لم تعد تستخدمها أو توظيف مهاراتك للقيام ببعض الأعمال التي تكسب من ورائها مالاً.
- التخلص من الديون السابقة من خلال جدولة برنامج لسدادها، سواء كانت للبنوك أو لأشخاص معينين، فذلك سيساعدك على البدء خفيف الكاهل.
- تحديث التأمين المالي الخاص بك، بما يحيط بحياتك بالحماية سواء الطبية والصحية أو التأمين على الحياة أو الممتلكات وغيرها.
- تعديل سيرتك الذاتية وتحديثها بما يتلاءم والوظيفة التي تريد الانتقال للعمل لها، ففي أوقات الكساد الاقتصادي من المهم أن تحافظ على مهنة ذات عائد مالي جيد.
كيف تكسب في سوق الأسهم مع الأزمة الاقتصادية بسبب فيروس كورونا؟
يوفر سوق الأسهم رغم الأزمة الاقتصادية التي يسببها فيروس كورونا مجالاً للربح عبر الاستثمار في أسهم الأسواق القوية، والتي صمدت في مواجهة تأثيرات الفيروس بشكل أفضل من بقية الأسواق، وشراء أسهم في ذروة البيع تكون مرتبطة بمجالات ترتفع أرباحها بسبب الأزمة مثل منصة نتفليكس، ومن الضروري التنويع في مجالات الاستثمار حيث أن امتلاكك لتشكيلة واسعة من السندات والأسهم يُمكنك من مواجهة آثار الفيروس المالية، ويُمكنك أيضًا من الاستثمار في أسهم الشركات التكنولوجية التي تعمل على منصات العمل عن بعد أو الأعمال التجارية عبر الإنترنت، وذلك عبر التطبيقات الذكية المتاحة وغرف الاجتماع الإلكترونية وغيرها، ولقد شهدت أسهم العديد من شركات البرمجة والتكنولوجيا ارتفاعًا على أسعار منتجاتها، مما يؤكد أن رب ضارة نافعة، ولم تقتصر أرباح الأسهم في الأزمة الاقتصادية التي سببها فيروس كورونا على بيئة العمل وحسب، بل وتطبيقات التعزية ومشاركة الأفراح وإرسال الرسائل الصوتية والمرئية للأهل والأصدقاء وغيرها.
كيف أستفيد من الأزمات الاقتصادية المالية؟
يحسن عدد من المستثمرين التعامل مع الأزمات المالية فيستفيدون منها ويحققون الأرباح، ولتكون واحدًا منهم عليك:
- الاستثمار في السلع الاستهلاكية التي لا تتأثر بفترات الركود الاقتصادي؛ إذ يحتاج المستهلكون على الدوام إلى شراء الطعام والدواء ومنتجات النظافة واللوازم الطبية، فجميعها تغطي الاحتياجات الأساسية للإنسان من الغذاء والصحة مهما اختلف المكان والفئة العمرية.
- الاستثمار في أرباح الأسهم بشراء أسهم الشركات الكبرى ذات الميزانيات الضخمة، فهي قادرة على تحمل الركود الاقتصادي بل ودفع الأرباح للمستثمرين فيها أيضًا، بحيث تكون نسبة المخاطرة فيها أقل من المؤسسات الناشئة التي لا تستطيع تحمل الخسارة لوحدها مما يعني أن عليكَ دفع الثمن.
- الاستفادة من انخفاض الطلب على سلع السوق عبر طريقة البيع بمتوسط تكلفة الدولار؛ إذ تكون هناك عمليات بيع في سوق الأسهم قبل فترة طويلة من الأزمة الاقتصادية، وعند استخدامك لتلك الطريقة فأنت بذلك تخفض تدريجيًا من التكلفة الإجمالية لسعر الأسهم، وبالتالي عند ارتفاع الأسعار تكون تكلفة شرائك لتلك الأسهم أقل.
متى سيبدأ الكساد الاقتصادي التالي؟
لا يتوقف الخبراء عن استشراف مستقبل الاقتصاد وتوقع موعد حلول الكساد الاقتصادي التالي حتى عندما تكون المؤشرات المالية إيجابية جدًا، ولقد توقع ما يقارب 45 بالمئة من أعضاء مجلس Fast Company Impact Council أن يكون العام 2020 سيئًا بالنسبة للأعمال، ولم تتجاوز نسبة المتفائلين بأن يكون الاقتصاد العالمي أفضل بما يعادل 16٪، وبحسب 21 بالمئة من أعضاء المجلس فإن العام 2020م سيشهد ركودًا حادًا، لكن 54 بالمئة منهم رجحت أن يكون الركود الاقتصادي العالمي سنة 2021م وتحديدًا بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لكونها واحدة من أهم الانتخابات الديمقراطية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأوضاع الاقتصادية بالعالم أسره، نظرًا للعلاقات الدبلوماسية والسياسية الواسعة التي تجمع أمريكا بحلفائها و منافسيها، وقد رأى حوالي 15 بالمئة منهم أن الركود التالي سيأتي في عام 2022م، وسيشهد تعافيًا تدريجيًا على الاقتصاد العالمي بسبب إعادة ضخ المال في الأعمال التجارية إلا أن هذا لا يعني وقوع أضرار ملموسة على دولٍ عدة.
كيفية الاستعداد للكساد الاقتصادي المقبل
مع تزايد المخاوف بشأن المستقبل يبدو الاستعداد للكساد الاقتصادي المقبل أمرًا ضروريًا وممكنًا من خلال اتباع عدة خطوات تتمثل أساسًا في إنشاء صندوق للطوارئ يحتوي على مدخرات مالية تكفي لفترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، وضبط ميزانية واضحة للإنفاق تلبي الضروريات والحاجيات المُلحة وتستثني الكماليات لفترة وجيزة، وتُمكن من الادخار والتوفير والاستثمار في حقولٍ مربحة في ذات الوقت، وكذلك التنويع في المهارات التي ستمكنك من إيجاد عمل جديد عند مواجهة البطالة التي ستفرضها الأزمة الاقتصادية لا محالة، إذ يمكن لكَ تلقي دورات ودروس مختلفة في مجال عملك عبر منصات التدريب والتعليم المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك يجب ضبط خطة واضحة لسداد الديون حتى لا تتراكم بشكل أكبر مع وقوع الكساد المرتقب، كما يجب عدم إيقاف المساهمة المنتظمة في الحسابات الاستثمارية التي ستعود بالفائدة العظيمة على المستثمرين عند زوال الأزمة وانتهائها.
تاريخ الكساد الاقتصادي والأزمات الاقتصادية العالمية
شهد العالم عبر التاريخ عددًا من الأزمات الاقتصادية أو فترات الكساد، ومن أبرزها أزمة الائتمان المعروفة في عام 1772م والتي نشأت في لندن لتنتشر بسرعة في أجزاء أخرى من أوروبا والمستعمرات البريطانية آنذاك، والكساد الكبير الذي تواصل من سنة 1929م إلى سنة 1939م وهو أسوأ كارثة مالية واقتصادية في القرن العشرين الحديث، ولا ننسى ذِكر صدمة أسعار نفط منظمة الأوبك لعام 1973م عندما حظرت الدول العربية المُشارِكة في أوبك تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وحلفائها، والأزمة الآسيوية التي نشأت في تايلاند سنة 1997م لتنتقل سريعًا إلى بقية دول شرق آسيا ممثلة خاصة في النمور الآسيوية وشركائها التجاريين، وتعد الأزمة المالية التي شهدها العالم خلال سنة 2007م و2008م الأسوأ في تاريخ الأزمات المالية المعاصرة منذ أزمة الثلاثينات حيث طال الدمار الأسواق المالية حول العالم وكافة بلدانه.
وش أسوي