الركود الاقتصادي العالمي
الركود الاقتصادي العالمي هو فترة طويلة من التدهور الاقتصادي حول العالم ويستخدم صندوق النقد الدولي IMF العديد من المعايير لتحديد الركود العالمي بما فيها انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم، وحسب تعريف صندوق النقد الدولي يجب أن يتزامن هذا الانخفاض في الناتج العالمي مع ضعف مؤشرات الاقتصاد الكلّي الأخرى مثل التجارة وتدفقات رأس المال، ويأخذ صندوق النقد الدولي تدهور العوامل الاقتصادية الأخرى بدءًا من استهلاك النفط إلى معدلات العمالة، ووفقًا لصندوق النقد الدولي كان هناك أربع حالات ركود عالمي منذ الحرب العالمية الثانية ابتداءً من 1975 و1982 و1991 و2009 ميلاديًا وكان الركود الأخير أعمقها وأوسعها وشهد الاقتصاد العالمي منذ عام 2010 عملية انتعاش وإن كانت بطيئة ولكن مع الأزمة العالمية الحالية بسبب فيروس كورونا فنحن على أبواب انهيار اقتصادي جديد.
كيف تستعد لمواجهة أزمة مالية عالمية؟
نظرًأ لأنه لا يمكن محاربة الانهيار الاقتصادي والأزمات الاقتصادية والمالية لأنه خارج عن قدرات الأفراد إلا أنه يمكن اتباع بعض الخطوات التي قد تساعدك على تقليل الآثار التي تترتب عليه، ومن هذه الخطوات:
- احصل على النقد: إذا كنت صاحب استثمارات فعليك الانتباه إلى أن توفّر النقد سواء في منزلك أو في حسابك البنكي لأن النقد يوفّر لك قوة شرائية، ويُوصى بعدم البقاء باستثمارات تستغرق أكثر من أسبوع للانسحاب منها ويجب أن تحمل حسابات التوفير والشيكات مبلغًا معينًا للحالات الطارئة يمكن سحبها بسرعة.
- أنشئ صندوقًا نقديًا للطوارئ: يجب ألا يكون صندوق الطوارئ النقدي في الائتمان بل يجب أن يكون من النقد الذي احتفظت به في حساب التوفير من دخلك الشهري وهذا الصندوق هو الأساس ولا يجب سحب ما فيه إلا في الحالات الطارئة القصوى.
- اقتصد في فواتيرك الشهرية: عندما يقلّ دخلك أو يتوقف يجب عليك الانتباه إلى النفقات التي تصرفها كالفواتير؛ لذا عليك الاقتصاد وإلغاء الفواتير غير الضرورية لتوفير المال للأمور الأهم.
- احصل على مصدر إضافي للدخل: يحاول الكثير من الناس بناء عمل تجاري صغير في المنزل لتوليد دخل إضافي للعائلة بصرف النظر عن وظيفتهم الأساسية وتكون هذه الخطوة فعّالة في محاربة الأزمة المالية والأوقات الصعبة.
- سدد ديونك: إذا كان عليك الكثير من الديون حاول أن تتخلص منها في أسرع وقت ممكن ففي حالة الانهيار المالي ستكون هناك خسائر في الوظائف والدخل.
- تأكد من أن جواز سفرك حديث: قد يكون الذهاب إلى دولة أقل تأثرًا بالأزمة المالية فكرة جيدة؛ لذا عليك أن تتأكد من سريان مدة جواز سفرك إلى عدة سنوات قادمة.
الركود الاقتصادي .. أزمة مفتعلة أم مؤشر لمرحلة صعبة؟
أسفر فيروس كورونا مؤخرًا عن سقوط العديد من الضحايا وعن أزمة عالمية أدت إلى انهيار اقتصادي طال دول العالم أجمع ولا يمكن البتّ فيما إذا كانت هذه الأزمة مُفتعلة أم لا ولكن الأمر المؤكّد هو أنها أزمة عالمية ومؤشر لانهيار كبير وأوقات صعبة تمر فيها جميع دول العالم، وفي ظل افتراض احتواء الوباء في النصف الثاني من عام 2020 ميلاديًا فسينخفض النمو العالمي هذا العام إلى -3% وهو انخفاض كبير بزمن قياسي ما يجعله أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد العظيم وأسوأ بكثير من الأزمة المالية العالمية، ومع افتراض تلاشي الوباء في هذه الفترة وفعالية الإجراءات المُتخذة في جميع دول العالم فمن المتوقع أن يرتفع النمو العالمي في عام 2021 إلى 5.8% وهذا الانتعاش جزئي وهو أقل من المستوى المتوقع قبل انتشار فيروس كورونا ويمكن أن تكون الخسارة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال عامي 2020 و2021 حوالي 9 تريليون دولار أي أكبر من اقتصادات اليابان وألمانيا مجتمعة.
تشهد البلدان في هذه الأزمة اضطرابات كبيرة وتواجه الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تحديات إضافية وانعكاسات في تدفقات رأس المال ومساحة مالية محدودة للدعم بسبب انهيار الأنظمة الصحية، ودخلت العديد من الاقتصادات في حالة هشاشة مع تباطؤ النمو وارتفاع مستويات الديون، وتمرّ هذه الاقتصادات والأسواق الناشئة النامية للمرة الأولى منذ الكساد الكبير بالركود ومن المتوقع أن ينخفض دخل الفرد في أكثر من 170 دولة وأن تتعافى الاقتصادات المتقدمة والأسواق الاقتصادية الناشئة والاقتصادات النامية جزئيًا في عام 2021 ميلاديًا.
كورونا يدفع العالم إلى ركود اقتصادي .. فما الفرق بين الركود والكساد؟
يُعرّف الركود الاقتصادي على أنه تقلّص الناتج المحلي الإجمالي لربعين على الأقل ويشير مصطلح الربع إلى ربع سنة، وهناك أيضًا العديد من المؤشرات التي تشير إلى حالة الركود ذلك أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيتباطأ عادةً لعدة أرباع قبل أن يتحوّل إلى رقم سلبي وذلك استجابة لتباطؤ طلب المستهلكين في الأسواق، أما الكساد الاقتصادي فهو ركود يمتد إلى عدّة سنوات وليس لأرباع فقط وإنه أشدّ من الركود؛ إذ تصل البطالة فيه إلى 25% وتهبط أسعار المساكن بنسبة 30% وتهبط الأسعار بنسبة 10% فالدمار الذي يلحقه الكساد كبير للغاية لدرجة أن آثار الكساد الكبير الذي حصل في عام 1929 ميلاديًا استمرت لعقود بعد انتهائه.
كيف يمكن تجنب الركود القادم للاقتصاد العالمي؟
تقع مهمة تجنّب الركود الاقتصادي العالمي القادم على عاتق صانعي السياسات فيجب أن يستخدموا كل أداة فعّالة تحت تصرّفهم ويحاولوا إعادة الاقتصاد إلى حالة التوظيف الكامل، ولكي تكون هذه الأدوات فعّالة فهي تحتاج إلى تعزيز الإنفاق من قبل الأسر أو الشركات أو الحكومات لتخفيض النقص الكلي في الطلب الذي يعدّ السبب الرئيسي للركود الاقتصادي، وكانت النظرة التقليدية للاقتصاد الكلي السائد قبل الكساد الكبير هي أن السياسة النقدية ستكون كافية لإنهاء ذلك الركود بسرعة وأن الاستقرار المالي التقديري سيكون إما غير ضروري أو ضارًا للغاية، لذا يجب على صناع السياسات والحكومات أن تأخذ بعين الاعتبار هذه النظرة التقليدية وأن يتفق جميع محللي سياسات الاقتصاد الكلي على أن السياسة المالية التقديرية يجب أن تلعب دورًا في محاربة الركود المقبل وتحفيز التعافي بشكل أسرع.
اقتصادات كبرى على حافة الركود
أثّر الركود الاقتصادي الحالي الناتج عن انتشار فيروس كورونا على اقتصادات العالم وفي القائمة التالية أبرز الدول المتأثرة اقتصاديًا بهذا الركود:
- ألمانيا: انكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.1% في الربع الثاني عام 2020 ميلاديًا بعد نمو هائل بنسبة 0.4% في بداية العام فربعان متتاليان من النمو السلبي مؤشر على الركود في نهاية العام؛ وهذا بسبب ركود التصنيع في العالم ولأن ألمانيا تعتمد على تصنيع السيارات والسلع الصناعية لدعم اقتصادها.
- المملكة المتحدة: انكمش النمو في المملكة المتحدة بنسبة 0.2% في الربع الثاني بعد أداء ضعيف في الربع الأول بنسبة 0.5% وعلى رأس مشاكل التصنيع شهدت المملكة المتحدة تراجعًا في الاستثمار.
- إيطاليا: دخلت إيطاليا الركود الاقتصادي مع العلم أنها ثالث أكبر اقتصادات دول اليورو فبلغ معدّل النمو في الربع الثاني 0.2% وهناك قلق من أن يتحوّل إلى رقم سلبي قريبًا لأن إيطاليا تبيع السلع إلى ألمانيا وتعاني من استمرار الأزمات السياسية التي تجعل المساعدة الاقتصادية الإضافية من الحكومات صعبة.
- المكسيك: أحرزت المكسيك المزيد من الخسائر وتقلّص اقتصادها بنسبة 0.2% مع بداية عام 2020 ميلاديًا وبالكاد نجا من الركود الرسمي في الربع الثاني من خلال نمو بنسبة 0.1% وعانى المكسيك من تراجع في الاستثمار والأعمال التجارية.
- البرازيل: تقلّص أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية بنسبة 0.2% في الربع الأول من 2020 ومن المتوقع أن يُظهر نموًا سلبيًا مرة أخرى من الربع الثاني ما يمثّل ركودًا اقتصاديًا.
- الأرجنتين: تراجع سوق الأسهم في الأرجنتين بنسبة 50% تقريبًا وهو ثاني أكبر انهيار تشهده أي دولة منذ عام 1950 ميلاديًا ويخشى الكثير من أن الأرجنتين لن تتمكن من سداد ديونها ولن يتمكن المواطن الأرجنتيني من الطبقة المتوسطة من تحمّل تكاليف السلع اليومية.
- سنغافورة: انكمش اقتصاد سنغافورة بنسبة 3.3% في الربع الثاني من 2020 وتأثر الاقتصاد السنغافوري بسبب اعتماده الكبير على الصادرات.
- كوريا الجنوبية: انكمش الاقتصاد الكوري الجنوبي بنسية 0.4% في الربع الأول من عام 2020 ولكنه ارتفع بنسبة 1.1% في الربع الثاني وبذلك استطاعت تجنّب الركود نوعًا ما ولكنها ما زالت في المنطقة الخطرة؛ إذا تعتمد كوريا الجنوبية على بيع الإلكترونيات والسيارات في الخارج وانخفضت صادرات الإلكترونيات بنحو 20% في الأشهر الأخيرة.
- روسيا: حذّر معهد اقتصادي روسي من أن روسيا قد تكون في حالة ركود بحلول نهاية عام 2020 ميلاديًا بعد نموها المعتدل بنسبة 0.7% في النصف الأول من عام 2019، وتعاني روسيا منذ عام 2014 ميلاديًا من انخفاض أسعار النفط وفرض العقوبات عليها من قبل دول أخرى.
- الولايات المتحدة الأمريكية: الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد خدمات في المقام الأول وهو يغذّي الطلب المحلي ويوفّر بعض العزل للمشاكل في الخارج ويشتري المسثمرون العالميون سندات الخزانة الأمريكية ما تتسبب في عكس منحنى العائد في الولايات المتحدة، فالاقتصاد الأمريكي يتعرّض لاحتمال ركود ليس بسبب منحنى العائد نفسه وإنما بسبب السياسية التجارية والضرر الذي تسببه.
وش أسوي