المهارات الناعمة والمهارات الصلبة
يشتهر مفهوما المهارات الناعمة والصلبة في الأوساط الوظيفية، وغالبًا ما يطلب أصحاب العمل توفّر مزيجٍ من هذه المهارات في الموظفين، إذ ترتبط المهارات الصعبة بمعرفة وتدريب تقنيين محدّدين، في حين أنّ المهارات الشخصية هي سمات شخصية يتحلّى بها الشخص؛ مثل القيادة أو الاتصال أو إدارة الوقت، ويُعد كلا النوعين من المهارات الضرورية؛ لتحقيق أفضل أداء، والتقدّم بنجاح في معظم الوظائف، وزيادة الإنتاجية، وكفاءة الأداء، فالمهارات الصلبة هي المعرفة التقنية أو التدريب الذي اكتسبتَه من خلال أي تجربة حياتية، بما في ذلك مهاراتك في حياتك المهنية أو التعليمية، وتشمل بعض المهارات الصعبة الأكثر طلبًا: إدارة قاعدة البيانات، مهارات تعددية اللغات، تطوير الهواتف، مهارات التعامل مع برامج Adobe، إداراة الحملات التسويقية، مهارات أنظمة التخزين والإدارة، لغات البرمجة المختلفة، كلغة جافا.
وأمّا المهارات الشخصية فهي العادات والسمات الشخصية التي تشكّل كيفية عملك بمفردك ومع الآخرين، فالمهارات الشخصية ضرورية لمهنتك، فبالرغم من أنّ المهارات الصلبة ضرورية لأداء المهام التقنية بنجاح في الوظيفة، إلا أنّ المهارات الشخصية ضرورية لخلق بيئة عمل إيجابية وعملية، لهذا السبب غالبًا ما يبحث أصحاب العمل عن أفراد يمتلكون مهارات ناعمة وصلبة، وقد يفضّل بعض أصحاب العمل اختيار المرشحين الذين لديهم مجموعة أقوى من المهارات الشخصية على المهارات الصعبة، إذ يصعب أحيانًا تطوير المهارات الشخصية، وتتضمن بعض المهارات الشخصية الأكثر طلبًا: النزاهة، الاعتمادية، التواصل الفعال، الانفتاح، حل المشكلات، التفكير الناقد، الرغبة في التعلم، الإبداع، والعمل بروح الفريق الواحد.
كيف يختار أصحاب الشركات الموظفين؟
عندما يُعيّن صاحب العمل موظّفًا فإنّه يسعى لتعيين الشخص المناسب لشغل الوظيفة المناسبة، فالخطوة الأولى نحو الوصول لهذا الهدف هي تحديد ما يحتاجه في الموظف عن طريق تحليل الوظيفة، فبمجرد الانتهاء من هذه الخطوة سيعرف المهارات والمجالات المعرفية اللازمة للمنصب المفتوح، أمّا الخطوة التالية التي يؤديها فهي استخدام المعلومات لتحديد مؤهلات وظيفته المطلوبة، ويعتمد أصحاب العمل مجموعة من الأسس في اختيار الموظف الأمثل لشغل الوظيفة المطلوبة وتحديد المؤهلات الوظيفية، ومنها:
- الخبرة: بالتأكيد سيكون الموظف الأمثل هو صاحب الخبرة في مجال الوظيفة، أحيانًا يكون من الصعب العثور على أفراد لديهم الخبرة المناسبة، خاصة إذا كانت الوظيفة متخصّصة أو جديدة نسبيًا، وغالبًا ما تحتل الخبرة الأولوية في اختيار الموظّف.
- المؤهلات العلمية: يطلب بعض أصحاب العمل على الأقل شهادة الثانوية أو شهادة معادلة لشغل الوظائف المطلوبة، أحيانًا تتطلب بعض الوظائف فكرًا ومسؤوليات أكثر تقدّمًا، وبالتالي قد تتطلب تعليمًا أكثر تقدّمًا، من الجدير بالذكر أنّ التعليم لا يأتي بالضرورة من بيئة أكاديمية تقليدية، كالجامعات أو المعاهد أو المدارس، فالتدريب الذي قد يتلقاه شخص من وظيفة بدوام جزئي أو تدريب داخلي أو عمل سابق يمكن اعتباره تعليمًا أيضًا.
- المؤهل وظيفي: القدرة صعبة الحكم، فأحيانًا تكون القدرة سمة فطرية وشخصية، وفي أحيان أخرى تكون نتاجًا ثانويًا للتعليم أو الخبرة، فقد ترتبط القدرة بالتعليم، فبعد قدر معين من التعليم يكون لدى الشخص القدرة على أداء مهام معينة، كالمحامين والمحاسبين، فتكون قدرتهم على أداء واجباتهم نتاجًا ثانويًا لتعليمهم وشهادتهم، وأحيانًا لا ترتبط القدرة بتحقيق نتاج تعليمي معين، فمثلًا يملك بعض الأشخاص مهارات تواصل فاعلة، فيستطيعون تطوير إحساس بالعلاقة مع الأشخاص ممّا يجعل الناس يريدون التعامل معهم، كمندوب المبيعات أو موظف الاستقبال في مكتب، فتكون قدرتهم ليست نتاجًا للتعليم بالضرورة.
- إتقان اللغة: كما هو الحال مع جميع المهارات والقدرات، فيجب أن تكون طلاقة اللغة مرتبطة بأداء الوظيفة حتى تكون متطلبًا أساسيًا للوظيفة.
- الجهد أو القدرات البدنية: قد تتطلب بعض الوظائف قدرات أو قوة جسدية معينة، فيجب أن تكون هذه المتطلبات بالتأكيد جزءًا من مؤهلات الوظيفة المحددة.
نصائح للمساعدة في زيادة إنتاجية الموظفين
لا يوجد شيء أكثر أهمية للشركات الصغيرة من موظفيها، فإذا كان موظفو الشركة سعداء ويشعرون بالراحة في شركتهم، فستزيد إنتاجيتهم، ولتحقيق أقصى استفادة من الموظفين عندك والتأكّد من الحفاظ على إنتاجيتهم إلى أقصى حد:
- زيادة الفاعلية: ضع في اعتبارك كيف تعمل شركتك حاليًا، وكن منفتحًا على إمكانية تغيير طريقة عملك، تذكّر أنّه من المهم إنشاء قوائم مهام قصيرة وطويلة الأجل وتحديد أولويات المهام، خاصة في الشركات الصغيرة، وزوّد كل موظف بخطة، وشجّع كل واحد منهم على عمل قائمة للتأكّد من أنه يكمل الوظائف ذات الأولوية في الوقت المحدد، ممّا يؤدي إلى عمل أكثر فاعلية.
- تفويض المهام: يعتمد نجاح التفويض على توكيل المهمات للشخص المناسب، أي الموظف الذي يثق صاحب العمل بأنّه كفؤ للقيام بالمهمة ويمتلك القدرات اللازمة لأدائها، وهي مهمة لتحسين الروح المعنوية والرضا الوظيفي لموظفيك.
- الحد من المشتّتات: يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي قاتلة كبيرة للإنتاجية، ولكن ليس من العملي أن يكون لديك سياسة عدم استخدام الهاتف، بدلًا من ذلك حاول الحفاظ على تركيز الموظفين وانخراطهم مع السماح لهم بالتنفّس، شجّع الموظفين على إيقاف تشغيل هواتفهم المحمولة، مع إعطائهم فترات راحة منتظمة يمكنهم خلالها التحقق من هواتفهم، سيضمن ذلك أنّ الوقت الذي يقضونه في مكاتبهم أكثر إنتاجية.
- توفير جميع الأدوات اللازمة للعمل: من المهم تزويد الموظفين بالأدوات والمعدات المناسبة حتى يتمكنوا من أداء واجباتهم بكفاءة وفي الوقت المحدد، وفّر البرامج والمعدات الحديثة عالية الجودة فهذا سيحدث فرقًا كبيرًا في كمية الإنتاج وسمعة شركتك، فمثلًا وفّر الوقت والجهد باستخدام معدات حديثة مثل طابعة متعددة الوظائف، والتي يمكن أن تعمل كطابعة وماسحة ضوئية وناسخة وآلة فاكس، وبالتالي توفر الوقت والجهد.
- تقديم الدعم وتحديد الأهداف الواقعية: من المشاكل الشائعة للمدراء عدم وجود شعور واضح وقوي بما إذا كان أداء الموظفين عاليًا أم لا، وعدم معرفتهم إذا كان الموظفون بحاجة للتحفيز للبقاء على المسار الصحيح، فدور صاحب العمل تقديم المساعدة لهم من خلال تقديم أهداف قابلة للتحقيق، وتقديم توجيه واضح للمشرفين والموظفين للمساعدة في توضيح التوقعات، سيساعد ذلك في زيادة إنتاجيتهم، إذ سيكون لديهم تركيز واضح وأهداف واضحة.
- ممارسة التعزيز الإيجابي: وذلك من خلال تقديم حوافز شخصية لأداء العمل بشكل جيد، كإمكانية الحصول على عطلة مجانية أو قهوة مجانية، مع ضرورة التعزيز المعنوي للموظفين المتميزين أمام بقية أفراد المؤسسة، فهذا سيزيد إنتاجيتهم بالإضافة إلى تشجيع بقية أفراد المؤسسة على الإنتاجية.
- تقديم التغذية الراجعة: من واجبك إذا كنت صاحب العمل مراقبة أداء موظفيك، وتقديم التغذية الراجعة والملاحظات بما يخص أداءهم، والمدير المتميز هو الذي يقدّم لهم الملاحظات بطريقة تحثّهم على التحسّن، وزيادة ثقافة الحوار المفتوح في مناقشة الملاحظات التي تسمح لهم بالتطوير المستمر مع مرور الوقت، وأيضًا أنت نفسك بحاجة إلى تطوير نفسهك والاستماع لملاحظات الموظفين وتحسينها للأفضل، بما يُنتج مؤسسة متعاونة متكاملة تسعى للتطوير المستمر.
- احتضان العمل عن بُعد: قد يبدو لك السماح للموظفين بالعمل من المنزل غير فعال، فكيف يمكنك ضمان استمرار إنتاجيتهم إذا لم يشاهدهم أحد؟ ومع ذلك، فإنّ الواقع هو عكس ذلك تمامًا، إذ تُظهِر الدراسات أنّ الأشخاص الذين يعملون من المنزل هم أكثر إنتاجية بنسبة 13 ٪ من موظفي المكاتب، فالسماح لموظفيك بالعمل عن بُعد سيسمح لهم بتوفير الكثير من الوقت الضائع.
- تدريب وتطوير الموظفين: قد يبدو تقليل التدريب، أو قطعه تمامًا طريقة جيدة لتوفير وقت الشركة ومالها، إلا أنّه يمكن أن يؤدّي في نهاية المطاف إلى نتائج عكسية، لذا بدلًا من جعل العمال يحاولون بشكل عشوائي إنجاز مهمة دون توجيه، خذ يومًا إضافيًا لتعليمهم المهارات اللازمة لأداء عملهم، وبهذه الطريقة يمكنهم البدء في إنجاز مهامهم بأنفسهم، ولن يضيع وقتك للإجابة على أسئلة بسيطة أو تصحيح الأخطاء، وبعد تدريبهم الأصلي شجّع التطوير المستمر للموظفين، وسوف تساعد توسيع مجموعة مهاراتهم في بناء قوة عاملة أكثر تقدّمًا، ممّا سيفيد شركتك على المدى الطويل، وهناك عدد من الطرق التي يمكنك من خلالها دعم تطوير الموظفين، مثل: التدريب الفردي، وورشات العمل، والدورات التدريبية، والندوات، والتوجيه، أو حتى زيادة مسؤولياتهم، إنّ توفير هذه الفرص سيعطي الموظفين مهارات إضافية تسمح لهم بتحسين كفاءتهم وإنتاجيتهم.
كيف يتعامل أصحاب العمل مع الموظفين؟
لا أحد فوق القانون بما في ذلك رئيس العمل؛ إذ تحمي قوانين العمل الموظفين من بيئات العمل العدائية والمحتوية على التمييز وممارسات العمل غير العادلة والتمييز بين الموظفين واستغلال حقوقهم، وهناك أيضًا لوائح حكومية ومحلية يجب على أصحاب العمل اتّباعها، تقول دافيدا إس بيري إنّ قوانين مكان العمل تنقسم عادة إلى ثلاث فئات عريضة: قوانين حقوق الإنسان، قوانين الأجور والساعة وقوانين المبلغين عن المخالفات، ولا تنطبق جميع قوانين مكان العمل على كل عامل وموظف، فعلى سبيل المثال قد تُعفى بعض الشركات الصغيرة من متطلبات معينة وقد لا يتمتع المدراء بقوانين حماية الأجور نفسها التي يحصل عليها العاملون في الشركات الكبرى، علاوة على ذلك تختلف قوانين العمل من منطقة لأخرى ومن بلد لآخر، وهناك الكثير من أصحاب العمل الذين يحافظون على حقوق موظفيهم ويوفّرون الحماية اللّازمة لهم ويوفّرون بيئة عادلة تحثّ على التميّز والكفاءة ومراعاة حقوقهم وزيادة إنتاجيتهم.
فمثلًا في أمريكا أكثر الطرق التي يخالف فيها أصحاب العمل قوانين العمل عن علم أو دون علم هي استخدام الأسئلة المحظورة في طلبات العمل، أو الطلب أو السماح لك بالعمل خارج الساعات المحدّدة للعمل، ومنح وظائف واعدة للمتدربين غير مدفوعة الأجر، وعدم دفع الوقت الإضافي لك، أو تأديبك على الشكوى من العمل على وسائل التواصل الاجتماعي، والإصرار على عدم إمكانية مناقشة راتبك مع زملائك في العمل، وعدم توفير إجازة مرضية، وتصنيفك كمقاول مستقل ولكن معاملتك كموظف.
كيف كان يختار ستيف جوبز موظفيه الجدد؟
ستيف جوبز ورونالد واين وستيف وزنياك هم مؤسسو شركة آبل، كان ستيف جوبز قائدًا مذهلًا وغير تقليدي في العديد من النواحي، فقد أصبح أحد أفضل رجال الأعمال والقادة المحترمين في عصرنا، لم يتنازل هو وكبار مسؤوليه التنفيذيين أبدًا عن المواهب والمؤهلات المطلوبة لموظفيهم، ويعتقد ستيف جوبز أنّ التوظيف هو أهم شيء فَعله، إذ كان المسؤول الأول عن التوظيف في فريقه، ولم يفوّض هذه المسؤولية لأي أحد أبدًا، وقد قابل شخصيًا أكثر من 5000 متقدّم خلال حياته المهنية، فربّما كانت خبرته الواسعة في التوظيف هي التي جعلته يستنتج أنّ “التوظيف صعب”، وهو كذلك بالفعل، ولكنّه أيضًا شيء يمكن إدارته، لقد حقّق جوبز هدفه في توظيف أفضل الناس، وأشار إلى مفهوم تحسين التوظيف؛ أي توظيف موظفين أفضل وتحسين جودة التوظيف بما يحقّق أهداف المؤسسة، إذ تنعكس فائدة التوظيف الجيد على زيادة أداء الموظفين وإنتاجيتهم، ورفع مستوى مشاركة الموظفين، وزيادة الاحتفاظ بالموظفين لأطول فترة ممكنة في الشركة.
فمنذ الأيام الأولى للشركة علم ستيف جوبز أنّه يريد بناء شركة ناجحة، وفي مرحلة ما استأجرت شركة آبل مدراء محترفين من خارج الشركة، ثم طردم جوبز على الفور، يقول ستيف جوبز “لم يفلح ذلك على الإطلاق، إذ كانوا يعرفون كيف يديرون لكنّهم لم يعرفوا كيف يفعلون أي شيء غيره”، وبعد طرد المدراء قال جوبز أنّه بدأ يبحث عن جودة مختلفة فبحث عن العاطفة المتمثّلة بالشغف والحماس وحب العمل، ويشرح قائلاً: “أردنا أشخاصًا لديهم شغف متعلق بعملهم، لكنّهم ليسوا بالضرورة من هؤلاء المحترفين المخضرمين”، إذ يرى جوبز أنّه لا ينبغي تعيين موظفين فاقدين لحس الاندفاع والحماس والشغف والذكاء، واعتقد جوبز أنّ القيادة يجب أن تركّز على توضيح تلك الرؤية المشتركة حتى يتمكن الجميع من العمل لتحقيق نفس الهدف، وتمكّن بهذا الأسلوب من اختيار الموظفين الذين رفعوا من مستوى شركته بشكل رهيب.