ساعات العمل
هل تشعر بأن عدد ساعات عملك طويلة ومرهقة؟ وأن العمل قد يسرق منك أجمل لحظات حياتك مع عائلتك وأصدقائك؟ إن ساعات العمل هي الفترة الزمنية التي تقضيها في العمل مدفوع الأجر، وتشمل العمل في موقع العمل وساعات التدريب وأي فترة إضافية مُتفق عليها من قبل طرفين بينهما صلة، وتختلف ساعات العمل من شخص لآخر وذلك بالاعتماد على الموقع، والثقافة، ونمط الحياة ومعيشة الفرد، وتشير ساعات العمل الأساسية إلى التشريع المحدد لساعات العمل في اليوم، في الأسبوع، في الشهر، أو في السنة، فمثلًا إذا احتاج الموظف العمل لساعات إضافية فإنّ على صاحب العمل أن يدفع أجرًا إضافيًا لموظفيه وذلك بموجب القانون، وعامة فإنّ ساعات العمل الأساسية لجميع البلدان حول العالم تقريبًا من 40 إلى 44 ساعة في الأسبوع، ويضاف أجر إضافي بنسبة 25% إلى 50% تقريبًا على الأجر العادي، وتشير ساعات العمل القُصوى إلى الحد الأقصى لساعات العمل للموظف ولا يستطيع الموظف أن يعمل أكثر من المستوى المحدد في قانون ساعات العمل القُصوى.
لماذا نعمل 8 ساعات في اليوم؟
قد يتبادر إلى ذهنك سؤال عن تحديد 8 ساعات بالتحديد للعمل، إن ظهور العمل اليومي لثماني ساعات خلال الثورة الصناعية كان محاولة لتقليل عدد ساعات العمل اليدوي للعمال الذين أجبروا لتحمل يوم العمل الطويل في المصانع والأراضي، إذ أن العمال آنذاك كانوا مجبرين على العمل من 12 إلى 15 ساعة يوميًا؛ أي 6 أيام في الأسبوع، وقد طرح روبرت اوين صانع نسيج بريطاني فكرة مجازها أن المصانع والشركات تنتج أكثر عندما يكون موظفوها سعداء وبصحة جيدة؛ إذ إن العامل الذي يشعر بالتعب سيفتعل أخطاء من الممكن أن تؤدي إلى حوادث و أخطاء في الإنتاج، لذا أطلق برنامج اجتماعي لتحسين نوعية حياة موظفيه، ووقف عمالة الأطفال وتقليل ساعات العمل إلى 8 ساعات في اليوم، وهذه المحاولة كانت بمثابة إنجاز إنساني منذ مئتي عام.
ميزات تقليل ساعات العمل
وفقًا للعديد من الدراسات التي أجرتها جامعة هارفارد استُنتج أن الأشخاص الذين يقضون عدد ساعات أقل في العمل يجدون فوائد عظيمة للعمل والصحة، وأن الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة من الممكن أن يُصابوا ببعض الأمراض العقلية او النفسية، فقد أثبت العمل بساعات أقل أنه يعزز من تركيز الموظفين وإدارة الوقت والرضا العام عن العمل، الأمر الذي يؤدي إلى عمل مربح أكثر، بالإضافة إلى عدة ميزات أُخرى؛ مثل:
- توازن أفضل بين الحياة العملية والحياة الشخصية: إن التوازن الجيد بين العمل والحياة أمر أساسي ويؤدي إلى حياة صحية ومنتجة لك، ومع تقليل عدد ساعات العمل تُتاح الفرصة لك لقضاء وقت أطول مع عائلاتك وأصدقائك الأمر الذي يؤدي إلى حياة أسعد، رضا وظيفي وإنتاجية أكبر.
- وضوح الجدول الزمني للعمل: قد تظن أن العمل لساعات أقل يؤدي إلى فوضى أو تأخير من حيث المواعيد النهائية لتسليم العمل أو المشروع، ولكن عكس ذلك، فإن تقليل ساعات العمل يدفعك إلى تنظيم جدول العمل بوقت زمني محدد يسمح لك باستخدام ساعات العمل بفعالية وبالتالي التسليم بالوقت المحدد.
- وداعًا للأخطاء: أثبتت الدراسات أن العمل عندما يكون الإنسان مرهقًا من الممكن أن يؤدي إلى أخطاء عديدة وإنجاز عمل باحترافية أقل، بينما تقليل عدد الساعات يمنعك من ارتكاب الأخطاء ويساعدك على إنتاج أكثر دقة.
- الشعور بالنشاط: يوم العمل القصير يوفر لك وقتًا أطول للراحة والاستراخاء من خلال التوقف المبكر عن العمل مما يعني أنه يصبح لديك مستويات طاقة أعلى وبالتالي كفاءة أكثر للعمل.
- زيادة التركيز: مع يوم عمل أقل هذا لا يعني أنه لا يوجد عبء عمل، ولكن مع عدد ساعات أقل يزيد تركيز الموظفين بتحديد أوليات المهام والعمل بكفاءة أكبر، مما يعني استغلال جميع ساعات العمل دون مماطلة.
أفضل طريقة لتنظيم وقتك في العمل
أُجريت دراسة قاست مقدار الوقت الذي يقضيه الأشخاص في تنفيذ مهام محددة، وتم مقارنة النتائج بمستوى الإنتاج لديهم، وخلال الدراسة توصلوا إلى أن الأهمية لا تكمن في طول يوم العمل بل في الطريقة التي ينظم فيها الموظفون وقتهم، وبالتالي فإنّ الأشخاص الملتزمين بأخذ فترات راحة قصيرة هم أكثر إنتاجًا من أولئك الذين يعملون لساعات طويلة دون راحة، وتوصلوا إلى أنّ فترة العمل والراحة المثالية هي 52 دقيقة من العمل يتبعها 17 دقيقة من الراحة، وأنّ الأشخاص الذين اتبعوا هذا الجدول لديهم مستوى فريد من التركيز في عملهم، إذ إن أخذهم لفترة راحة تساعدهم إلى العودة إلى ساعة عمل مثمرة جدًا، لذا لا تنتظر حتى يطلب جسدك الراحة لأنه إذا انتظرت التعب لتأخذ استراحة فأنت هكذا فاتتك ذروة الإنتاج، ومن السهل أخذ فترة راحة عندما تعلم أنها ستجعل يومك أكثر إنتاجية.
مَعْلومَة
إن فكرة العمل لمدة 8 ساعات في اليوم تتعارض كليًا مع الطريقة التي يعمل بها جسدك، إذ إن جسمك عاجز عن الإنتاج لثماني ساعات متواصلة وذلك بسبب ما يُسمى “إيقاع الساعة البيلوجية” او دورتك البيولوجية اليومية، إن طريقة تفاعل جسدك خلال اليوم تعتمد على عدة عوامل منها هرمونات الجسم والنظام الغذائي ومدى تعرضك لضوء النهار، ومع دراسة العلماء لهذه العوامل فقد وجدوا أن لديك نظامًا بيولوجيًا محددًا ودقيقًا جدًا وبالتالي فإنك تزيد إنتاجًا فكريًا وبدنيًا خلال عدد ساعات معينة في اليوم، وفي النهاية اتفق العلماء على أن عدد ساعات العمل المثالي هو 6 ساعات في اليوم وخاصة في ساعات الصباح الباكر، وهذه المرونة في العمل تمنح الموظفين فرصة لتحقيق التوازن بين العمل وحياتهم الخاصة وهو أمر أساسي للإنتاجية، وقد أظهر خبراء علم النفس أن تنظيم وقت العمل بهذه الطريقة (أيام عمل قصيرة مع فترات قصيرة من العطلة) تجعل الموظفين أكثر سعادة، لهذا فإنّ العمل بساعات أقل يوميًا مع إجازات قصيرة متكررة هو الطريقة المُثلى للعمل والإنتاج.