ما هي تكنولوجيا إنترنت الأشياء IOT ؟ و كيف نستفيد منها في التعليم؟
مقدمة
تعتبر تكنولوجيا إنترنت الأشياء IOT الثورة الرابعة للمعلومات، بعد تلك الموجودة في أجهزة الكمبيوتر والإنترنت وشبكات الجوال، والتي كانت المشغل الأساسي للإنترنت، ومع التقدم في الاتصالات دخل الإنترنت معظم الأشياء حولنا، فأصبحت هناك وسيلة تتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها من خلال المستشعرات والحساسات وأدوات الذكاء الصناعي المختلفة وغيرها.
1- نبذه عن تطور الإنترنت
من المعلوم أن تطوّر الإنترنت قد تمّ على مراحل. فبعد أن كان حكراَ على الشؤون العسكرية تم فتح باب استخدامه للتطبيقات المدنية في أواخر القرن العشرين، إلا أن الانتشار الهائل للإنترنت وخدماتها على مستوى العالم لم يكن في الحسبان، بل لم يتوقع أن يطال استخدامه كافة نواحي الحياة.
ومع انتشار تكنولوجيا الهواتف الخَلَوية أو النقّآلة كشكل جديد من أشكال التكنولوجيا، وظهور تكنولوجيا الهواتف اللوحية والكفّية الذكية فُتح الباب على مصراعيه لتوسع ظاهرة التواصل الاجتماعي الإلكتروني المسموع والمرئي، فأدى كل ذلك إلى بروز الجيل الثالث من الإنترنت، وهو الجيل الذي يُعنى بتوفر أدوات انترنت، مثل محرّكات البحث التي تُعنى ببناء روابط بين المفاهيم ودلالة المفردات، لتحويل البيانات غير المهيكلة أو شبه المهيكلة إلى بيانات مهيكلة يسهل استخدامها ومعالجتها.
ثم حدث تطور هائل في تكنولوجيا المعدات بالمستشعرات والخوارزميات البرمجية البسيطة والفعّآلة والأجهزة التي تعمل بنظام تحديد الموقع العالمي GPS وتكنولوجيا الاستشعار عن قُرب وعن بُعد وبالتوصيل السلكي واللاسلكي، مما أدى إلى نقلة نوعية في الإنترنت من إنترنت الاتصالات إلى إنترنت الأشياء. فبرزت ظاهرة التخاطب والاتصال عبر الإنترنت فيما بين الأجهزة بعضها ببعض، وهذه النقلة أثارت حماسة كبيرة لدى الأفراد والمؤسسات للإفادة من هذه الخدمات وهذا هو المطلوب.
2- ما المقصود بالأشياء ؟
يُقصد بالأشياء كل شيء يمكن أن تتعرف عليه شبكة الإنترنت من خلال بروتوكولات الإنترنت المعروفة. فالأشياء تتخاطب وتتفاهم عبر الإنترنت دون التدخل المباشر للبشر، فتكون هناك لغة من التفاهم بينها، فهذه الأشياء يُلصق بها عنوان الانترنت الخاص بها IP، بل حتى الإنسان البشري قد يصبح شيئا إذا أُلصق به أو بمحيطه عنوان إنترنت معين، كأن يُلصق به نظارة أو ساعة أو سوار أو ملابس إلكترونية أو أجهزة أو معدّات طبية وغيرها.
وهذه الأشياء تُزود بمهارات عالية من الفهم والتحليل والتركيب، فتستجيب للأوامر المرسلة وتحللها وتركب مفاهيم حولها، وبالتالي تصدر أوامر كردة فعل لما زودت به من مهارات تقنية عالية المستوى.
ومن الأمثلة لهذه الأشياء الأدواتُ المنزلية المختلفة كالثلاجة والغسالة وأجهزة الإنذار ومداخل العمارات وأجهزة التكييف والسلع التجارية. فأصبحت هناك منازل ذكية وشركات ومصانع ومزارع وجامعات ومستشفيات ومعامل ذكية وغيرها الكثير. فالتفاعل بين هذه الأشياء و الأنترنت بما يخدم الإنسان هو أساس هذا الموضوع برمته.
3- مزايا انترنت الأشياء
إن لإنترنت الأشياء مزايا عديدة، لنسردها من خلال مجالات عدة:
أ- البيوت الذكية Smart Home
يمكن من خلال تقنية انترنت الأشياء تشغيل التكييف والإضاءة واعداد الطعام وري الحدائق والكشف على محتويات الثلاجة والتنبيه بانتهاء الغذاء فيها، بل ويمتد لطلب قائمة بالأغذية من المراكز الغذائية. حيث يمكن للثلاجة التراسل مع مركز التسوق وشراء المستلزمات وتوصيلها بلا تدخل بشري، فالتفاهم بين الأشياء باستخدام بروتوكول الإنترنت شيء أساسي.
ب- الرعاية الصحية Health Care
من خلال تقنية انترنت الأشياء يمكن متابعة المرضى في منازلهم، وإرسال الأدوية لهم، بل وصرف الأدوية لهم من الصيدليات الذكية قبل نفاذ كميتها.
فمريض السرطان والسكري والضغط لكل منهم جهاز خاص بهم يتابع المؤشرات الحيوية والصحية، ويرسل تقارير للأطباء بحالتهم، ومدى تنبؤ أي خطورة في وضعهم الصحي، وقد عبر بروس جونسون رئيس قسم الجمعية الأمريكية للأورام مدى فائدة وسلامة أولئك المرضى عن أولئك الذين يتلقون زيارات طبية منزلية، حيث أن مستشعرات المرض ترسل إشارات سريعة للهيئة الطبية لاتخاذ اللازم.
كذلك يمكن للشخص أن ينقذ نفسه في حال تعرض لسكته قلبية باستخدام أحدث تقنيات انترنت الأشياء الصحية، وتبين دراسة قام بها مجموعة من الأطباء عام 2019 مدى فائدة هذه التقنيات، حيث صمم الأطباء جهاز يعرف ب Support Vector Machine من تمييز صوت شهيق المحتضر، من خلال تقريب فمه للهاتف فيقرأ الجهاز حالته، ويبلغ طبيب الطوارئ باتخاذ اللازم.
ج- المدن الذكية Smart Cities
تتيح تكنولوجيا إنترنت الأشياء تطوير خدمات المدن كالشبكات الكهربائية والمائية وكذلك شبكات تنظيم المرور، بحيث تكون قادرة على التبليغ عن الأضرار والحوادث على الطرقات واتخاذ الإجراء المناسب، بل وأن هناك نوع من السيارات الذكية تستشعر الحوادث فتعطي إشارات لتفاديها. حيث تتعرف السيارة على حواف وأرصفة وإشارات الطرق واتخاذ قرارات بالسير أو الاصطفاف من دون تدخل السائق. كما يستطيع حاسوب متخصص في ورشة صيانة سيارات من التفاهم (التراسل) عن بُعد مع سيارة، لكشف خطأ فيها دون ما حاجة للسيارة لزيارة الورشة.
كما ويمكن لرشاشات المياه في الحدائق العامة أن تقوم بالري، بل وتستشعر من حساس الرطوبة والحرارة، فتقوم برش الماء لتلطيف الجو.
إن انترنت الأشياء تقدم خدمة تحول مدن حضارية مدنية، تمتاز ببنية تحتية جيدة مؤهلة لاستقبال التكنولوجيا بها إلى مدن ذكية، يمارس من خلالها الازدهار، وتحقيق جودة الحياة التي تناشدها الشعوب.
د- الخدمات التعليمية Educational Services
قامت المؤسسات التعليمية بتوظيف إنترنت الأشياء في التعليم لتحسين جودة التعليم المقدم، ولجعل المهام سواء التعليمية أو الإدارية أكثر فعالية، و منه ظهرت مصطلحات مستحدثة مثل الفصول الافتراضية والمكتبات الذكية والجامعات الافتراضية والكتب الإلكترونية، واُستخدمت تقنيات عالية الجودة كالسبورة التفاعلية والطابعات الثلاثية الأبعاد والإضاءة الذكية وأنظمة التبريد والتدفئة التلقائية وبطاقات الهوية التي تدعم RFID وتتبع الحضور البيومترية والكاميرات الأمنية وما إلى ذلك.
وفي هذه الأنظمة يظل الطالب متصلا بشكل دائم بمناهجه وأساتذته، حيث تُرسل له رسائل بجداوله وواجباته، واقتراحات للانضمام لدورات شخصية وتطويرية وموضوعات أكاديمية، كفرص التدريب المختلفة.
ولنذكر شيئا بسيط من هذه الخدمات:
أ- توفير التعلم الشخصي والاجتماعي
من أهم خدمات إنترنت الأشياء التعليمية توفير فرصة للتعلم، سواء التعلم الشخصي أو الاجتماعي، فكل فرد له ما يفضله في التعلم، فالبعض يحب المقاطع المرئية كالقراءة مثلاً، في حين أن البعض الآخر يفضل المقاطع الصوتية والمرئية معاً كمقاطع الفيديو.
ومن خلال الواقع الافتراضي والمعزز وتقنيات السبورة والأقلام الذكية مثلا يستطيع المتعلم تجربة التعلم بنفسه، وجعل تعلمه تجربة ممتعة، فعلى سبيل المثال وليس التحديد يمكن للطالب من تشريح حيوان بدقة متناهية دونما الحاجة لتشريحه بالفعل، والقيام بتجربة كيميائية عالية الخطورة دونما التعرض لخطورتها. كما يمكنه استخدام الماسحات الضوئية، التي تتعرف ضوئياً على الأحرف، حيث تقوم بمسح النص بنقرة زر، ثم إرساله إلى الهاتف الذكي لتعديله و الاستفادة منه، وبالتالي يستطيع المتعلم أن يوفر لنفسه بيئة تعليمية خاصة به.
ومع سهولة استخدام الإنترنت أصبح أيضا من الممكن الانضمام لمجموعات التعلم الجماعية، ويشمل هذا العديد من المدونات والمجتمعات، التي تساعد على التعلم من خلال جمع وتبادل المعرفة، حيث ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي مثل Facebook و LinkedIn و Twitter و Edmodo و غيرهم في طريقة التعلم هذه من خلال إجراء جلسات أسئلة وأجوبة مع خبراء من مختلف المجالات.
ب- توفير بيئة تعلم قائمة على الهاتف المحمول MBL Mobile Based Learning
أصبحت الهواتف المحمولة ضرورة من ضروريات الحياة، فالكثير من المعارف يتم تقديمها عبره، و قد تم استخدام تطبيقات تعليمية كثيرة ومتنوعة جداً على هذه الأجهزة كالألعاب الإلكترونية التعليمية، فالمتعلمون يقضون وقتًا تعليمياً ممتعاً. كما أثبتت الأبحاث مدى تفوق المتعلمين في مواضيع متنوعة من خلال أجهزة انترنت الأشياء مثل تعلم اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم المختلفة، بالإضافة إلى بقاء أثر التعلم وتزايد الاهتمام الطويل له.
ونتيجة للاهتمام الواسع بالهاتف المحمول تعددت تطبيقاته، وأصبحت التطبيقات التعليمية تعمل على تحسين إنترنت الأشياء، فالطالب يستطيع إنشاء كتب ومقاطع فيديو رسومية ثلاثية الأبعاد بأنفسهم يمكنهم الوصول إليها في كل مكان.
ج- تقديم محتوى تعليمي الكتروني
مع تطور الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية ظهرت الكتب والمكتبات الرقمية، وأصبحت هناك جامعات وفصول افتراضية وحتى عملية التقييم أصبحت الكترونية، وتطورت قائمة رموز QR ،حيث تتم الإشارة إلى كل رمز إلى كتاب رقمي معين، فلا يحتاج الطالب إلا إلى مسح رمز الاستجابة السريعة والحصول على كتاب مدرسي على جهازه.
4- الأفراد المستفيدون في انترنت الأشياء التعليمية
تتحدد الجهات الفاعلة التي تشارك في عملية التعليم (للاستفادة من الجوانب القوية لإنترنت الأشياء) في المتعلمين والمعلمين والهيئة الإدارية:
أولا: المتعلمون
تعريف المتعلم يشمل كل طالب وباحث، فالطالب هو أحد روابط السلسلة الرئيسية في عملية التعليم. ومن خلال إنترنت الأشياء في التعليم يمكن للطلاب الاستفادة منه من خلال:
- التعلم الشخصي والاجتماعي القابل للتكيف وفقًا لاحتياجات الطالب.
- التعلم التشاركي فالطالب يساهم ويشارك في عملية التعلم.
- التعلم في كل زمان ومكان، من خلال توفر الأدوات والبرامج ذات الصلة مثل المساعد الشخصي.
- تحسين نتائج التعلم.
ثانياً: المعلمون
ويشمل هذا المسمى أساتذة الجامعات ومعلمي المدارس، ومن خلال إنترنت الأشياء في التعليم يمكن للمعلمين الاستفادة منه من خلال:
- الأدوات الرقمية الحديثة لشرح المواد الجديدة بطريقة أفضل وأسرع.
- التقنيات القصوى في تتبع حضور وغياب الطلبة.
- الأدوات الحديثة لتقييم كيفية إدراك الطلاب للمواد الجديدة.
- الإمكانيات العالية لإعطاء فرصة للتجريب مع عملية التعليم.
ثالثاً: الهيئة الادارية
هنا يمكن الحديث عن عمداء ومدراء المؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس، أولئك الذين يديرون عمليات ومرافق التعليم، ومن خلال إنترنت الأشياء في التعليم يمكنهم الاستفادة من خلال:
- توفير مساحة إلكترونية تفاعليه للمحتوى التعليمي للمعلم ليضيفه وليعدله وللطالب ليستفيد ويتفاعل معه.
- توفير سجلات وبطاقات هوية رقمية ذكية وأساور المعصم، تمكن من تسجيل وتتبع نشاط الطلاب والموظفين والزوار الخارجيين.
- تتبع المواقع ومناطق معينة في داخل الحرم الجامعي والمدرسي وخارجه، والوصول إلى جميع المعلومات الموجودة، وإنشاء تنبيهات كلما كان ذلك ضروريًا، وتتبع طرق الحافلات من خلال نظام الحافلات القائم على GPS الذي يضمن سلامة الطلاب والمعلمين.
- حماية بيانات ودرجات الطلاب والمعلمين.
- المراقبة الذكية للمبنى بما في ذلك نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء والإضاءة والأقفال وما إلى ذلك…
وش اسوي