مقابلات العمل الهاتفية
تُعد مقابلات العمل الهاتفية مقابلات عمل مجدولة ومُعَدّة مسبقًا تتم بواسطة هاتف محمول أو غير محمول، وهي بطبيعتها تشبه الاجتماعات التقليدية ولكن بطرقٍ متعددة ومختلفة، كما أنها عادةً ما تستمر لمدة نصف ساعة من الزمن تقريبًا، ومع التقدم التكنولوجي المشهود نلحظ انتشار نوع آخر وجديد من المقابلات المعروفة باسم مقابلات الفيديو التي تحظى بشعبية كبيرة ومتزايدة مع مرور الوقت، ومع ذلك نرى كثيرًا من الأشخاص وأرباب العمل لا يزالون يتمسّكون بالمقابلات الهاتفية على أنها جزء من روتين التوظيف لديهم، فهي توفّر الوقت والجهد إلى جانب انخفاض تكلفتها، وعلى الرغم من تلك المميزات إلا أن مقابلات العمل الهاتفيّة تتمتع بجانب سلبي، فهي تزيد من مستوى التوتر لديك أحيانًا، ولا يمكنك رؤية الشخص المحاور وقياس رد فعله، وفي النهاية قد تشعر بعدم الارتياح لهذا النوع من المقابلات وتفضل المقابلات التقليدية، ولكن الإعداد المناسب لهذه المقابلة لن يؤثر على أدائك وسيجعلك أكثر أريحية خلالها.
نصائح لاحتراف مقابلات العمل الهاتفية
تتطلب مقابلات العمل الهاتفية جملة من الإجراءات لاحترافها، إذ ينبغي عليك الأخذ بها للخروج بنتائج مرضية، وفيما يلي بعض أبرز النصائح المقدّمة لك لاحتراف مقابلات العمل الهاتفية:
- تعامل مع المقابلة بجدّية وابحث عن المعلومات الخاصة بالشركة: كغيرها من المقابلات هي بمثابة بوابة توصلك لما تصبوا إليه، لذا عليك التعامل خلال مقابلتك بجد بعيدًا عن الاستهتار، ويكون ذلك من خلال اعتقادك أنها فرصة واحدة لا يمكن تعويضها، لذا كن مستعدًا وتأكد بأنك مرتاح، ولا تجعل الشخص القائم بالمقابلة يقاطعك أثناء تأديتك لشيء آخر وإنما تجهّز للمقابلة قبل وقت وحضّر ما تحتاج إليه، ولا بأس بأن تنهض باكرًا وتحتسي القليل من القهوة أو الشاي لتكون في أتم الاستعداد والجاهزية، ومن المحتمل أن تكون تقدّمت لعدد من الوظائف السابقة دون البحث عن تلك الشركات أو الوظيفة المتاحة، إذ إن البحث ولو قليلًا حول الوظيفة التي تسعى للتقدّم إليها أمر مفيد لمحاورة المتحدث خلال مقابلتك، كما ينبغي عليك التحقق من الوصف الوظيفي للوظيفة التي تجري مقابلتها.
- ركّز جيدًا خلال المقابلة: للحصول على مقابلة عمل ناجحة يتوجب عليك التركيز جيدًا والتأكد من عدم تشتيت انتباهك بأمور أخرى قبل البدء بها وخلالها، لذا بادر بإغلاق التلفاز، فمن غير الممكن أن يسألك القائم بالمقابلة عن وظيفتك السابقة وأنت تشاهد شيئًا ما على التلفاز وتدلي بإجابة وافية ومختصرة، ولا تعتقد أن كتم صوت التلفاز فقط يكفي لتزيد من تركيزك خلال مقابلتك الهاتفية وإنما تبقى مُشتتًا بفعل صورة التلفاز أو شريط الأخبار، ومن الجدير ذكره أن القائم بالمقابلة يسجّل كافة الملاحظات خلال مقابلة العمل الهاتفية، فاحرص على أن تؤدي جيدًا، واعثر على مكان هادئ ومناسب مع التحضير المسبق لكافة المستلزمات وضعها في مكان قريب لكي تصل إليها بسهولة، واحرص على أن تكون جالسًا غير مستلقٍ، ويتوجّب عليك إخبار جميع من حولك بانشغالك لوقت معين لتحظى ببعض الخصوصية والتركيز.
- استمع أكثر مما تتحدث: على اعتبار أنها مقابلة عمل لا بد لك من العلم بأن طرح الأسئلة أمرٌ مؤكّد، وهذه فرصة جيدة لإظهار حسن استماعك لصاحب العمل، في المقابل لا تصمت طويلًا وتحدّث لكن دون إظهار الهيمنة على المحادثة عن طريق الإجابة عن الأسئلة المطروحة وعدم تحويلها لحديث أحادي الجانب، ومن الأمور الهامّة خلال مقابلتك الاحتفاظ بقلم وورقة في مكان قريب لتتمكّن من تدوين الأسئلة المطروحة والملاحظات إلى جانب إمكانية طرح بعض الأسئلة على صاحب المقابلة ولكن ضمن إطار مقابلتك، واحتفظ بنسخة من السيرة الذاتية على مقربةٍ منك للرجوع إليها وقت الحاجة، وتذكّر أهمية إخبار المُحاور باهتمامك بالوظيفة والشركة.
- خذ وقتك واستعد لأسئلة المقابلة: إن أخذ بعض الوقت لالتقاط الأنفاس خلال مقابلة العمل أمر مفيد، خاصةً بين توجيه السؤال لك من قِبَل المُحاور والإجابة عليه، ويحدث في بعض الأحيان استمرار المُحاور بالتحدّث عقب توجيه السؤال لك، لذا امنحه ثانية أو ثانيتين قبل البدء بالإجابة على سؤاله لكي لا ينتهي الأمر بتحدثكما معًا في نفس الوقت وبالتالي شعورك بالإحراج، وتذكر أن الإجابة السريعة قد توقعك بالخطأ وتقلل من وضوح كلامك، لذا امنح نفسك قليلًا من الوقت للتفكير فيما ستقول لكن ليس طويلًا، ولعل أبرز ما يجعل هذه الخطوة ناجحة هو الإيجاز بالحديث والإجابة، والتحدّث بكلمات واضحة مفهومة، إضافةً إلى الاستعداد المسبق للأسئلة المتوقّعة والتمرين على الإجابة عليها للتقليل من توترك خلال المقابلة.
- أرسل رسالة شكر: من الجميل أن تنتهي مقابلتك برسالة شكر عبر البريد الإلكتروني أيًا كانت النتيجة، تذكّر كذلك أنك ترسم الانطباعات الأولى عن شخصيتك لدى الشخص المُحاور مما يثير الشوق داخله لمقابلتك شخصيًا، ومن غير الجيد الإطالة برسالة الشكر أو أن تكون قصيرة تتكون من بضع كلمات فقط، وإنما يجب أن تكون متوسطة وموجزة يعلم المُحاور من خلالها بمدى بهجتك وسرورك بالتحدّث معه، إذ سيساعدك ذلك على التميّز وتعزيز اهتمامك بالوظيفة المقدّمة لك، وضع في اعتبارك ما هي القيمة التي تودّ إضافتها للشركة مستفيدًا من تجاربك السابقة.
أشياء لا تفعلها في مقابلة العمل الهاتفية
يرى البعض أن المقابلة الهاتفية توفّر الوقت والجهد، ولكن ينبغي التحضير لها كغيرها من المقابلات، وتضع العديد من الشركات نصب أعينها أن مقابلتك من خلال الهاتف واحدة من المراحل التي توصلك نحو توظيفك، أي أن توظيفك يحتاج لمراحل أخرى بعيدًا عن المكالمات والمقابلات عن بعد، ولعلك تجهل بعض الأمور غير المناسبة خلال مقابلتك عبر الهاتف والتي ينبغي تجنّبها، ومنها:
- لا تجلس في الأماكن الصاخبة: لا تتفاجأ عندما يُخبرك المُحاور بسماعه لأصوات متعددة خلال مقابلتك كصراخ الأطفال أو صوت الراديو والتلفاز وما إلى ذلك، وتنصح Chere Taylor مؤسِسة شركة Fulcrum HR Consulting بالتالي: “ينبغي الاستعداد الجيد للمقابلة من خلال تأمين مكان هادئ، حتى وإن كان ذلك يعني ذهابك لسيارتك في كراج السيارات”، ولكن الأمر أبسط من ذلك، فقط أغلق باب غرفتك وحاول الحصول على أكبر قدر من الهدوء فهذا يزيد من تركيزك خلال مقابلتك، ولا يعني صدور صوت ما خلال لحظة معينة أنك فقدت الأمل فهو أمر طارئ ممكن الحدوث في أي وقت.
- لا تتحدث عن حياتك الشخصية: تجنّب التحدّث عن حياتك الشخصية ما لم يُطرح عليك سؤال يستدعي ذلك، تقول مكينزي روارك أخصائية المواهب في شركة ليثكو للمقاولات: “إن الهدف من مقابلتك هاتفيًا هو التركيز على معرفة الخبرة والأهداف المهنية لك” فيحاول المُحاور معرفة مدى قدرتك على أداء المهام المطلوبة ومناسبتك لها، إذ إن معرفة بعض المعلومات عن حياتك الشخصية لا يهم المحاور ولا يساعدك في الوصول لهدفك، فمثلًا عند توجيه سؤال لك أين ترى نفسك بعد 5 سنوات لا يريد المحاور أن يعلم برغبتك في الزواج أو شراء منزل جديد وإنما ما هي توقعاتك لموقعك الوظيفي.
- لا تضع المحاور على قائمة الانتظار: حريٌ بك أن تعلم أن مقابلتك باستخدام الهاتف لا تستغرق مدة طويلة من الزمن، لذا تجنّب التفكير بوضع المُحاور على قائمة الانتظار مهما كان السبب وراء ذلك، إذ ينصح جيريمي باين رئيس العمليات في شركة Remote Year قائلاً: “لا تضع المُحاور في قائمة الانتظار لأخذ مكالمة واردة للتو فمقابلتك الهاتفية هي المكالمة المهمة”، ومن الجدير ذكره في حال توقّعك حصولك على مكالمة هاتفية هامة للغاية حول مرض أحد أفراد العائلة مثلًا فعليك إخبار المُحاور بداية مقابلتك ليكون على درايةٍ بالأمر.
- لا تتأخر في الرد: يتأخر الكثير من الاشخاص على الرد على المقابلات الهاتفية على الرغم من تحديد موعد مسبق لذلك، وتقول صوفي سيكوفسكي مختصّة التعامل مع التوظيف الأمريكي في شركة Infinite Global: “حوالي 25% من الأشخاص الذين أرتب معهم مقابلة هاتفية لا يستجيبوا في الوقت المحدد”، وتضيف قائلة: “إن هذا الأمر قد يكون مزعجًا في بعض الأحيان لذا لجأت لعكس الأدوار وطلب مهاتفتي من قِبَل المتقدّم للوظيفة في وقت محدد، فإذا كانت المكالمة الساعة 1:00 مثلًا وتكلّم الشخص قبل الوقت المحدد أو بعده أعلم بأنه موظف غير مناسب في وقتٍ مبكر من المقابلة”.
- لا تُطل بالإجابات ولا تستخدم كلمات زائدة: نعلم جميعًا بمدى أهمية الإيجاز والوضوح أثناء الإجابة على الأسئلة ،ولعلك لا تريد أن يفقد المُحاور اهتمامه بالمحادثة، لذا نوصيك بالابتعاد عن الحشو والكلام الزائد واستخدام مصطلحات عادةً ما تستخدمها لإطالة الكلام، إذ يقول خبير التوظيف وأخصائي الموارد البشرية في شركة Versique Executive: “خلال المقابلات التقليدية وجهًا لوجه لا يمكن ملاحظة المُحاور غالبًا لبعض كلمات الحشو نظرًا لتوفّر عوامل من شأنها أن تقلل من تركيزه كشعرك أو بدلتك أو لغة الجسد الخاصة بك”، ولكن في المقابلات الهاتفية جميع هذه المُشَتِتات غائبة عن المُحاور مما يزيد من مستوى التركيز لديه في كلامك، ولهذا السبب من المهم للغاية حذف تلك الكلمات.
- تخطَ الحديث عن الراتب: قد يكون من المبكر الحديث عن الأجر الذي ستتقاضاه خلال المكالمة الأولى في مقابلة العمل، فتلك هي المرة الأولى التي يتحدث معك شخص من الشركة، وبالتالي لا تضع توقعات للراتب ودع الحديث عنه في وقت لاحق.
إستراتيجيات عليك اتباعها قبل مقابلة العمل الهاتفية
تساعدك مجموعة من الإستراتيجيات المساندة لإنجاح مقابلتك الهاتفية، وفيما يلي بعض أبرز هذه الإستراتيجيات:
- تحقق من آداب المقابلة الهاتفية، إذ إنها لا تقل أهمية عن آداب مقابلتك تقليديًا، فالمقابلة الناجحة ستنقلك للمرحلة التالية من التوظيف بغض النظر عن وسيلتها.
- حاول تأدية مقابلة عمل وهميّة ولا بأس أن تطلب من أحد أفراد أسرتك أو الأصدقاء مساعدتك في ذلك، ثم سجّل تلك المقابلة وعد لسماعها مرة أخرى وتحقق من أخطائك وكيفية إصلاحها.
- استعد لأسئلة المقابلة الصعبة من خلال التحضير لها فذلك يوفّر عليك المفاجأة عند طرحها.
مزايا مقابلات العمل الهاتفية
لمقابلتك هاتفيًا جملة من الميزات ندرج لك أبرزها فيما يلي:
- الوصول الجغرافي الواسع: يمكن لأصحاب الأعمال الكبيرة منها والصغيرة الوصول لمناطق جغرافية واسعة من خلال المقابلات الهاتفية، وعلى وجه التقريب يمتلك العديد من الأشخاص هاتف بشقّيه المحمول أو الأرضي، إذ يمكن الحصول على أرقام المستخدمين من شركات الاتصالات، كما يمكن الحصول على الأرقام بواسطة الأدلّة الداخلية أو من خلال الإنترنت، وهذا يتيح للمسوقين والشركات التواصل مع عدد كبير من العملاء من مناطق عدة خلال فترة زمنية قصيرة.
- فعّالة من حيث التكلفة والوقت: بالمقارنة مع الطرق الأخرى من المقابلات إن مقابلة الشخص بواسطة الهاتف أمر فعّال نسبيًا وفقًا للتكلفة والوقت، إذ إن الطرق الأخرى كالبريد المباشر مكلفة وتحتاج لوقت أطول، وتفضّل الشركات اللجوء للمقابلة الهاتفية للوصول لعدد أكبر من العملاء خلال مدة وجيزة، فهي تمكنهم من الوصول للعدد المستهدف دون مواجهة صعوبات عالية، بالمقابل إن استخدام الاستطلاعات وما إلى ذلك من طرق الوصول للعملاء أكبر تكلفة، إذ إن الشركة تزيد من كمية الاستطلاعات المنشورة للوصول إلى العدد المستهدف على اعتبار أن عددًا من العملاء لن يعيدوا الاستطلاع أو لن يلجؤوا لتعبأتها.
عيوب مقابلات العمل الهاتفية
لهذا النوع من المقابلات عيوب ومساوئ متعددة، نجمل لك أبرزها فيما يلي:
- غياب المقابلة الشخصية وصعوبة الاتصال: لعل أصحاب العمل يعانون من بعض الصعوبات والمشاكل خلال التواصل مع العملاء هاتفيًا، على سبيل المثال لا يمكن للمُحاور رؤية الطرف الآخر في المقابلة الهاتفية، إذ إن تحديد ردود فعل الأشخاص في هذه الحالة غير ممكن وهي هامة للغاية لتحديد مدى صدق إجاباتهم، وعلى العكس تمامًا إن المقابلات التقليدية تمكّن المُحاور من رؤية تعابير الوجه والإيماءات والحكم على الشخص غالبًا، وتتمتع المقابلات الهاتفية بعيب آخر وهو العشوائية في المكالمات، مما يؤدي إلى قطع أمور خاصّة بالعميل كالأمسيات أو تناول الطعام، الأمر الذي يجعل بعض الأشخاص يضطرون لتجاهل المكالمة أو رفضها.
- ضيق الوقت وخيارات محدودة للإجابة: يصعب غالبًا طلب توضيح لرد شخص ما خلال المقابلة الهاتفيّة؛ وذلك لأنها محددة بوقت قصير (5-10 دقائق مثلًا)، لذا تتوجّه الشركات المُستَخدِمة لهذا النوع من المقابلات للاحتفاظ بكم من الأسئلة ذات الإجابات القصيرة نسبيًا، إذ يُفترض أن تكون الأسئلة محدودة الخيارات بدلًا من كونها أسئلة مفتوحة لضيق وقت المقابلة، ولكن الأسئلة المفتوحة هي الافضل دومًا؛ لسماحها للعملاء بتوضيح ردودهم والحصول على قدر أكبر من المعلومات من قِبَل المُحاور، ولكن للأسف غالبًا ما تفتقر المقابلات الهاتفيّة لهذا النوع من الأسئلة.