اساليب الري الحديثة
الريّ
يُمثل الماء العنصر الأهم من بين العناصر الأساسية لنمو النباتات، وتتطلب أصناف النباتات المختلفة كميات متباينة من الماء في أوقات مختلفة أثناء مراحل نموها، تستطيع النباتات الحصول على الماء من مصادر متنوعة أهمها الأمطار، وهذا المصدر الطبيعي يصعُب التحكّم من خلاله بكمية الماء التي يحصل عليها النبات، ففي بعض الأحيان تكون الأمطار غزيرة وهذا يسبّب تلف المحاصيل، أو غمر مساحات كبيرة من الأراضي، مما استدعى الحاجة إلى إيجاد طريقة اصطناعية يمكن من خلالها تجميع المياه وتخزينها ليُعاد استخدامها لاحقًا عند الضرورة، وهذه الطريقة تسمى “الري”[١].
يمكن تعريف الري بأنه العلم المُستخدم لتلبية الاحتياجات المائية للمحاصيل طوال فترة المحصول من أجل توفير التغذية الكاملة للمحاصيل من خلال تطبيق طُرق وأساليب اصطناعية، إذ يجب تزويد مياه الري للمحاصيل مع مراعاة وصول رطوبتها إلى المستوى الأمثل، ويُطلق على كمية المياه التي تُحقق أقصى إنتاجية للمحاصيل “مستوى المياه الأمثل”، علمًا بأن زيادة المستوى الأمثل للمياه ينتج عنه تقليل العائد من المحصول، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن إضافة المغذيات إلى مياه الري أثناء تطبيقها على المحاصيل.
أساليب الري الحديثة
تتعدد طرق الري وأساليبه، ومن أبرزها:
- الري السطحي: وهو يضُم مجموعة واسعة من طرق الريّ وأنظمته التي تعتمد على الجاذبية في طريقة توزيع المياه وتدفقها على سطح التربة، إذ تُقسم المساحات الزراعية إلى أخاديد أو أحواض متدرجة لتتدفق مياه الري خلالها باستخدام السيفونات، أو الأنابيب ذات البوابات، أو غيرها، ويُعد الري السطحي أكثر ملاءمة لمساحات اليابسة المسطحة، وأنواع التربة المتوسطة أو الدقيقة التي تسمح للمياه بالانتشار أسفل صف الثلم أو عبر الحوض.
- الري بالرش: وهو إحدى وسائل الري الحديثة والتي من خلالها تُرش المياه في الهواء على هيئة قطرات كالمطر، وقد تكون أجهزة الرش مُثبّتة في مكانها كمجموعة صلبة يصعُب تغيير مكانها، وجعلها تعمل في أوقات محددة وكميات معينة من الماء، وقد تكون مجموعة محمولة ومتنقلة أو ذات حركة ميكانيكية متقطعة، وقد تكون مركّبة على ذراع التطويل وخطوط الأنابيب بطريقة دائمة عبر سطح الأرض.
- الري بالتنقيط: وهي واحدة من أشهر طرق الري المائي التي تُوزّع الماء على التربة من خلال أنابيب ممتدة على سطح التربة ومُثبّت عليها فتحات تنفث الماء كقطرات أو تيارات صغيرة، بمعدلات تصريف منخفضة، ومن الجدير بالذكر أن هذه الطريقة تُستخدم في جميع أنواع التربة.
- الري تحت السطحي: وتضُم طريقة الري تحت السطحي مجموعة من الطرق التي تعتمد على استخدام مياه الري الموجودة تحت سطح التربة (المياه الجوفية)، وهذه الطرق تختلف تبعًا لعمق المياه الجوفية، وعندما تكون بئر المياه الجوفية بعيدة عن سطح الأرض، يمكن وضع أجهزة الري بالتنقيط أسفل سطح التربة، والتي توضع عادةً في منطقة جذر النبات.
أهمية الري
يُعد الري من الأمور المهمة التي يجب الانتباه لها، والتي تؤدي دورًا مهمًا في حياة النبات التي تنعكس على حياة الإنسان أيضًا، وفيما يأتي توضيح أهمية الري:
- الاعتماد على الأمطار في الري غير كافٍ: فالأمطار لا تكون منتظمة ولا تكون مؤكدة، ولا يجب أن تكون المصدر الوحيد للري لأن فترة هطولها محددة بفترات لا تتجاوز بمعدلها الأربعة أشهر خلال السنة، وباقي أشهر السنة تتعرض التربة للجفاف، ومن هنا تأتي أهمية أساليب الري الحديثة في السيطرة على الجفاف والمجاعات والتخفيف من آثارها.
- تحقيق إنتاجية أعلى في الأراضي المرويّة: إن الريّ يزيد من إنتاجية الأرض مقارنةً بالأراضي غير المروية.
- توفير محاصيل زراعية متعددة: تتمتع بعض البلدان بمناخات متنوعة، ومعدلات هطول مطرية متباينة، وهذا يلعب دورًا في تأمين بيئات مناسبة للزراعة وتوفير كميات كافية من مياه الريّ لتضمن إمكانية زراعة نوعين أو ثلاثة من المحاصيل الزراعية في مناطق مختلفة، مما يعزز الإنتاج الزراعي والإنتاجية كثيرًا.
- استصلاح المزيد من الأراضي الزراعية: تشكل الأراضي غير الصالحة للزراعة الملايين من الهكتارات؛ يتطلب تحويلها إلى أراضٍ زراعية استثمارات رأسمالية كبيرة، إلا أن توفير منشآت الري يمكن أن يجعل جزءًا من هذه الأراضي صالحًا للزراعة.
- تثبيت مستويات الإنتاج: وهذا مهم جدًا خاصةً خلال سنوات الجفاف، لأن منع انخفاض الإنتاج خلال فترات الجفاف يعد من الأدوات المهمة في تحقيق استقرار الدخل والعمالة، فالدخل والعمالة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالإنتاج.
الآثار البيئية المحتملة لتطوير الري
تشمل الآثار البيئية السلبية المحتملة لمعظم أساليب الري وخاصة في المشاريع الكبيرة ما يأتي:
- التشبُّع بالمياه وتملُّح التربة: من أكثر الآثار البيئية الضارة والتي تنتج عن الري هي تملّح الأراضي المروية، مما يؤدي إلى فقدان الأراضي الإنتاج، وهي من المشاكل المرتبطة بالري السطحي، وهي تنتج أساسًا عن الإفراط في الري وعدم كفاية الصرف للمياه، فتتبخر المياه تاركةً الملح في التربة متسببةً بتراكم الصوديوم في منطقة جذر النبات، تقلل الملوحة الزائدة في منطقة الجذر من نمو النبات؛ لأن الطاقة اللازمة التي يبذلها النبات للحصول على الماء من التربة تزداد، وهي من المشاكل التي يصعب حلها، كما يتفاوت تحمل المحاصيل للملوحة، فالبرسيم والأرز أكثر حساسية للأملاح من الشعير والقمح، وقد ينتقل أثر الملوحة إلى المياه الجوفية والأنهار القريبة.
- زيادة انتشار الأمراض التي تنقلها المياه : ترتبط عدة أمراض بالري، مثل الملاريا، والبلهارسيا (داء البلهارسيات)، والعمى النهري (داء كلابية الذنب)، إذ تنتشر حاملات هذه الأمراض في مياه الري، كما تُعد زيادة استخدام المواد الكيماوية الزراعية وتدهور جودة المياه وزيادة الضغط السكاني في المنطقة من ضمن المخاطر الصحية الأخرى المتعلقة بالري، كما أن إعادة استخدام المياه العادمة لأغراض الري من الأمور التي تتسبب بنقل الأمراض المعدية التي تهدد حياة فئات متعددة وصحتها، أهمها؛ العمال الزراعيون ومستهلكو المحاصيل واللحوم من الحقول المروية بمياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يسكنون بالقرب من هذه الأراضي.
- الآثار السلبية المحتملة للسدود والخزانات: تُشيّد السدود للتحكم بالفيضانات وتوفير كميات مائية عالية الجودة لأغراض الري والاستخدام المنزلي والصناعي إلا أن مشاريع السدود الكبيرة تؤدي إلى إحداث تغييرات بيئية لا رجعة فيها على مساحة جغرافية واسعة، فهو يتسبب في خلق بيئة تشبه البحيرة التي تُغيّر الهيدرولوجيا وعلم النبات في المناطق المحيطة، وهي ذات تأثيرات مباشرة على التربة، والغطاء النباتي، والحياة البرية والأراضي البرية، ومصائد الأسماك وغيرها، ومن الجدير بالذكر أنه في الأمطار الغزيرة تتطلب عملية التحكم في الفيضانات الخفض المتعَمّد لمستويات المياه أثناء موسم الفيضان وقبله، وذلك للحفاظ على قدرة السد على استيعاب أي مياه فيضان واردة، إلا أن سهول الفيضانات التي قد تُسرّب إليها هذه المياه الزائدة من السد قد تكون بيئات منتجة مما ينطوي على إمكانية إفقار المحاصيل والتأثير على الغطاء النباتي الطبيعي.
- الآثار الاجتماعية والاقتصادية لمخططات الري: إن تغيير نمط استخدام الأراضي قد تكون له آثار سلبية على الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للسكان، فقد يتسبب تحويل الأرض إلى الزراعة المروية بحدوث مشكلات تنتج عن حقوق استخدام الأراضي المجتمعية والحقوق التقليدية والقانونية المتضاربة في الأراضي، وتظهر أيضًا مشاكل أخرى نتيجة للتغييرات في الحقوق في كميات الماء المُستحقّة التي تظهر بصورة عدم المساواة في الفرص في استخدام المياه بين مالكي الأراضي المروية، كما تُشجع مشاريع الري على زيادة الكثافة السكانية، ويكون ذلك ناتجًا عن زيادة إنتاج المنطقة أو لأنها جزء من مشروع لإعادة التوطين، وقد تتسبب فيضانات السدود بأضرار للسكان فتنشأ قضية جديدة هي إعادة توطين النازحين بسبب فيضان الأراضي والمنازل، إلى جانب تعويض السكان المتضررين.
وش اسوي نصائح افكار ابداعات حلول سؤال جواب نصيحة معلومات منوعة تطبيق وش اسوي موقع وش اسوي خبراء وش اسوي حكم حلول وش اسوي مقالات وش اسوي مقالات منوعة مقالات مفيدة مقال