وش اسوي: التصحر

 
 

التصحر هو ظاهرة تصيب الأرض وهي من أخطر الظواهر، فلا يُقصد بالتصحر زحف الصحراء على المناطق الخصبة، وإنما يعني تقلص الأراضي الزراعية وانضمامها للأراضي القاحلة؛ بسببِ تعاطي الإنسان لها بشكل خاطئ، أو لأسباب طبيعيّة لا علاقةَ للإنسان بها. فالتصحّر هو مشكلة عالميّة تعاني منها الأراضي الزراعيّة، حيث يقل الإنتاج الحيوي لهذه التربة فينخفض الغطاء النباتي، ويملك الوطن العربي حوالي 28% من حجم الأراضي المتصحرة في العالم، وللتصحر أسبابٌ وعواملُ عديدة ومن هذه العوامل بشرية وطبيعية، ومن الأسباب الطبيعية الاعتماد على الرّيّ من الآبار فمع مرور الزمن ترتفع ملوحة المياه، ومع استمرار الري بها ترتفع ملوحة التربة، ممّا يؤدي لضعف خصوبتِها، وتناقص الأمطار الذي يؤدّي إلى توالي سنين الجَفاف عليها تباعاً.

 

و في كثير من الأحيان تُعزى قلة المطار لقلة الغطاء النباتيّ، فبالتالي يقل التبخر ممّا يقلل هطول الأمطار، بالإضافة لزحف الكثبان الرملية على الزرع والحرث، وزيادة الرياح التي تساعد على ذبول الغطاء النباتي وتقطعه كلما ازدادت سرعتها وقوتها، بالإضافة إلى أن هذه الرياح تحمل معها الرمال والأتربة فهي تنشط عمليّة زحف الكثبان الرملية،

ومن أهم أسباب التصحر التي تصيب التربة هي التعرية و الانجراف اللذان يعدّان الأداة الأولى للتصحر.

 
 
 
 

وبتتمّة ذكر أسباب التصحر سيُرفد موضوع عن التصحر بالأسباب البشرية التي سببت بالتصحر ومنها الضغط السكاني الذي يتمثل بقطع النباتات الطبيعية وقطع الأشجار والغابات لتحويلها لأراضي زراعية، أو تحويل الأراضي الزراعية لبيوت سكنية ومدن، بالإضافة لعملية التعدين التي يقوم بها الإنسان من غير أن يقومَ بالدّراسة الشاملة.

 

ومن هذه الأسباب استخدام الأساليب الزراعية الخاطئة من الحراثة العميقة للتربة، وعدم زراعة مصدات الرياح، واستخدام الأسمدة بشكل غير مدروس، وقد يعمد الإنسان لزراعة محصول واحد على الدوام، ممّا يؤدي لقلة خصوبة التربة، فالطبيعة فيها الكثير من الخيرات والموارد وحين يتعامل الإنسان مع هذه الموارد بشكل جائر ويستنزفها بوحشية، كاستخدام المياه الجوفية من غير إرشاد والرعي الجائر وتلويثه للمياه الجوفية والسطحية كل هذا يؤدي إلى التصحر.

و بما أن التصحر يعدّ مشكلة متفاقمة وبازدياد، فكان لا بُدّ من العمل على الحد من هذه الظاهرة، فمن الحلول المطروحة لحلّ هذه المشكلة الحفاظُ على الغطاء النباتي، وذلك بتنظيم عملية قطع أشجار الغابة، ومكافحة الحرائق ونشر الوعي بهذا الخصوص، والعمل على استبدال الطاقات المتجدّدة كالطاقة الشمسية بدلًا من استخدام الأخشاب، وتنظيم عملية الرعي بحيث يمنع الرعي ببعض المناطق ريثما يُسترد الغطاء النباتي بهذا المكان، ورعي الحيوانات التي تُربى من أجل اللحوم في حظائر ثابتة، وترشيد استخدام مياه الرّي واستخدام السماد، وبذلك يمكن الإسهام في صَون الطبيعة حيويّةً وصحيّة.

 
 
 
 

مراحل التصحر

 

تصف النقاط التالية المراحل التدريجية لحدوث التصحر:

 

• التصحر المتأرجح في الكثافة: إنه يمثل بداية التصحر ، لذلك تظهر بعض علامات تدهور التربة ، وانخفاض طفيف في كمية الإنتاج النباتي.

 

• التصحر متوسط الخطورة: يبدأ التصحر الأولي بالتطور بمساعدة عوامل مناخية مضطربة ، حيث يتناقص الغطاء النباتي تدريجياً ، وبالتالي ينكمش حجم المحصول الزراعي بنسبة تصل إلى 25٪ ، بسبب تآكل التربة وارتفاع نسبة الملح فيه. هذه المرحلة تشكل خطرا حقيقيا يجب مراعاته للحد من تفاقمها.

 

• التصحر شديد الكثافة: يتم هدر التربة ، ويزيد ملوحتها بمعدل مرتفع ، مما يصعب زراعتها ، وينخفض الإنتاج الزراعي بمقدار النصف ، ناهيك عن الأصناف النباتية الضارة التي تحل محل النباتات المفيدة ، تصحيحها وإعادتها إلى النصاب القانوني في هذه المرحلة ، إذا تم اعتماد وسيلة لاستصلاح الأراضي.

 

• التصحر شديد للغاية: تآكلت التربة وظهرت طبقة الصخور تحتها ، أو تحولت إلى كثبان رملية خالية من جميع أشكال الحياة النباتية ، وفي هذه الحالة يبدو من الصعب ومكلف للغاية استعادة.

شهدت الأرض على مرّ التاريخ تغيُرات و تدهورات نتيجة عوامل طبيعية طرأت عليها، ولكن نتيجةً لزيادة عدد السكان والتمدن والتعدين والثورات الصناعية ونظم الريّ والزراعة غير المسؤولة مع الرعي الجائر، أدّت تلك العوامل جميعها إلى تسارع وتيرة تدهور الأرض إلى 30-35 ضعف المعدل التاريخي لذلك وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، ويلعب تغير المناخ دورًا هامًا أيضًا في حدوث التصحر، فمع ارتفاع درجات الحرارة في العالم يزيد خطر الجفاف، مما يؤدي إلى تعرية التربة وفقدان الأرض لقدرتها بالاحتفاظ بالمياه وإعادة نمو النباتات فيها، ويقطُن تلك الأراضي الجافة المعرّضة لمخاطر التصحر حوالي 2 مليار شخص وتشكل ما نسبته 40% من مساحة سطح الأرض، وقد تؤدي هذه المخاطر إلى نزوح نحو 50 مليون شخص من تلك الأراضي بحلول عام 2030.

 
 
 

يعتمد الناس على الغطاء النباتي في الغذاء، وحدوث هذه الظاهرة قد يجبرهم على الانتقال إلى أرضٍ جديدة وذلك من خلال هجرتهم إلى موقع آخر حيث لا يزال الغطاء النباتي مدعومًا؛ لتغذية مواشيهم وتدفئة منازلهم، بسبب أن الأرض لم تعُد قادرة على دعم الحياة النباتية، حينها ستكون حياتهم أكثر صعوبة، وللابتعاد عن المناطق الأكثر دفئًا حيث يكون التصحّر، وأكثر احتمالًا أن تكون أقرب من المناطق القطبية للعثور على أرض صالحة للسكن وخصبة.

ينتج التصحّر من الإدارة غير المستدامة للأراضي والتربة، وتكون المحافظة عليها هي الأولويّة لحل هذه المشكلة؛ ولذلك تمّ ابتكار عدد من الحلول التي تتراوح من تغيّرات بسيطة، منها كيفية قيام الناس بزراعة المحاصيل، إلى بعض التقنيات التي قد تساعد في تخفيف عواقبها في الأراضي جميعها.