العمل

إنّ للعمل قيمةً عظيمة في الأزمان والأمكنة كافّة، فمنذ أن نشأ الإنسان بدأ يعمل لإشباع حاجاته الأساسيّة كالمسكن والملبس والمأكل والمشرب، إلا أنّه وبِالوقت الحاضر بالإضافة إلى إشباع تلك الحاجات، أثّر العمل أيضًا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، فأنعش السوق الاقتصادي في كل دولة، كما أنه وفرت العدالة والسلم والإجتماعيين، وبالتالي فإن الدول التي وفرت فرص عمل لأفرادها ووضعت قواعد تحكم هذا العمل في تقدم ملحوظ يشهده العالم بأكمله، لذلك تتتجلى قيمة العمل بشكل واضح في حياة الأفراد والدولة، ولذلك سيتم توضيح أهمية العمل في الإسلام، ونظرة الصحابة للعمل، وقانون العمل السعودي، وتأثيره على اقتصاد المملكة.

أهمية العمل في الإسلام

إنّ العمل في الإسلام هو السلاح الرئيسي لمحاربة ظاهرة الفقر، ويعد العمل من الوسائل المهمة لازدهار الدولة وتقدمها، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}، وجعل الله تعالى طلب الرزق وسيلة لأن يشبع الأفراد حاجاتهم والإستغناء عن الناس، وجاءت أحاديث كثيرة عن النبي -صلّ الله عليه وسلم- وحثّ بها على السعي لطلب الرزق كالعمل في التجارة، كقوله -صلّى الله عليه وسلم-: “التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مع النَّبيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهداءِ”، ودعا الرسول -صلّى الله عليه وسلم-: “ما من مسلمٍ يزرعُ زرعًا أو يغرسُ غرسًا فيأْكلُ منْهُ إنسانٌ أو طيرٌ أو بَهيمةٌ إلَّا كانَ لَهُ بِهِ صدقةٌ”.

وحثّ الرسول -صلّى الله عليه وسلم- على احتراف الصناعات: “مَن باتَ كالًّا مِن عملِه باتَ مغفورًا لهُ”، ويعدّ العمل للإنسان وظيفة للعقل والبدن، فيجب على الإنسان أن يتفكر في عقله، وأن يحرك جميع أعضاء جسده، ومن ذلك تظهر أهمية العمل في حياة الإنسان؛ لأنّ العمل هو السبيل الوحيد لتحصيل الرزق من الاستمرار على قيد الحياة، ويجب على الإنسان أن يعمل متضامنًا مع جميع أفراد المجتمع، وأن يبحثو عن جميل الأعمال التي تفتقد بلادهم ويبدعوا بها.

نظرة الصحابة إلى العمل

النّاظر في جيل الصحابة يرى الفارق الكبير بين نظرة الصحابة إلى العمل، وبين نظرة الأجيال إليه في الوقت الحاضر، حيث كان الصحابة يسعون إلى تنفيذ أوامر الله -عزّ وجلّ- ونبيّه محمد -صلّى الله عليه وسلم- مهما كلفهم الأمر، فإن الصحابة كانوا يتماشون مع مبدأ سامي وهو مبدأ السماع والطاعة، قال تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ}، وكان الصحابة يعملون قديمًا في مجالات الحياة كافّة، كالرّعي والزراعة والصّيد.

وكانوا يعملون بكلّ أمانة وإخلاص، أي مثل الجنود في ميدان المعركة، بل الجنود في ساحة العدو، ينتظرون أوامرهم من قائد المعركة ليوضح لهم كيف يتحركوا؛ لأنهم لا يستطيعون التحرك دون هذه الأوامر، يخشون أن يقعوا في مهلكة، أو أن تصيبهم مصيبة من مصائب الزمان والمكان، وبالتالي يجب على الإنسان أن يسعى إلى طلب الرزق، فكل إنسان مأمور بالعمل، وعليه أن يمتثل لهذه الأوامر.

قانون العمل السعودي

إن قانون العمل السعودي يسمّى أيضًا بنظام العمل السعودي، وتعتبر قواعد قانون العمل السعودي من القواعد التي تتمتع بالواقعية، ومعنى ذلك لا بُدّ أن يتكيف هذا القانون مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية لأطراف العلاقة التي يحكمها، وبالتالي فإن قانون العمل السعودي من الممكن تعديله وتغييره كلّما تغيرت ظروف المملكة السعودية، فالقانون هو مرآة المجتمع يتغيّر بتغير الظروف، وهذه الصفة تتجلى بفروع القانون كافّة، ولكنّها تظهر بشكلٍ واضح في قواعد قانون العمل السعودي؛ وذلك لأن هذه القواعد وجدت أصلًا لرعاية مصالح العمل.

لذلك لا بُدّ أن يتميز قانون العمل السعودي بالواقعية حتى يتكيف مع ظروف الواقع المختلفة، وحتى يستطيع أن يقترب قدر الإمكان من كل فئة من فئات العمال، وعليه فإن قواعد قانون العمل السعودي تختلف بحسب اختلاف سن العامل أو جنسه، حيث أن ظروف الرجل العامل تختلف عن ظروف المرأة العاملة، وتتدخل المشرع في تحديد بعض الأحكام في قانون العمل وجعلها ملزمة لصاحب العمل، كتحديد الحد الأدنى للأجور، والحد الأقصى لساعات العمل، وبالتالي فإن قواعد قانون العمل تناسب الأوضاع الواقعية التي تتلائم مع الظروف المحيطة.

تأثير قانون العمل السعودي على اقتصاد المملكة

لقد أثّر قانون العمل السعودي على اقتصاد المملكة العربية السعودية بشكلٍ ملحوظ، فهناك صلة قوية بين قانون العمل وعلم الاقتصاد، حيث يعد العمل أكثر الظواهر التي تؤثر على اقتصاد السوق في الدولة، وأيضًا هو حلٌّ جذريٌّ لأهم مشكلة قد تؤثر في الدولة، ألا وهي مشكلة البطالة، وبطبيعة الحال إن مشكلة البطالة من المشكلات القديمة والمعاصرة، وتؤثر على الدولة بشكلٍ كبير، حيث أكّدت الدراسات العلمية أن الدول التي تنتشر بها الجرائم بشكل كبير نتيجة إلى انتشاروتفاقم مشكلة البطالة بها.

وتعرّف البطالة على أنّها: “ظاهرة اختلال في سوق العمل، بحيث لا يتمكّن جزء من أفراد الدولة من الحصول على عمل منتج، على الرغم من قدرتهم على العمل”، وعليه فإنّ خلق فرص عمل للأفراد تجعلهم يبذلون كافة طاقاتهم الجسدية والفكرية والإبداعية بالعمل، مما يُجنبهم القيام بأي فعل غير مقبول منطقيًا، لذلك حد قانون العمل من ظاهرة البطالة بالعديد من الأمور، كتحديد حد معين لساعات عمل العامل، وإعطائه حقًا في الراحة ضمن أوقات عمله، أيضًا تحديد الحد الأدنى للأجور، والسن القانوني الذي يسمح فيه بتشغيل العمال.

وش اسوي