وش اسوي : كيف تنسجمي مع الحياة

شإن تمعّنت في الأمر قليلاً، ستجد أنَّ الهدف من ذلك هو كَسبُ أكبر عددٍ ممكن من المُشاهداتِ والإعجاباتِ، لا أكثر.
إذاً ما الذي تحتاجه لمعرفة ذلك؟ حسناً؛ يتعيَّن عليك أن تبحث عن أشخاصٍ درسوا عادات وأسرار أنجحَ النَّاجحين في العالم؛ بما في ذلك أصحاب المليارات من أمثال وارن بافيت وبراين تريسي. أشخاصٌ دققوا في البحوث العلمية التي استندت عليها أُمَّهاتُ الكتب التي تتحدث عن تكوين العادات، مثل كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية”، أو كتاب “قوة العادة”.
ولكي نوفر عليك كل هذا الجهد، نُقدم إليك في قادم السطور ما يُجيبُ عن ذلك السؤال وأكثر.
كيف تنسجم مع الحياة؟
1. أدرك أنَّ الفشلَ لا يعني نهايةَ العالم:
هل سبق وأن سمعت منطقاً أكثر حماقةً من هذا: “إذا لن أقدر لاحقاً على القيام بمئة تمرين ضغط، فما الفائدة من أن أبدأ التمرين على ذلك؟” أو “سأترك ممارسة التمرينات الرياضيَّة؛ فقد ضعفت وأكلت بعض الشوكولا”. هل من المنطقي أن نتخلّى عن مهمةٍ بأكملها، بسبب خطأ واحدٍ فقط؟!
سامح نفسك، ولا تدع هوسك بالكمال يمنعك من أن تبدأ أو تمضيَ في الاتجاه الصحيح. واعلم بأنَّك لست مُضطراً إلى البدء بخطواتٍ كبيرة؛ إذ من الصَّعب على أي أحدٍ القيام بذلك.
عندما تبدأ من الصفر في أيّ أمرٍ تقوم به، فلن تبدأ بدايةً مثاليَّة؛ لذا لا بأس حتى وإن قمت بما يأتي:
لم تلتزم بنظامك الغذائيَّ بين الفينة والأخرى.
فَوَّتَّ على نفسك تمريناً أو أكثر.
انشغلتَ عن القيام بمهمَّة مؤجلة.
كُلُّ ما يهمّ في الأمر هو أن تتحسن ببطء، وتتحرك في الاتجاه الصحيح. فإذا كنت تتحسن بنسبة 1٪ فقط كل أسبوع، على مدى 5 إلى 10 سنوات، فستحقق نتائج مُذهلة على المدى الطَّويل.
2. حدد لنفسك خطواتٍ صغيرة:
مثلما مهدنا في الفقرة السابقة، يتحتَّم عليك البدء بخطواتٍ صغيرة توصلك إلى هدفك. فبدلاً من وضع بعض الأهداف الخاطئة مثل الوصول إلى 15 ساعة من التأمل، ضع هدفاً يتمثّل بالتأمّل لمدة دقيقتين فقط عند استيقاظك.
المذهل في هذا الأمر هو أنَّ الالتزام يبدو ضئيلاً بدرجةٍ مُستَغرَبَة قد تدفعكَ لأن تسخرَ منه، وتُقرّر بأنَّه لا يستأهل القيام به؛ لكن هنا مكمنُ الجمال فيه، فهو يدفعك إلى العمل ويُغرِيكَ بالقيام بالمزيد، عوضاً عن الاستسلام والتَّوقف.
يجب أن تضع حدَّاً صحيَّاً كيلا تُجهد نفسك. كما يتعيَّن عليك أن تعيَ ما يمكنك التعامل معه؛ كي تضع لنفسك جدولاً زمنياً على المدى القصير، وتحافظَ على استمراريتك فيه على المدى الطويل.
3. كن سلحفاةً، لا أرنباً:
لقد برمَجَ المُجتمع الحديث غالبيَّة النَّاس على إنجاز الأمور بسرعة. لذا تجدهم:
يريدون الثراء بسرعة.
يريدون الحصول على شكل الجسم المُناسب بسرعة.
يريدون كلّ شيءٍ بسرعة.
لقد وصل أنجحُ الناجحين إلى ما وصلوا إليه ببطءٍ شديد، وكانوا أكثر من مستعدين لأن يصبروا. المشكلة في السرعة هي أنَّها تُدَمِّرُ قدرتك في الاستمرار بما تقوم به. فمثلاً: سيخبرك أيّ خبير لياقةٍ بدنيّةٍ أنَّه من الأفضل أن تضع لنفسكَ تمريناً ثابتاً لمدة 30 دقيقة يومياً وعلى مدى شهرٍ كامل، بدلاً من روتينٍ مُكثَّفٍ ومتقطعٍ مدته ساعتين في اليوم. من الأفضل التحلّي بالصبر، مع تحقيق مكاسب بطيئة ومتسقة، بدلاً من التدريبات المتقطّعة والمكثّفة لمدة أسبوعٍ أو شهرين.
يُخبرنا خبراء التمويل الشخصي نفس الشيء عن المال. وإذا قرأت جميع الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع، فستجدها هي نفسها: يمكنك تحقيق المزيد والمزيد بمرور الوقت؛ إذا تحلَّيتَ بالصَّبرِ وتقدمت ببطءٍ للأمام. لذا فكر على المدى الطويل، وليس على المدى القصير.
4. حافظ على قوَّة إرادتك وتخلّص من المُشتِّتات:
بَيَّنت الدراسات أنَّنا نمتلك قدراً محدوداً من قوة الإرادة التي نستهلك منها يومياً، وأي إغراء نتعرّض إليه، أو قرارات صعبة نتخذها، من شأنها أن تستنزف منها. فحتَّى أمرٌ بسيطٌ مثل مقاومة رائحة البسكويت، يمكن أن يؤثر على قدرتك الإدراكيَّة. من الضروري أن تعيَ ذلك للتعامل مع قوة إرادتك بنجاح، فقد ثَبُتَ أنَّ قوة الإرادة أشبهَ بعضلة يمكن تنميتها بمرور الوقت.
لذا تخلص من العقبات غير الضرورية، كأن تُجَهِّزَ ملابسك في الليلة التي تسبِقُ ذهابك إلى العمل، كيلا تحتارَ بخصوص ما تُريد ارتداءه صباحاً.
5. أَخضِعْ نفسك للمساءلة:
أوكل أمرَ مساءلتكَ إلى شخصٍ تثق به، أو مجموعة أشخاصٍ موثوقين. واطلب منهم أن يتأكّدوا أسبوعياً من مدى التزامك بتعهداتك؛ فوجود شخص تحترمه ولا تريد أن تخذله، يُضِيف مزيداً من المسؤولية تجاه الالتزام بذلك.
يوجد طريقة رائعة لمحاسبة نفسك، وهي استخدام العواقب السلبية في سبيل الحفاظ على التزامك. فمثلاً، يتبرع بعض الناس بمبلغٍ كبير من المال إلى الجمعيات الخيرية، إن هم فشلوا في الإيفاء بالتزاماتهم.
6. اتخذ قراراً واعياً والتزم به:
افعل هذا، وأخبر الآخرين عنه. الهدف من هذا الأمر هو التأكيد على أنَّك قد التزمت به. لكن بالنِّسبة للأهداف الشخصية، فقد لا يُفيدك الإعلان عن أهدافك؛ إذ قد يُثنيك الأشخاص غير الناجحين عن طريق إسدائكَ نصيحة سيئة، أو نُصْحِكَ بالتخلّي عن هدفك؛ حتى عندما تنجح.
ليست الغاية من هذا هو عرض هدفك على النَّاس، وإنَّما الحرص على أن تلتزم به. يمكنك بدلاً من ذلك كتابة أهدافك في يومياتك، إن رأيت أنَّ هذا يخدمك بصورةٍ أفضل.
7. لا تدع المُستقبلَ يطغى على كاملِ تفكيرك:
تحدث المؤلف ديفيد آلان في كتابه “كيف تُنجز جميع المهام”، عن فكرةٍ مهمَّة جداً. حيث قال بأنَّه خلال 15 عاماً من العمل مع العملاء، وجد أنَّ أذكى الأشخاص غالباً ما وقعوا في فخ المماطلة. لماذا؟ لأنَّ الأشخاص الأذكياء يميلون إلى قضاء مزيدٍ من الوقت في تخيّل كيف سيكون حالهم في المستقبل، لذا يسمحون للنتائج التي يتعيّن عليهم تحقيقها والعقبات التي تواجههم بأن تستهلك كامل تفكيرهم؛ وهو ما يجعلهم يرهبون طريقة التفكير تلك ويخضعون إليها خضوعاً كاملاً.
وعلى عكس الأذكياء، لا يُفكر الناس البسطاء في المستقبل؛ لذا يمضون قدماً، غير آبهين -أو مدركين- بالعقبات التي تنتظرهم.
في حين أنَّنا لا نعلم إن كان ذلك صحيحاً دوماً، لكنَّنا على ثقةٍ بأنَّ الإفراط في التفكير بالمستقبل قد يعوقك عن إتمام مهامك الحالية. رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. فإذا وجدت نفسك تفكر كثيراً في المستقبل، توقف. وركز على خطوتك التالية.
ضع لنفسك أهدافاً جنونيَّةً وكبيرة؛ لكن لا تُمضي وقتاً طويلاً في التفكير في كيفية الوصول إلى هذه الأهداف. وبدلاً من التفكير في كيفية تسلّق هذا الجبل الضخم، ركز على الخطوة التي تخطوها الآن، ثم التي تليها. وعوضاً عن التفكير في طريقة إنشاء شركة كبيرة، فكر كيف تحصلُ على أول زبون لك. وقِس على ذلك.
8. تحرك بالاستناد إلى مرحلةٍ زمنيّةٍ تبدأ من 90 يوماً على أقل تقدير:
شاعَ بين الناس اعتقادٌ خاطئٌ مفاده بأنَّ الأمر يستغرق عادةً بين 20 إلى 90 يوماً لتكوين العادات. فحسب ما أظهرته دراسةٌ أجرتها جامعة لندن: يستغرق الأمر 66 يوماً “في المتوسط” لتكوين عادةٍ معيّنة.
نقطة الخلاف هنا هي عبارة “في المتوسط”؛ فقد أخذ الناس هذه العبارة وطبقوها على أمورٍ سهلة لا تتطلب كُلَّ هذه المُدَّة. بينما واجه آخرون صعوبةً في وضعِ روتينٍ يوميٍ للقيام بالتَّمرينات الرياضية، حتى بعد 254 يوماً.
هذه الدراسة التي استند إليها الجميع في مدة تكوين العادات، وهي ليست بالدِّراسة الأفضل في هذا الصّدد؛ لأنَّها أُجرِيَت على عينة صغيرة من 96 شخصاً فقط
لا يجب أن تستنتج الكثير عن جميع أنواع العادات من هذه الدراسة وحدها. في الواقع، توصّلت دراساتٌ أخرى إلى أنَّ العادات الصعبة تستغرق وقتاً أطول لكي تتكون (أكثر من 254 يوماً في بعض الحالات).
لهذا السبب، ضع خططك لتكوين العادات على أساس 90 يوماً على الأقل، واجعل هذه المدة أطول؛ إذا كانت هذه العادة صعبة للغاية. فمثلاً، تستطيع أن تبدأ بممارسة التَّمرينات الرياضية لخمس دقائق في اليوم الواحد، لفترةٍ تصل إلى 90 يوماً؛ لكن ليس لمدة 90 دقيقة يومياً، فهذا سيتسبب بإنهاكك حتماً. وبمجرد أن تُكوِّنَ عادة التَّمرين لمدة خمس دقائق يومياً، زِدْ هذه المدة تدريجياً، واعمل على بناء الزَّخم للاستمرار والقيام بالمزيد من التَّمرين.
وش اسوي