مصور يلتزم بتصوير وتوثيق آخر 10 سنوات من حياة والديه مع بعضهما، والنتيجة صورٌ محطمةٌ للأفئدة تمنح الناظر لمحة عن صمود الحب في وجه الزمن
تمنحنا سلسلة الصور هذه، التي التقطها المصور لآخر عقد قضاه مع والديه، لمحة حميمية على تفاني زوجين مخلصين لبعضهما في إظهار الحب لبعضهما البعض خلال سنوات حياتهما الأخيرة.
التقط الفنان والمصور المحترف (بادي سامرفيلد) سلسلة من الصور لوالديه المسنّين خلال عشرة سنوات كاملة من حياتهم مع بعضهم [كان قد عاش هذه السنوات العشر الأخيرة معهما بشكل دائم]، ومع قرب نهاية زواجها الذي دام 60 سنة؛ تطور لدى والدته مرض الزهايمر، فتقلد والده على الفور دور الشخص الذي سيعتني بها.
جمع المصور كل تلك الصور في موضوع فني عاطفي دعاه «أمي وأبي»، وتظهر هذه الصور الكاسرة للعواطف تفاني والديه وإخلاصهما لبعضهما البعض، وتمنح الناظر رؤية داخل حبهما الصامد، وفقدانهما لبعضهما البعض في نهاية المطاف.
كانت النتيجة النهائية صوراً تحطم القلوب، لا ننصح ذوي القلوب الضعيفة ومفرطي الحساسية بمشاهدة هذه الصور:
يخبرنا (سامرفيلد) أنه عاش برفقة والديه في شمال (أوكسفورد) في إنجلترا، خلال معظم الصور التي التقطها.

كانت الحديقة في الباحة الخلفية للمنزل حيث قضى والدا المصور الكثير من وقتهما.

التقطت معظم الصور من نقطة بعيدة من نافذة في الطابق الثاني تطل على الحديقة.

يقول (بادي سامرفيلد): ”لقد كنت أعيش في نفس المنزل مع والديّ“.

كان والد (سامرفيلد) هو من كان يعتني بالحديقة المنزلية.

كانت أعمال البستنة خاصته واحدة من أكثر النشاطات شيوعا التي تظهرها سلسة الصور هذه.

يقول (سامرفيلد): ”كان والدي يقرأ ويكتب في الحديقة، وكان هو ووالدتي يتناولان طعامهما في الخارج، كان والدي يزرع الأزهار التي تقطفها والدتي لاحقاً“.

ويستطرد قائلا: ”لم تكن هناك من حاجة للسفر إلى أماكن غريبة، كنت لأطل من النافذة والتقط الصور في أية لحظة تقريباً“

يقول (سامرفيلد) أنه كان يلتقط الصور لوالديه خلال حياته كلها تقريباً.

كان في البادئ يرغب في طباعتها على شكل مجموعة ويضعها في ألبوم لمنحها إياهما على شكل هدية في عيد الميلاد.

ثم شجعه صديق مقرب على تحويل تلك الصور إلى موضوع فني.

من سنة 1997 إلى غاية سنة 2007؛ التقط (سامرفيلد) آلاف الصور لوالديه.

قال أنه كان يعلم جيدا أنه سيستمر في تصويرهما طالما بقيا على قيد الحياة.

تعين عليه في نهاية المطاف اختيار صور معينة من أجل سلسلة صوره هذه.

كان يبحث عن الصور التي تضمنت نوعاً من الشاعرية فيها.

كما رغب كذلك من الصور أن تخبر عن علاقة والديه الحقيقية.

يقول (سامرفيلد): ”إن الأمر تراكمي، فكل صورة على حدى لا يمكنها أن تخبر القصة كاملة، لكنها مع بعضها البعض تفعل ذلك“.

وأضاف: ”إنها رواية مصورة“.

قال (سامرفيلد) كذلك أنه اختار الصور الملتقطة من بعيد.

لقد التقط صور والديه من الخلف حتى: ”يصبحان والديّ كل شخص ينظر إليهما“.

تضمنت هذه السلسلة 83 صورة فوتوغرافية.

لكن مازال يوجد هناك آلاف الصور التي التقطها خلال مدة العشر سنوات تلك، والتي لم يرها أحد بعد.

يقول (سامرفيلد): ”مازال هناك عمل كبير جدا لم يُشاهَد بعد“.

يقول (سامرفيلد) أنه عندما يكون والديك متقدمان في السن، فإن اللحظات التي تحظى بها معهما تكون ثمينة جداً.

قال بأنه ركز على إنشاء كل صورة على حدى حتى يسهر على جودتها.

يقول (سامرفيلد): ”يجعلك هذا الأمر تنغمس فيه، ويمثّل مصدر إلهاء لك لكل ما يحدث من أمور من حولك“.

وأضاف: ”لقد ساعدني على البقاء مشغولاً، لألتقط الصور بشغف“.

بقي والدا (سامرفيلد) متزوجين لمدة 60 سنة.

لقد كانا حبيبين منذ الطفولة تقريباً.

كانت والدة (سامرفيلد) تشاهد والده في الغالب وهو يقوم بأعمال البستنة وتنظر إليه بنظرات حبّ من داخل المنزل.

يقول (سامرفيلد): ”كانت أمي تشاهده من خلال نافذة المطبخ [وقالت] بأنها لم تتمكن قط من مشاهدته وهو يعمل، بل كانت إما تشاهده وهو واقف ينظر بإعجاب لما قد أنجزه لتوه، أو يفكر فيما قد يقوم به لاحقاً“.

قال (سامرفيلد) أن والديه كانا متفهمين لمشروع ابنهما.

بعد كل شيء، كان ابنهما يلتقط لهما الصور بشكل متكرر.

غير أن والده استاء منه في أحد الأيام.

انزعج والده منه لأنه كان يستغرق وقتاً طويلاً من أجل التقاط الصورة التي يرغب فيها.

غير أنه لمعظم الأوقات، كان والدا (سامرفيلد) صبورين جدا لواقع كونهما موضوع التقاط الصور عبر السنوات.

التقطت معظم سلسلة الصور هذه في منزلهما في (أوكسفورد).

غير أنها تتضمن كذلك مشاهداً من عطل العائلة التي تقضيها في شمال الويلز.

كان الوالدان يقيمان في نفس البيت الريفي كلما سافرا في عطلة إلى شمال الويلز.

ظلا يصطافان في نفس البيت الريفي على مر خمسين سنة.

لقد كانت بيئة جميلة ورائعة.

يقول (سامرفيلد): ”لطالما كانت الويلز بيئة هادئة ومعروفة لديهما“.

كانا يقضيان وقتهما يستمتعان بالنظر إلى البحر أو يتمشيان على الشاطئ بجانب بعضهما.

في مرحلة ما خلال مشروع (سامرفيلد)، تطور لدى والدته مرض الزهايمر.

لقد تأزم وضعها بفعل فقدانها لذاكرتها.

أصبحت كذلك معتمدة بشكل كامل على زوجها.

يقول (سامرفيلد) أن مرض والدته أرعبها كثيراً.

لقد أخبرته في إحدى المرات: ”لم يعد العالم يبدو مثلما كان عليه في السابق“.

قال (سامرفيلد) أنه كان من الصعب جدا على والدته مناقشة معاناتها مع المرض أو حتى الحديث عنها.

قال بأنه كان يشاهد برامج الأطفال التلفزيوينة مع والدته من أجل الرفع من معنوياتها والترويح عنها قليلاً.

أي شيء من شأنه جعلها تضحك، من نكت أو ما شابه.

تماما مثلما اعتاد عليه في منزل العائلة في (أوكسفورد)؛ بقي (سامرفيلد) يحافظ على البعد بينه وبين والديه لدى التقاط الصور لهما في شمال الويلز.

تقع الصور التي التقطها في شمال الويلز في منتصف سلسلة الصور هذه، فهي تشكل فاصلا بين مجموعتي الصور التي التقطها في منزل العائلة في (أوكسفورد).

يظهر غراب في عدة صور التقطها.

في عدة ثقافات، يعتبر هذا الطائر رمزاً للموت.

كما أنه يشار عليه على أنه رسول في بعض الأحيان.

كما قد يشير الغراب إلى رمز التنبؤ بأحداث ستحصل في المستقبل.


قال (سامرفيلد) أن والده كان المعيل الوحيد لوالدته.

يقول (سامرفيلد): ”اعتنى بها والدي حتى آخر لحظة“.

وأضاف: ”لم يكن يرغب في أية مساعدة من جهتي، في الاعتناء بوالدتي“.

واستطرد: ”كان بإمكاني رؤية الحزن يعتريه، لكنه لم يكن يتحدث عن الأمر“.

في سنة 2000، توفيت والدة (سامرفيلد).

كانت تبلغ من العمر 86 سنة.

استمر (سامرفيلد) في العيش مع والده بعد وفاة والدته.

قال بأنه كان يعتني به في سنوات حياته الأخيرة.

يقول (سامرفيلد): ”لم نكن نتحدث حول مشاعرنا حقاً، كان الأمر كله يتمحور حول روتين الأعمال المنزلية“.

يقول (سامرفيلد) أنه شاهد والده في إحدى المرات في الحديقة بينما كانت أشعة شمس المساء تمر عبر أوراق الأشجار.

يقول (سامرفيلد): ”لقد رفع ذراعه“، واستطرد قائلا: ”هل كان الأمر ترحيبا بالضوء، أم وداعاً؟ بالنسبة لي، شعرت بأن تلك اللحظة كانت روحية حقاً“.

توفي والده في سنة 2008، أي بعد ثمانية سنوات من وفاة زوجته.

يقول (سامرفيلد) بأنه سعيد لأنه خصص وقتاً لتوثيق حياة والديه بالصور.

يقول بأن الأمر بدا له كهدية تمكّن من خلالها من رد الجميل لهما.

يقول (سامرفيلد): ”تحوّل صوري حبهما وعنايتهما ببعضهما البعض إلى شيء يتحدى الزمن“.
