التدريب الإلكتروني في ظل جائحة كورونا … بين الضرورة والتطبيق
ألقت جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على شتى مناحي الحياة في شتى بقاع العالم لا سيما التربوية منها، إذ عانت المدارس من الإغلاق التام لمدة تزيد عن ستة أشهر، مما أثر على مدخلات العملية التعليمية التعلمية والذي بدوره انعكس سلباً على جودة مخرجاتها، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى اتباع منحى جديد وإيجاد البدائل والسبل التي من شأنها المحافظة على استمرار العملية التعليمية، فلجأت الحكومات إلى التعليم الإلكتروني كحل مؤقت عن التعليم الوجاهي، ومن هنا برزت الحاجة إلى أهمية تدريب وتنمية قدرات المعلمين والطلاب لتلبية متطلبات التعليم الإلكتروني؛ من أجل صقل خبراتهم في التعامل مع التطبيقات والبرامج الحاسوبية، إذ تلعب برامج تدريب وتنمية المعلمين مهنياً دوراً كبيراً في سد الفجوات المعرفية لدى المعلمين. وفي ظل استحالة الاعتماد على التدريب التقليدي، وتداعيات الحجر الصحي الالزامي الذي فرضته علينا جائحة كورونا، كان لزاماً على القائمين على استمرار المسيرة التعليمية أن يتوجهوا إلى إيجاد وسائل بديلة وفعالة في الوقت ذاته، فظهر التدريب الإلكتروني كحل بديل لهذه المعضلة.
تتجه العديد من الدول في الآونة الأخيرة إلى التدريب الإلكتروني لتطوير كوادرها التربوية، حيث بإمكان المعلم أن ينخرط في دورة تدريبية كاملة مطعمة بالفيديو وبالصور والوسائل الإيضاحية، يتلوها اختبار في نهاية الدورة لمعرفة مدى تمكنه من المحتوى التدريبي الذي حصل عليه، وبالتالي يستطيع أن يحصل على شهادة باجتياز تلك الدورة التدريبية (العطار، 2015: 2).
ويمكن القول بأن مفهوم التدريب الإلكتروني يعد الرديف لعدة مفاهيم منها التدريب عن بعد، التدريب الرقمي، التدريب عبر الشبكات، جميعها تعد مترادفات متشابهة لنفس المصطلح الذي أصبح يمثل ضرورة من الضروريات التي فرضتها علينا كوفيد19، وقد كان من النواتج التي تمخضت عن التدريب الإلكتروني وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً لا سيما في ظل هذه الأزمة الراهنة التي يعيشها العالم ظهور مصطلح المعلم الرقمي، إذ كشفت جائحة كورونا وما نتج عنها من ظروف الحجر المنزلي الاجباري عن شغف كبير لدى المعلمين ورغبة شديدة في التعلم والتدريب عن بعد لتلبية متطلبات هذا المصطلح.
وإذ يمثل التدريب الإلكتروني أحد أشكال مواكبة المستجدات التكنولوجية التقنية الراهنة فيما يرتبط بعملية التدريب، حيث أن الاعتماد على الإنترنت في عملية التدريب يسهم في تزايد معدلات إنجاز المتدرب، ويطور من اتجاهاته وشخصيته المهنية (Singer&Greenbowe, 2001 : 525).
كما ونجد أن منصات التدريب الإلكتروني المختلفة تسعى إلى توظيف تقنيات وتطبيقات الحوسبة والشبكة المعلوماتية وغيرها في دعم العملية التدريبية التي تتم في بيئات التدريب التقليدي التي تستند إلى وجود المتدربين في نفس المكان والزمان وبأقل التكاليف وتحقيق أفضل النتائج المرجوة.
ويعرف التدريب الإلكتروني على أنه: “كل الأنشطة والبرامج التدريبية التي تقدم للمعلم من خلال توظيف الوسائل التكنولوجية والمعلوماتية والاتصالية المتاحة، وذلك لتلبية الاحتياجات التدريبية لكل معلم يرغب في التدريب في أي وقت ومن أي مكان وفي أي تخصص، وتتم هذه الأنشطة بصورة منظمة ومخططة مسبقاً، بهدف رفع كفاءة أداء المعلم في مجال عمله” (وهبة، 2011 : 263).
الفرق بين التدريب الإلكتروني والتعليم الإلكتروني
يمكن القول بأن التدريب الإلكتروني ينبثق أساساً من تطبيق تقنية التعلم الإلكتروني في الجوانب التربوية، إذ أنه لا يوجد فرق بينهما من خلال بيئة التعلم الإلكترونية حيث كلاهما يتطلب الأمور الأساسية في أي نظام تعلم إلكتروني وكذلك نظام الفصول الافتراضية وآلية التسجيل والدخول، بينما يتجسد الفرق بشكل واضح وجلي في آلية تطبيق التعليم الإلكتروني على الطلاب أو المتدربين، حيث أن التعليم الإلكتروني مرتبط بمسمى المنشأة التعليمية (المدرسة والجامعة) حيث يوجد مدرسون ويوجد طلاب واختبارات فصلية وحضور مميز وغيرها.
بينما يؤكد (اطميزي، 2007) أن أغلب الأبحاث اعتبرت أن التعليم الإلكتروني والتدريب الإلكتروني شيء واحد، إذ يمكن اعتبار التدريب الإلكتروني جزءا من التعليم الإلكتروني بمفهومه العريض، ولكن التدريب الإلكتروني غالباً ما يقتصر على المؤسسات والشركات التي تدرب موظفيها لترفع من كفاءاتهم المهنية والعلمية.
أهداف التدريب الإلكتروني
وتتمثل أهداف التدريب الإلكتروني في مساعدة المؤسسات لتعديل الطرق التقليدية في تنمية مواردها البشرية وبحيث يتم تهيئة المتدربين لإنتاجية أكبر في مجتمع المعرفة باستخدام التقنيات المعاصرة أثناء التدريب، وإعدادهم لتوظيفها بصورة فعالة في سوق العمل، كما ويهدف التدريب الإلكتروني إلى مواكبة التحديث المتسارع في مناهج التدريب وتصميمها ومحتواها وأساليبها فيتيح فرص مرنة وميسرة للقيام بذلك باستمرار باستخدام البيئات التدريبية الافتراضية (الموسوي، 2010 : 3).
مبررات التدريب الإلكتروني
ولعل من أهم مبررات التدريب الإلكتروني ظروف الحجر المنزلي التي فرضتها علينا جائحة كورونا، فقد وجد المعلم نفسه أمام أوقات الفراغ الطويلة التي كان لا بد وأن يستثمر ساعاتها الاستثمار الأمثل في عمليات التعلم المستمر وتطوير الذات، لا سيما في ظل توفر شبكات الإنترنت وأجهزة الهواتف الذكية؛ التي سهلت الانفتاح على العالم والحصول على المعلومات.
كما ونجد أن متغيرات العصر الحالي فرضت على المعلم الحاجة إلى تطوير المعلم لذاته في البرمجيات الخاصة بالتعامل مع الحاسوب لتلبية متطلبات التعلم الإلكتروني، والتمكن من استخدام الأدوات والتقنيات الحديثة لكي يتمكن المعلم من إيصال المعلومة على أكمل وجه وتحقيق تواصل فعال بينه وبين الطلاب من خلال بيئة إلكترونية جاذبة.
ومن المبررات الأخرى التي يمكن إضافتها:
- التطور المعرفي والتقدم التقني وضرورة مواكبته بإعداد وتهيئة الأفراد للتعامل مع متطلبات العولمة من خلال التعلم المستمر مدى الحياة.
- تقدم الاتصال وسرعة نقل المعلومات والتطور في التقنيات الرقمية وضرورة إدماجها في عمليات التدريب.
- الزيادة الكبيرة في أعداد المتدربين الراغبين في التدريب مما يجعل المؤسسات التدريبية عاجزة عن توفير التدريب لهذه الأعداد.
- الحاجة إلى السرعة في الحصول على المعلومات ومعالجتها.
- الحاجة إلى المهارة والإتقان في أداء الأعمال وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات (المطيري، 2012 : 28-29).
أنواع التدريب الإلكتروني
وينقسم التدريب الإلكتروني إلى عدة أنواع أساسية وهي:
- المتزامن: وهو النشاط الذي يتم في الوقت الحقيقي، تحت قيادة المدرب حيث يتواجد هو وجميع المتدربين في نفس الوقت ويتواصلون مباشرةً مع بعضهم البعض.
- اللامتزامن: وفي هذا النوع ليس من الضروري أن يتواجد المدرب والمتدربون بنفس الوقت ولا أن يتواجدوا بنفس المكان.
- التدريب المتمازج أو المدمج: أي الذي يدمج بين التدريب الشبكي والغير شبكي وهو نوع من التدريب الحديث يدمج بين التدريب التقليدي والتدريب الإلكتروني ( اطميزي، 2007 ).
سمات التدريب الإلكتروني
وقد اتسم التدريب الإلكتروني بعدة سمات ميزته عن غيره نذكر منها:
- تعليم عدد كبير من المتدربين دون قيود الزمان والمكان وفي وقت قصير.
- استخدام العديد من مساعدات التعليم والوسائل التعليمية التي قد لا تتوافر لدى العديد من المتعلمين.
- التقييم الفوري والسريع والتعرف على النتائج والأخطاء.
- تشجيع التعلم الذاتي مع مراعاة الفروق الفردية.
- استخدام الفصول الافتراضية كبديل للفصول الواقعية.
- دعم الابتكار والإبداع لدى المتعلمين، والاستعانة بالخبراء النادرين (عبد العزيز، 2008 : 26 -27).
مميزات التدريب الإلكتروني
كما واختص التدريب الإلكتروني في ظل جائحة كورونا بالعديد من المميزات التي كان لها عظيم الأثر في انتشاره في هذه الفترة نذكر منها:
- تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى المتدربين وزيادة الدافعية الذاتية لديهم لمزيد من التعليم.
- انخفاض تكلفة التدريب للمدرب والمتدرب في ظل انتشار المنصات التعليمية وقنوات اليوتيوب.
- التغذية الراجعة الفورية للمتدرب في ظل ملازمة التطبيق للتدريب.
- العالمية من خلال إمكانية نشر المدرب لأعماله بسهولة ويسر في كافة أرجاء العالم دون أدنى تكلفة.
- التحرر من العوائق الجغرافية والزمنية، فالتدريب الإلكتروني يتخطى حدود الزمان والمكان.
- التفاعلية مع محتوى الدورات التدريبية من خلال إرسال التعليقات، وحصول المدرب على تغذية راجعة حول محتوى الدورة التي قام بعرضها على الجمهور.
فوائد التدريب الإلكتروني
ومن أهم الفوائد التي يتمتع بها التدريب الإلكتروني كما يذكرها (إطميزي ، 2007) أنه:
- يتمتع بالمرونة والملاءمة وسهولة وسرعة الوصول للمحتويات والأنشطة بأي وقت وأي مكان مع إمكانية الاختيار بين دورات متوفرة وتتزايد باستمرار.
- يوفر تغذية راجعة فورية عند أداء الواجبات، والامتحانات، والتمارين مع سهولة وسرعة المراجعة، والتحديث، والتحرير، والتوزيع.
- مراعاة الفروق الفردية بين المتدربين ومنها قدرة المتدرب مثلاً أن يدرس بسرعة أو ببطء.
- يقدم تسهيلات وأساليب تعليمية متنوعة تمنع الملل.
- يسهل متابعة المتدربين ولو كانوا كثرا، كما يسهل وصول الآلاف لنفس المصدر في نفس الوقت بخلاف المصادر الورقية.
- الوقت: يوفر ويتيح للمتدرب تنظيم وقته بحيث يجدول تلقيه لدورته بما يتناسب وظروف العمل، والعائلة كما ويتيح له تخطي مواد ونشاطات يعرفها.
- كلفة المال: حيث يخفض تكلفة السفر، والتنقل، والمعيشة، وكذلك يخفض تكلفة الإنتاج، والتوزيع للمواد التدريبية، وتكلفة المكاتب، والمدربين إضافة إلى تقليص تكلفة ضياع وقت العاملين.
- الاتصالات والتفاعل: إمكانية الاتصال والتفاعل الإلكتروني المباشر بين المدرب والمتدربين، وكذلك إتاحة الفرصة للمتدربين التفاعل الفوري إلكترونياً فيما بينهم من خلال وسائل البريد الإلكتروني، ومنتديات النقاش وغرف الحوار ونحوها.
- إمكانية التدرب بأي مكان يتوفر فيه حاسوب وإنترنت.
ويذكر (حسن،2009) جملة من الفوائد الأخرى للتدريب الإلكتروني مثل:
- المتدرب هو المتحكم في العملية التعليمية أما المدرب فيكتفي بتوجيه المتدرب.
- المتدربين مشاركين في العملية التعليمية (تدرب إيجابي).
- يمكن للمتدرب أن يصل للحقيبة التدريبية في الوقت والزمان المناسبين له.
- ينشئ التدريب الإلكتروني علاقة تفاعلية بين المتدربين والمدربين.
- استخدام كل ما هو متاح من وسائل مساعدة واستخدام أنماط تدريب مختلفة.
- تقليل تكلفة التدريب ورفع كفاءة المتدربين.
- يقلل من تكلفة السفر للمتدرب والمدرب.
- يشجع المتدربين على تصفح الإنترنت من خلال استخدام الروابط التشعبية للوصول إلى معلومات إضافية حول موضوع الدرس.
- يطور قدرة المتدرب على استخدام الحاسب والاستفادة من الإنترنت مما يساعده في مهنته المستقبلية.
- يشجع المتدرب على الاعتماد على النفس والوصول إلى مرحلة بناء المعرفة ذاتياً، وزيادة ثقة المتدرب في نفسه.
- يسمح للمدربين بتطوير المادة التدريبية باستخدام المصادر الإلكترونية والإنترنت.
- يسمح للمدربين بالاحتفاظ بسجلات المتدربين والعودة لها في أي وقت ومن أي مكان.
وقد أضاف (توفيق، 2007 : 32 – 35) أن من أهم فوائد التدريب الإلكتروني :
- مراعاة الاختلاف في مستويات سرعة وطرق التعلم.
- تنوع بدائل الاختيار أمام المتدرب.
- دعم وتعزيز دوافع التعلم المستمر.
- التغلب على مشكلات الوقت والمكان والمرونة والمساواة.
متطلبات التدريب الإلكتروني
في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم أجمع، وفي ظل الظروف التي فرضتها علينا جائحة كورونا أصبح التدريب الإلكتروني ضرورةً ملحة للتطوير المهني وهو ما تسعى إليه الحكومات من خلال مشاريعها؛ لتطوير وتدريب المعلمين ومواكبة التقدم التقني مما يجعلنا أمام ضرورة ماسة لمعرفة وتحديد متطلبات التدريب الإلكتروني كي تؤتي عمليات التدريب ثمارها، ولتكون أكثر كفاءة وفاعلية وعصرية في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة.
أولاً: متطلبات بشرية أهمها
- إتقان المتدربين التعامل مع البرامج الحاسوبية والبرمجيات المكتبية مثل برامج أوفيس.
- استخدام المتدربين الإنترنت بشكل جيد.
- إجادة المتدربين التعامل مع البريد الإلكتروني.
- القدرة على تحميل الكتب والبرامج من الإنترنت.
- إجادة المتدربين التعامل مع نظم تشغيل الحاسب الآلي ومشكلاته العرضية.
- وجود فرق عمل فنية متخصصة في الدعم الفني وتقديم المساعدة اللازمة للمتدربين.
- وجود نظام حوافز للمدربين والمتدربين.
ثانياً: المتطلبات الخاصة بالبيئة التدريبية نذكر منها
- وجود شبكة كهرباء مستمرة.
- توفر أجهزة حاسوب ذات مواصفات فنية مقبولة.
- توفر شبكة انترنت ذات سرعات اتصال عالية في التحميل والتنزيل.
- توفر البرامج الخاصة بالتعامل مع المنصات التدريبية، على أن تكون النسخ البرمجية ليست ذات تاريخ محدد للاستخدام.
ثالثاً: متطلبات أكاديمية
- لإصدار شهادات للمتدربين من مؤسسات تعليمية معتمدة.
- الحصول على تراخيص مزاولة التدريب الإلكتروني من الجهات الحكومية المعنية (الدهشان، 2019 : 13).
معوقات التدريب الإلكتروني
وعلى الرغم من الآثار الإيجابية الملحوظة للتدريب الإلكتروني على تنمية المعلمين وتطويرهم مهنياً في فلسطين، وفي ظل ازدهاره وانتشاره لا سيما في ظل جائحة كورونا، فقد ظهرت مجموعة من المعوقات التي واجهت المعلمين وحالت دون تطبيق هذا النوع من التدريب على الوجه الأمثل نذكر منها:
- انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر ولفترات طويلة.
- عدم وجود بنية تحتية مجهزة لأغراض التدريب الإلكتروني.
- انخفاض معدلات الأجور والرواتب تحول دون توفير المعلمين لأجهزة حواسيب ذات مواصفات جيدة.
- السرعات المنخفضة لشركات الإنترنت التي تزود بها المستخدمين، إضافة إلى ارتفاع تكلفتها على المواطن.
- انخفاض مستوى الأمن المعلوماتي عبر شبكات الإنترنت يولد لدى المتدرب الرهبة من التعامل مع بعض البرمجيات والمنصات التعليمية.
- انعدام الحوافز المادية للمدربين والمتدربين.
مبادرات فردية ناجحة في مجال التدريب الإلكتروني في فلسطين
منذ بدء ظهور كوفيد19 سعت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إلى تسخير كافة طاقاتها وإمكانياتها لصقل خبرات المعلمين وتمكينهم في مجال التعليم الإلكتروني، وذلك لتهيئتهم للوصول إلى تحقيق متطلبات المعلم الرقمي، وذلك من خلال الدورات الإلكترونية المختلفة سواء في المحافظات الجنوبية التي اهتمت بتمكين المعلمين في مجال استخدام تطبيقات جوجل Google، أو تلك التي في المحافظات الشمالية والتي ركزت على تطبيقات مايكروسوفت Microsoft Team.
وعلى صعيد آخر فقد أظهرت جائحة كورونا شغفاً كبيراً لدى المعلمين وخاصة في مجال البرمجيات التي يحتاجها التعليم الإلكتروني من أدوات وتطبيقات لتلبية متطلبات المرحلة الراهنة والتي فرضتها علينا هذه الجائحة، فعلى الرغم من الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها معلمو فلسطين لا سيما مشكلة تدني الأجور والرواتب بل ولربما انقطاعها لعدة أِشهر، وعلى الرغم من قتامة المشهد الحياتي في هذه الدولة المحتلة وغياب الحوافز، إلا أن كل هذه الظروف لم تستطع أن تفتأ في عضد المعلم الفلسطيني أو تؤثر على دافعيته نحو الإنجاز، وكعادة المعلم الفلسطيني الذي اتسم دائماً بالمبادأة والمبادرة فقد ظهرت العديد من النماذج الفردية المبادرة في مجال التدريب الإلكتروني، فقد أصبح متدرب الأمس هو مدرب اليوم، من خلال استثماره لكافة وسائل التواصل الاجتماعي، وتحويلها إلى منصات لنشر المعرفة ومحتويات المادة التدريبية.
فهناك من المعلمين من قام بإنشاء قناة خاصة له على يوتيوب تختص بنشر كل ما هو جديد في مجال البرمجيات الحديثة التي يعتمد عليها التعليم الإلكتروني، وأخرى قامت بدعوة نظرائها من المعلمين إلى دورات تدريبية إلكترونية من خلال برامج Zoom و Google Meet، فيما قام أحدهم بإنشاء صفحة متخصصة بنشر فيديوهات في برامج تصميم الدروس على فيس بوك انضم إليها العديد من المعلمين والمتدربين من شتى بقاع العالم، ولم يقتصر التدريب على فئة المعلمين فقط بل وتجاوزه إلى طلبة الجامعات، وأولياء الأمور، وكافة أطياف المجتمع، فقد تجاوزت هذه المبادرات حدود الزمان والمكان.
ومما تجدر الإشارة إليه في كل هذه المبادرات الحديث عن جودة مخرجات عملية التدريب الإلكتروني، ففي كافة هذه الصور نجد أن أهداف التدريب قد تحققت وبصورة مذهلة، إذ يقوم المدرب بعرض إنجازات المتدربين بعد انتهاء الدورة التدريبية، فقد كان لزاماً على كل متدرب تقديم مشروع حتى يتسنى له الحصول على شهادة باجتيازه لهذه الدورة، وقد كان لهذا الفعل الأثر الكبير على تحفيز المتدربين وزيادة دافعيتهم نحو التعلم والإنجاز، فتسابقوا فيما بينهم ليعرض كل منهم أفضل ما لديه، ومما لا شك فيه أن كل هذه النماذج وجودة مخرجاتها تعد مؤشراً إيجابياً على نجاعة عملية التدريب وقدرتها على تحقيق أهدافها لا سيما ترافُق التدريب مع التطبيق الفوري، وأثر التغذية الراجعة الفورية التي يحصل عليها المدرب والمتدرب من خلال تفاعلاتهم وتعليقاتهم لبعضهم البعض، ووضع عمليات الاتصال في هذا النوع من التدريب التي تميزت بأنها متعددة الاتجاهات.
وش اسوي